المقالات

اصمُتي يا شهرزاد l المحامي عبدالله الحموي

دخل مَنزِلَهُ بعد أمسٍ ضَجَّ بالشجار. ابتسم في وجه زوجَتِه ابتسامَةً حملت من التودد ما يُخمِدُ البراكين. لكنها, ورغم سرورها بحضوره وشعورها بالأمان, أشاحت بوجهها عنه في إشارة بأن موقفها لم يتبدل. اقترب منها بغية احتضانها كبادرة صُلح لكنها صدته بِعنفٍ قائلة: “اليكَ عني, ما زلت غاضبة مِنك “.
طوقتها ذراعيه بطريقة لم تـفسِح لها مجالاً للهروب قبل أن يهمس في أذنها قائلا: “وأنا ما زِلتُ غاضِباً كذلك لكن لكل غضب , كما الحربُ, هِدنَة. ما رأيك لو يطفيءُ كُلٌ مِنا غَضَبَ الآخر، فنؤجل النِقاشَ الى الصباح”؟؟. قالت وقد فَضَحت عيناه نواياه: ” لا.. لا تحلم بهذا الأمر”.

جاهدت للإفلات من طوقِ ذراعيه بكل ما أوتيت من بأس لتؤجج صراعاً مُزمِناً بين كبرياء الأنثى ومشاعِرِها. فتوجَب عليه كَعاشِقٍ أن يحسم الصراع ليس عبر التشبث بموقفه فحسب بل بتغليب المشاعر وعدم السماح لصاحبتها بالإفلات. وكيف تفعل ؟ وهي إن فاقته حُباً أما في قُوَةً البدنِ فلا.

لم يبق للكبرياء إلا سلاح أخير, لِسانٌ تأهَبَ لتقذِفَ حِمَمه ما يحبِطُ مناوشاتَ الصُلحِ فَتَجَعلُها في خبرٍ كان.لكن أنىَّ له أن يواجَهَ عاشِقاً يقف له بالمرصاد إذ يقطع عليه الطريق عبر اعتقالِ شَفَتيها بشفتيه؟

لم تَسَطِر ليلتهما حِكايَةٌ ثانيةٌ بعد الألف , إذ لم يشأ شهريار البيت أن يستبدل حِكايَتَهُ بالترهات. لقد كان قرارهُ حازِماً: ” ما كان حتى الأمسِ لن يكون. لذا,لا بُد أن تلوذ بالصمت شهرزاد”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى