الرؤية المستقبلية للعيش المشترك في لبنان

“الرؤية المستقبلية للعيش المشترك في لبنان” في رابطة البترون الإنمائية والثقافية
ورشة مشتركة بين “نهار الشباب” و”مؤسسة الصفدي”
نظمت جمعية “نهار الشباب” و”مؤسسة الصفدي” بالتعاون مع رابطة البترون الانمائية والثقافية، ورشة عمل بعنوان “الرؤية المستقبلية للعيش المشترك في لبنان” وذلك في إطار مشروع “صحافيون شباب ناشطون للحوار بين الاديان” الممول من الاتحاد الاوروبي وبإدارة مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية. الحلقة العشرون من المشروع أقيمت في مقر رابطة البترون الانمائية والثقافية وشارك فيها الشيخ غسان كنعان والمونسنيور سمير الحايك، وذلك بحضور رئيس الرابطة الدكتور سمير ابي صالح، فاعليات وشخصيات ومهتمين بالإضافة الى عدد من طلاب “مركز النهار للتدريب والبحوث”.
الدكتور حلوة
أدار الورشة الدكتور مصطفى الحلوة ممثلاً “مؤسسة الصفدي”، فأكّد أن “الحوار قدر اللبنانيين، فبالحوار والحوار وحده تتسع رقعة هذا الوطن الصغير الذي رأى فيه الحبر الاعظم يوحنا بولس الثاني رسالة انسانية وليس مساحة مقتطعة من الجغرافيا. فالجغرافيا تحيّز الامكنة وتقطع أوصالها واما الرسالة فهي متفلتة من امداء الامكنة وفضاءات الازمنة”. ولفت الحلوة الى ان “الرؤية المستقبلية للعيش المشترك في لبنان مدخلها فهم الآخر المختلف والى سائر محمولات الفكر المنفتح والمتسامح بعيدا من الفكر الالغائي والسلوك العنفي، فلا بد أن تنطلق من منظور أنسنة الأديان، وممارسة عملانية، وهي في الاساس مؤنسنة في عمقها النظري”.
كما دعا الحلوة ختاماً إلى “تنصيب العقل إماماً وهادياً، فثروتنا عقلنا؛ علّنا بذلك نخرج من خنادقنا التي نتمترس فيها منطلقين الى فضاء العيش المشترك الرحب، فالتقوقع على الذات عماء واختناق، أما الانفتاح فهو إبصار وانعتاق”.
الشيخ غسان كنعان
ثم كانت مداخلة الشيخ غسان كنعان الذي تناول “السياسة الحكيمة التي رسمتها يد العناية الإلهية لتربية البشرية تربية تدريجية لا طفرة فيها ولا ثغرة، ولا توقف فيها ولا رجعة ولا تناقض ولا تعارض بل هي تضافر وتعانق وثبات واستقرار ثم نمو واكتمال وازدهار.” وقال: “لو نظرنا الى العلاقة بين الشريعة المحمدية والشرائع السماوية التي سبقتها فلا بد لنا من نظرة فاحصة الى الحياة الانسانية قبل بزوغ فجر الاسلام حيث عاشت مرحلة انعدام وزن من مراحل التاريخ البشري في شؤونها الدينية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية وعانت فوضى عامة في جميع شؤون حياتها وهيمن المنهج الجاهلي على العقائد والأفكار والتصورات والنفوس وأصبح الجهل والانحلال والفجور والتجبر والتعسف من أبرز ملامح المنهج الجاهلي المهيمن على دنيا الناس، وضاع تأثير الديانات السماوية على الحياة، او كاد بسبب ما اصابها من التبديل والتحريف والتغير الذي جعلها تفقد اهميتها باعتبارها رسالة الله الى خلقه وانشغل اهلها بالصراعات والتصورات الفاسدة على هذه الاديان حتى ادى ذلك الى الحروب الطاحنة بينهم، ومن بقي منهم لم يحرف ولم يبدل قليلاً نادراً وآثر الابتعاد عن دنيا الناس ودخل في حياة الخلوة والعزلة طمعا في النجاة بنفسه يأساً من الاصلاح.” واضاف: “الاسلام ليس فاتراً ولا منطوياً على نفسه، بل ان الدعوة الى الحق والخير ركناً اصيلا من اركان الاسلام، والاسلام ليس عنيفاً متعطشا للدماء، ليس من اهدافه ان يفرض نفسه على الناس فرضاً حتى يكون هو الديانة العالمية الوحيدة، فنبي الاسلام محمد صلى الله عليه وسلم هو اول من عرف ان كل محاولة لفرض ديانة وحيدة هي محاولة فاشلة بل هي مقاومة لسنة الوجود ومعاندة لارادة الرب المعبود.” وتابع: “لقد كان الاسلام واضح الرؤية، صافي النية ثابت عليها منذ انطلاقته، فالمسلم ليس لديه ما يخفيه ولا يستحي في اي امر في اعلانه.. والاسلام يدعو اتباعه الى الوحدة والالفة والتعاضد والتآخي فهو كذلك يدعو الى الاحسان لمن جاوره من أهل الكتاب..”. ورأى أن العودة إلى الدين ركيزةٌ أساسية للعيش المشترك في لبنان.
المونسنيور سمير الحايك
ثم قدم الكونسنيور الحايك مداخلته التي توقف فيها عند كل ما من شأنه ان يمهد لعيش اللبنانيين معاً في انصهار وطني منشود. وأكد أن “التنوع غنى ولكنه يبطل ان يكون غنى في خضم تناحرات وتجاذبات، والتنوع جمال ولكنه يبطل ان يكون جمالا ان انعدم التوحد والانسجام والتكامل في التكوين.” وتحدث عن ارادة اللبنانيين في انصهار وطني من حاضر واعد باتجاه مستقبل مرتجى. ودعا شباب لبنان الى “التعاون على الولاء لوطنكم ولدولتكم ولا تعاونوا على الولاء لسواهما من الاوطان والدول.” وقدم مقارنة بين الديانتين المسيحية والاسلامية فيها تطابق في دعوة المؤمنين الى العيش معاً، الى الانصهار داخل المجتمع الواحد، مجتمع العدالة والوئام والسلام داعيا الى بناء نظام سياسي اجتماعي عادل يحترم الاشخاص وجميع الاتجاهات ليبنوا معا بيتهم المشترك لما فيه الخير العام “لأننا جميعا مسؤولون حقا عن الجميع.”
وقال: “حروبنا اصبحت من الماضي ولم توفر اصاباتها ومآسيها ايا من اللبنانيين، فهل انتم مستعدون لبناء الوحدة والسيادة والسلام؟” ثم استشهد بمواقف اسلامية تؤكد على ضرورة بناء لبنان الوحدة والسيادة والسلام. وقال: “لبنان وطن الله على ارض البشر، فلا نخيبن امله تعالى في نجاح هذه التجربة. فهل انتم فاعلون؟!” وقال: “إرادة عيش اللبنانيين معاً ممكنة لا بل محتمة هذا اذا ارادوا ان يعيشوا بكرامة ينعمون بحرية مقضي عليها في شرقنا. وهذه الارادة تعبر عن ذاتها بنظام سياسي اجتماعي يختاره اللبنانيون بأنفسهم مدركين مسؤولياتهم وقد يكون من المناسب او الافضل لهم التوافق على نظام ديموقراطي ياخذ بمفاهيم حقوق الانسان وواجباته داخل مجتمع التنوع والتعددية بذهنية التكامل على اسس من الوعي المتنامي والحرية المسؤولة.” وختم قائلا: “ليكن ولاؤنا للبنان اولاً محور هوية وانتماء واستقلال، وللعروبة ثانياً محور اخوة وتعاضد في اطار الجامعة العربية، وللانسانية والارض ثالثاً محور انفتاح وتفاعل ومرجعية، وهذه الالوان من الولاءات الثلاثة لا تتعارض بل يتمم بعضها بعضاً فتتكامل فيكبر انسانها ويعظم ويكبر بهذا الانسان الوطن لبنان ويعظم.”
ثم كانت مداخلات وحوار بين المحاضرين والحضور، كان أبرزها مداخلة لرئيس هيئة الطوارئ الشعبية المحامي حنا البيطار الذي رأى “أن الحل الحقيقي والوحيد لتلافي المشاكل المؤثرة سلبياً على العيش المشترك، وبالاخص المشاكل ذات الطابع القاسي والدموي، هو في إبعاد الطوائف عن النظام وعن لعبة السلطة”. واعتبر أن الحل في النظام العلماني، وأسماه “نظام المجتمع المدني”.
Best Development Company in Lebanon
iPublish Development offers top-notch web development, social media marketing, and Instagram management services to grow your brand.
Explore iPublish Development