قصص وعبر

بكل مرحلة من حياتي كان أصدقائي وزملائي بالعمل يقولوا لي “اهرب” اسمع منا واهرب….هالبلد ما في أمل

أنا عملياً من جيل الحرب… شفت كل شي عم نمرق في هلق… عم ينعاد مرة ثانية … ما في كهرباء٫ ما في مي… ما في بنزين… ما في أدوية …
في شي ناقص بس٫ وبتمنى ما يصير … صوت الرصاص والقذائف والركض لنتخبى والهروب من المدرسة بسبب الرصاص والاعتداء على المدنيين والخطر المرافق للناس بالشوارع…. فعلاً الذكريات بشعة… بشعة كتير…

بكل مرحلة بحياتي كنت عم قول ؟ شو عم بعمل بهالبلد… لو سافرت كنت يمكن أخدت جائزة نوبل بالمجهود يلي عم قوم فيه بهالبلد التعيس؟

عملياً أنا سافرت لثلاث بلاد كنت ناوي استقر فيها : كندا وفرنسا و بيلاروس والثلاث بلدان هربت منها قبل ما استحصل على مجرد ورقة لطلب الجنسية… ما بعرف ليه هيك أنا غبي (حسب ما قلي كتير من الناس)…

بس الأسئلة يلي كانت تورد على ذهني بكل مشروع هروب الى أي بلد آخر :
١- لمين بدك تترك بلدك
٢- اذا سافرت مين بدو يطور الجامعة يلي بتحبها وعطيتها من قلبك.
٣- مين بدو يساعد الطلاب٫ مين بده يخلق أفكار ويعمل نشاطات ويخدم هالبلد يلي خلقت فيه
٤- اذا سافرت شو بده يقول عني هالطالب يلي ضليت علمه عن روح الوطنية وحب الأرض والوطن
٥- كيف بدي اخذل الناس يلي وعدتهم اني أكون مثال بالصمود والتطور حتى في أصعب الظروف
٦- مين بده يعطي أمل للطلاب والمرضى ويحمس العالم على الشغل..

وكتير من الأسئلة….كتير كتير… كل ما صحت لي فرصة وللأسف هلق عم يصح لي فرص كتير… عم قول للأسف. لأنه يمكن اكتر الناس يلي عم تعرف شو كبيرة الفرص يلي عم تجيني٫ هلق عم تقول عني نفس الكلام… يا غبي اهرب … بطل في شي بهالبلد…

القرار النهائي… لما كنت شب صغير ما كنت مسؤول عن شي…وما قبلت اهرب مع تفويت أغلى الفرص الذهبية…
صراحة، أنا مؤمن انه وجودي بهالبلد هو أكبر فرصة وتحقيقي للعديد من الانجازات على الصعيد المهني والشخصي ولا زلت، هو باعتقادي أغلى فرصة ممكن الانسان يحصل عليها….

شو نفع اني أنجز ببلد منه بلدي ومع ناس منن ناسي وبمجتمع لا أمت له بصلة… شو نفع انه افني عمري ليرجع يرحلوني على بلدي… أسهر ليل ونهار كرمال مين….
البطولة انك تنجز ببلدك وتنفع أهلك ومجتمعك… البطولة إنك تضل صامد وما تهرب… حتى الناس يصدقوك لما كنت تحاضر فيهن عن الوطنية والمصاعب وحب البلد والجامعة….

أنا كتير تعذبت بحياتي المهنية لأوصل ليلي وصلت له ببلدي ومع أهلي ومجتمعي… لأقنع ناس كتير وجهات مسؤولة أن العلاج الفيزيائي هو علم وبحث وابداع وانه الجامعة اللبنانية بتستحق شخص يسهر فيها ليل نهار ليثبت انه كل شي ممكن بالعزيمة والاصرار…. بتذكر كل الليالي يلي ما نمت فيها لأن عم فكر شو بدي قول بكرا وكيف بدي خطط لأعمل شي تبين انه مستحيل وقتها… بس بالإرادة عملته وكفيت اكتر واكتر…

لما اشتغلنا ونجحنا وأنجزنا كان الوضع أصعب بكتير من هلق… فعلاً ما كان في أمل بوقتها… بس نحنا يلي خلقنا الأمل ونحنا يلي أوجدنا مساحة للعمل والتقدم والابداع….

بس بدي قول شي أخير… إنه أنا هيك بفضل الله وبفضل بلدي وبفضل جامعتي الوطنية… ولما سافرت وشاركت بمؤتمرات عالمية وجمعيات دولية كنت هونيك لأنه لبناني ولأنه بقيت ببلدي وأبدعت ببلدي…. كرمال هيك احترموني واحترموا بلدي…

القرار النهائي انه أنا باقٍ ببلدي لو شو ما صار … الحياة هي نفسها… لما بتكون عم تسهر وتناضل وتطور وتشتغل… كل يلي عم يصير من حولك بصير تفاهات…
منقول

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى