إجتماعيات

المؤتمر الشعبي اللبناني في اليوم العالمي للّغة العربية: الحفاظ عليها حفظ للدين والانتماء والوطن والأمة

أصدر مكتب الإعلام المركزي في المؤتمر الشعبي اللبناني البيان الآتي:

في مثل هذا اليوم من العام 1973، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 3190، والذي أدخل بموجبه اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة، ما أسعد كلّ حريص على هذه اللغة، وأعتقد أن هذا اليوم المتكرر سنويًا سيشكل مناسبة لإلقاء الضوء أكثر على أهمية العربية، والبحث في سبل تعزيزها، وزيادة تمكين الناطقين بها، نظرًا لجماليتها واتساعها ووفرة اشتقاقاتها، وقدرتها على التطوّر لتحيط بكل العلوم مهما كان جديدة أو مستجدة.

لكن ما نشهده للأسف الشديد، مخالف لهذه الأمنيات العظيمة، بدليل أن قرارات رسمية عربية صدرت عن قمم عربية ذهبت أدراج الرياح، وأن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) غائبة عن مضمار حماية اللغة العربية، وعن أيّ مسعى جاد لتطويرها وتعزيزها، في ظل التفلّت الكامل على صعيد المدارس والجامعات، حتى تلك التي تحمل أسماء عربية باتت تصرّ على أسبقية اللغة الأجنبية على اللغة الوطنية والقومية، فتراها تدرّس جميع المواد العلمية باللغة الأجنبية، وتترك بضع ساعات لمناهج تعليمية متخلّفة للغة العربية، فضلاً عن أن غالبية مناهج تدريس اللغة العربية توصل رسالة كُرهٍ لهذه اللغة، حتى لا يتذوّق المتعلّم جمالها ورونقها وعبقرية تكوينها.

إنّ المؤتمر الشعبي اللبناني الذي يعتز بانتمائه للعروبة الحضارية الجامعة، وانطلاقًا من إيمانه بأن اللغة هي عنصر أساس في رابطة الانتماء العروبي والحضاري والثقافي، فضلاً عن كونها لغة القرآن الكريم، يؤكد أن الحفاظ على اللغة العربية هي حفظ للدين والإنتماء والوطن والأمة، ويطالب المؤسسسات العربية الرسمية بعدم الخضوع للتوصيات الأجنبية “التربوية والتعليمية”، لأنها لا تنطلق من أسس علمية، بل من خلفيات سياسية واضحة الأهداف أبرزها نشر التغريب وتمزيق الأمة العربية الى مكونات طائفية ومذهبية وعرقية وإثنية، والترويج لفلسفات تربوية ثبت فشلها في بلادهم لكنهم يحاولون تطبيقها في بلادنا تسهيلًا لاستعمار ثقافي بغيض.

كما يطالب “المؤتمر” المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) بصياغة منهج تعليمي للغة العربية يكون إلزاميًا لجميع الدول العربية، منهج يعدّه علماء اللغة العربية، وهم قامات شامخة وموجودة في جامعات عربية وأجنبية، بعيدًا من تقليد مناهج تعليم اللغات الأخرى، خاصة وأن كل اللغات الأخرى لا تمثّل سوى القليل من مدى اتساع اللغة العربية وقدرتها الاشتقاقية التي تجعلها تحيط بجميع أنواع العلوم والابتكارات.

إنّ اللغة العربية بالنسبة لأبناء الأمّة العربية هي لغة تكوين، واللغات الأخرى لغة تمكين. والتكوين يسبق التمكين بطبيعة الحال، والذين يتعلمون العلوم بلغة التكوين يكونون أكثر إبداعًا وفهمًا واستيعابًا لهذه العلوم من الذين يتعلمونها بلغة غيرهم، وهذا باعتراف معظم معلّمي العلوم والرياضيات.

إننا لسنا من دعاة تجاهل لغات شعوب العالم وعدم تعلّمها، بلّ على العكس تماماً، فكلّ من لديه قدرة الإبحار في العدد الأكبر منها، نقدّر إبحاره في التواصل مع قاطني المعمورة وتلمّس ثقافاتهم، لكن الطامة الكبرى أن يسبح في مياه غيره وينسى ينبوع ذاته.. فلغتنا هي كرامتنا، ومن يقبل الهوان في كرامته يقبل الهوان في كل شيء، ولن يكون حراً، ولن يستطيع السباحة والإبداع في أي بحر.

إننا في اليوم العالمي للغة العربية، نؤكد أن هذه اللغة عصية على الاندثار، كما الأمة نفسها، مهما تعرّضت لتهميش وضغوط. وكما أن ثقافة المقاومة تتجسّد في شجاعة المقاومين وبطولاتهم بمواجهة الصهيونية والاستعمار، كما يحدث اليوم في غزة العزة وجنوب لبنان، فإنّ المقاومين للتغريب الثقافي سيدحرون مخططات تهميش اللغة العربية وإضعافها، لتعود العربية ملكة كل لغات العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى