قصص وعبر

{{… إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ …}} l بقلم المحامي عبدالله الحموي

طُرفةٌ تناقلتها الألسن ذكرني بها تعليقات أحد القراء دأب على “إتحافي” بها إثر قصيدة أنشرها أو مقال متوهماً بأن الحط من كرامة البشر عبر سخرية نضح بها مضمونه واللسان من شأنها أن تحجب عنه ضِعَةً أو ترفع له قدراً وشأن.

وتدور أحداث القصة على متن طائرة مُسافِرة ضَمَّت بينَ رُكابِها نِسراً وحِمار. شَرَعَ الأول خلال الرِحلَة على مُضايقة المُضيفات عَبر رَنِ جَرَسَ الخِدمَة مِراراً وتكراراً دون أن يَبتَغي طَلَب , حَتَى ضاقَ مِنه صدر الطاقَم . أعجبت لُعبَة النِسر الحِمار, فوجد في تقليدها خير سلوى تُبعد عنه ملل سفر طويل , ما فتح باب النهاية على مصراعيه لِصَبرٍ طال, إذ رَفَعَت المضيفات شكايتهن للربان الذي بدورِهِ أمر بِرَميِ الراكبين .

أُلقِيَ النِسر فباهى في إفراد جَناحَيه جَناحَي الطائرة . لكن أثار تعجبه صُراخ الحِمار في استجداء واسترحام المضيفين لعلة عَجزِهِ عن الطيران . هنا التفت النِسر الى الحِمار قائلا: “أيا حمار من لم يُخلق بجناحين ما له والسماجة”؟

نقول لذاك “المُتَثاقف”: إن كنت عاجزاً عن احترام نفسك فهذه مشكلة لا دور لنا بها ولا نُجبَر على تحمل تبعاتِها. اللهم إلا إن كان نجاح غيرك يصيبك بالكمد ويوقظ في نفسك شعوراً متأصلاً بالنقيصة. وإن رأيتَ في تطاولك علينا علواً تسعى اليه فما اعتاد علية القوم أن ينظروا الى موضع أقدامهم . ليتك التزمت بأدب النقد وآداب النقاد عِوَض افراغ سمومك على حصان لا يلتفت لطنين الذباب. لكن غَرَكَ مِنا صَبرٌ عليك طال جعلك تَتَوَهَم في غِيِكَ المُحال حتى تجاسرت على إسقاط عيوبك علينا عبر مخاطبتنا بما أنت فيه من تفاهة قول وأفعال.. وكم رأينا أن نَنأى بأنفسنا عن الانجرار نحو سِجالٍ يليقُ بِكَ دوننا, عبر الصبر على أذيتك والتذكير بأن الحِلم لا يعبر عن ضَعف موقف منا أو حجة. ويا ليتك خصيت المجهود الذي تكبدته وتتكبده بهدف تسفيه شخصنا والآراء في شحذ ذهنك والقلم. لربما صرت حينها من الأدباء والمفكرين , ولأغناك الأمر عن رشق السهام الطائشة ذات اليمين وذات الشمال. لكنه ذيل معوج وطريق فشل اختطته لنفسك فعبدته بالعُقَد وسلكته بالحسد.

إعلم يا هذا بأن تهجم الناعقين هو ألمع مرآة لنجاحنا وإنني حين أوقع “ديواني الشعري” بإذن الله ستنبت الأرض من أمثالك كُثُر ممن تأصلت في نفوسهم الشر حتى كرهوا أن يكونوا من البشر. ومع هذا لن يرف لنا جِفن. فضريبة النجاح شيمتها التجاهل والغض عن أمثالِك البصر. إنعق قدر استطاعتكِ وأنثر من بذور الحقد ما قد يدمر بلد. فما أعاق النعيق قلماً اتخذ النجاح قِبلَتَه تاركاً لك ولإمثالك النواح ولن يحول دون تحليقه ,بإذن الله, قرعُ حاسد لأبواب خاطئة. أما إن غَرَكَ الغُرور وخانك التدبر حتى قادك سوء التفكير الى التشبث بوجبة الشعير, فيَصدُقُ عَليكَ حِينَها قول العَزيزٍ المُقتَدِر : {{…. إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ }}

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى