الأخبار اللبنانية

الراعي افتتح لقاء تجمع الرهبانيات الكاثوليكية في غزير

إفتتح البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لقاء تجمع الرهبانيات النسائية والرجالية الكاثوليكية في لبنان بقداس ترأسه في دير مار الياس للراهبات الانطونيات في غزير، عاونه فيه الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية الاباتي طنوس نعمه، الرئيس العام للرهبانية المريمية المارونية الاباتي بطرس طربيه، الرئيس العام للرهبانية الانطونية الاباتي داود رعيدي، الرئيس العام للمرسلين اللبنانيين الاباتي ايلي ماضي بمشاركة السفير البابوي في لبنان المونسنيور غبريال كاتشيا، المطران حنا علوان، الرؤساء العامين للرهبانيات ورهبان وراهبات من مختلف الطوائف الكاثوليكية.
بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان “كلمة الله نبع الحياة والتجدد الشخصي والجماعي”، قال فيها: “بين الحياة الرهبانية وكلمة الله رباط عضوي: لقد ولدت الحياة الرهبانية من سماع كلمة الله، ومن اتخاذ الانجيل قاعدة لها. فإذا بها تتبع المسيح في العفة والفقر والطاعة، وكأنها بذلك تفسر كلمة الله في الحياة الشخصية والجماعية. وبهذه الصفة هي في دينامية دائمة. تسمع الكلمة وتتجدد في حياتها وتكريسها. ولذلك نقول: كلمة الله نبع الحياة والتجدد الشخصي والجماعي”.

اضاف:”التجدد في الحياة الرهبانية ورسالتها هو من فعل الروح القدس. هذا الروح الذي ألهم الذين كتبوا الاناجيل والكتب المقدسة، هو إياه ينير كلمة الله في الرهبان والرهبانيات وسائر المكرسين والمكرسات بأنوار جديدة، ويبعثها موهبة خاصة لدى المؤسِسين والمؤسِسات. فكانت ولادة الرهبانيات والجمعيات وسائر أنواع الحياة المكرسة في الكنيسة. وكذلك يفعل على مستوى الرهبان والراهبات والمكرَسين والمكرسات، على تنوعهم، فيتكون التقليد الحي للموهبة الخاصة الأصلية. ما يعني أن هذه الموهبة ليست جامدة، بل حية ومتطوِرة ودينامية. وهكذا كلمة الله هي نبع التجدد الشخصي والجماعي”.

وتابع: “الحياة الرهبانية تغتذي وتنمو بقراءة الكتب المقدسة والتأمل في كلمة الله، وبذلك تصبح مدرسة للحياة المسيحية يحتاجها عالم اليوم، ومرجعية للمسيحيين من أجل إحياء حياتهم الروحية”.

وقال: “يعتبر الارشاد الرسولي “رجاء جديد للبنان” الرهبان والراهبات وسائر المكرسين “هداة روحيين حقيقيين يحتاج اليهم الشعب على مثال القديس انطونيوس ابي الرهبان”، ويعتبر الأديار “مواقع نبوية، يبحث فيها المكرسون والمكرسات عن الله، بدون حاجز ولا عائق، فيصبحون مرجعا يعود إليه الجميع، يحملونهم في قلوبهم، ويساعدونهم في البحث عن وجه الله، ومن ناحية أخرى “تصبح الأديار أماكن لقاء على الصعيد المسكوني والحوار بين الاديان”.

اضاف: “ان كلمة الله كنبع للتجدد الشخصي والجماعي تتسع دائرتها ليشمل هذا التجدد الشعب المسيحي وسواه. ذلك أن كلمة الانجيل تدعونا لنعتبر أن كل لحظة من حياتنا هي ذات أهمية، وينبغي أن نعيشها بالتزام، لأن كل واحد وواحدة منا سيؤدي حسابا عن حياته. ويدور هذا الحساب، في ضوء الفصل الخامس والعشرين من انجيل القديس متى، على محبة الاخوة والاخوات في حاجاتهم: “كنت جائعا، عطشانا، غريبا، عريانا، مريضا، محبوسا وساعدتموني”(متى25: 35-36). التكرس في الحياة الرهبانية، القائم على التجرد الكامل من الذات، إنما هو وقف ذواتنا لخدمة هذه المحبة، ولشدِ روابط الاخوة الشاملة، وترميم هذه الاخوة بالالتزام في خدمة المحبة والعدالة والمصالحة والرحمة في المجتمع البشري. إننا بذلك مسؤولون أمام المسيح، سيد التاريخ، عن كلمة الله وتجسيدها أفعالا ومبادرات محبة ورحمة ومصالحة وتضامن”.

وتابع: “إن المؤسسات الرهبانية، مدعوة بأفرادها وجماعاتها لتقرأ، في ضوء كلمة الله، علامات الأزمنة الحاضرة في التاريخ. ليست الحياة الرهبانية لذاتها، ولا المكرسون والمكرسات مكرسين لذواتهم وشؤونهم وهمومهم وتطلعاتهم لكنهم وقفوا ذواتهم على خدمة محبة المسيح والكنيسة لكل انسان ومجتمع من اجل التغيير الى الافضل والاحسن. وهذا عنصر اساسي من الانجلة الجديدة”.

وقال: “ان لنا في الانجيل ثلاثة وجوه تكشف لنا أهمية سماع كلام الله، والانطلاق منه كينبوع للتجدد الشخصي:
بطرس الرسول في الصيد العجيب: بعد ليلة فاشلة من صيد السمك، واللقاء بيسوع عند الصباح على شاطئ بحيرة جناشر، وهو ورفاقه يغسلون الشباك الفارغة إلا من نفايات، أصغى بطرس والجموع الى كلام الرب من على سفينته. وعندما أمره للعودة الى الصيد، أجاب بالرغم من المنطق المخالف: “يا معلم، لقد قضينا الليل كله، ولم نصطد شيئا. ولكن من اجل كلمتك ألقي الشبكة”. ولما فعل أصاب صيدا عجيبا. وإذ عاد الى يسوع تائبا عن شكه، جعله يسوع “صيادا للبشر”.

وتابع: “مريم العذراء ام يسوع كانت تقرأ احداث حياة يسوع وارتباطها بها، في ضوء الكلمة، وهذا ما هيأها لقبول إرادة الله الحلوة والمرة من البشارة إلى الناصرة فإلى الجلجلة. هكذا نقرأ في إنجيل القديس لوقا: “وكانت مريم تحفظ هذه الامور كلها، وتتأملها في قلبها”(لو2: 19 و 51).
مريم أخت لعازر جلست عند قدمي يسوع تسمع كلامه، لتستنير من شخصه وكلامه، وتأخذ منه القوة، قبل البدء بأي عمل(لو 10: 38). وكأنها تقول للذين واللواتي تكرَسوا للسير على خطى المسيح، ساعين إلى المحبة الكاملة، أن يلتزموا “بعدم تفضيل أي شيء على محبة المسيح”(القديس بندكتوس). هذه مريم، بفضل سماع كلام الله قبل كلِ شيء، تجدَدت في الرؤية وقامت بمبادرتين نبويتين: الأولى كلامية والثانية فعلية”.

اضاف: “المبادرة الاولى، عندما رأت يسوع آتيا إلى بيت عنيا ومتجها إلى قبر لعازر، قالت له مرددة قول أختها مرتا في غيابها: “يا رب لو كنت هنا، لما مات اخي”(يو 11: 21 و 32). كانت على يقين من ان يسوع سيقيم أخاها من الموت.
المبادرة الثانية، قبل موت يسوع فاديا على الصليب بستة أيام، “أفرغت قارورة طيب من خالص الناردين الغالي الثمن، ودهنت قدمي يسوع، ونشفتهما بشعرها، وعبق البيت برائحة الطيب”. فشرح يسوع هذه المبادرة النبوية أن هذا الطيب “قد حفظته إلى يوم دفني”(يو 12: 3 و 7).

وختم: “ينتظر من الرهبان والراهبات وسائر المكرسين والمكرسات، وقد اختاروا وقف ذواتهم لتتميم إرادة الله وتحقيق مقاصده في الكنيسة والتاريخ، أن يصغوا باستمرار لكلام الله، وبالتالي أن يأتوا دائما بمبادرات نبوية في حياتهم ورسالتهم ومؤسساتهم، وعندها يواصلون صلاة مريم: “تعظم نفسي الرب، لأن القدير صنع بي العظائم”. آمين.

وبعد القداس، عقدت طاولة مستديرة عن موضوع “كلمة الله”، شارك فيها عدد من الرهبان والراهبات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى