المقالات

قصيدة : متحدون ضد العنصرية والتعصب الطائفي*

التي كتبها رئيس جامعة طرابلس الأستاذ الدكتور
رأفت محمد رشيد الميقاتي

وألقاها في حفل افتتاح المؤتمر الدولي الأول لمناهضة التمييز العنصري والتعصب الطائفي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المنعقد في حرم جامعة صباح الدين زعيم في إستانبول صباح اليوم السبت 25 شوال 1445 هجرية الموافق 4 أيار 2024 بدعوة من منظمة “متحدون ضد العنصرية والطائفية” ومركز دراسات الإسلام والشؤون الدولية

الحمد لله الذي هو يجمعُ
هو واسعٌ هو نافعٌ هو يرفعُ

وله تضرّعتِ الخلائقُ كلها
ولمن دعاه بدعوةٍ هو يسمعُ

والخلقُ كلُّهمُ عيالُ عطائهِ
وأحبهم ذاك الذي هو أنفعُ

والأرضُ أرضُ الله أورثها لمن
يعلي البناءَ بها وفيها يزرعُ

والنارُ والكلأ الخضيرُ وماؤه
فيه الشراكةُ للجميع يوزّعُ

والوحيُ وحيُ الله أرشد خلقه
بالعدل والإحسان شمسٌ تسطعُ

والبغيُ والعدوانُ كان ولم يزلْ
مذ باء قابيلٌ بإثمٍ يُفجعُ

أن قد تقبّلَ ربنا قربانَ ها
بيل التقيّ بقلبه يتضرّعُ

فالنفسُ مَن قد طوّعت قتلَ
الأخ المظلوم لم يعصمهُ حقٌّ يشفعُ

ثم اكتوى ندمًا على عدوانه
هيهات بعد رحيله يُسترجعُ

هذا هو الحسدُ المدمر للدنا
هذا التعصب قاتلٌ هو مصرعُ

فَلَآدمٌ أصلُ الجميع ..وكلهم
من ترب أرضٍ.. والترابُ المرجعُ

واللونُ للإنسان ليس تفاضلا
بل انه مما حباه المبدعُ

فَلَأسودٌ كالليلِ يصفو قلبه
خيرٌ وأروع من بياضٍ ينصعُ

وكذا اللسانُ فأعجميٌّ متقٍ
رجحَ التعصبَ للعروبة ينزعُ

أما إذا رامَ اجتثاثَ لساننا
قهرا وطمسا والحروفَ يضيعُ

فهي الإبادةُ للثقافة جهرةً
وهو اغتيالٌ للهوية يصرعُ

وعصابةٍ زعمت تميز ذاتها
بالعرقِ أو بالدينِ عاشت تخدعُ

ثم استباحت غيرها بتوحشٍ
وببطشها صرنا الفظائع نجرعُ

في بيت مقدسنا العزيز وغزةٍ
والكونُ يشهدُ والقلوبُ تضعضعُ

صهيونُ رمزٌ للكراهية التي
فتكت عقودا بالبلاد تُضيعُ

حتى الإله بزعمهم متعنصرٌ
“يهوه” لهم لا للبريةِ يجمعُ

باسم التدين كان سفكُ دمائنا
والكيدُ باسم الدين مكرٌ أبشعُ

هي خمسةٌ أبقارهم جاؤوا بها
حمراء تُذْبَحُ للهياكل تُرفَعُ

لا يرتضون تعبدا لإلههم
إلا على الأشلاء عينٌ تخشعُ !

لم نسمعِ الهندوسَ قاموا غضبةً
لمجازر الأبقار ..لا لم يردعوا

والغربُ أمسى يستفيقُ تتابعا
صيحاتُ حق من جموعٍ تُسمعُ

في الجامعات مشاهدٌ وملاحمٌ
وحناجرُ الأحرار باتت تُخلعُ

ومسيحنا لا يرتضي بمظالمٍ
خابَ الذي بمسيحنا يتدرعُ

والدينُ عدلٌ والتراحمُ كله
أما التعصبُ للطوائفِ أقذعُ

فهو القناعُ لأهلِ حقدٍ أسود
وهو الذي بضميره يتبرعُ

تُبنى البلادُ بحكمةٍ وحضارةٍ
لا بالفجورِ وبالسلاحِ يطوِّعُ

أحسبت أن الكره يحمي كائنًا
أو يُكسِبُ التأييد يوما يُقْنعُ

أحسبتَ أن تمذهبًا بضغينةٍ
يُعلي انتماءً.. والديارَ يوسّعُ

وحُسيْنُنا سبط النبي محمد
لا يرتضي بالظلم يوما يُشرَعُ

إنا اتحدنا كي نناصرَ جهرةً
مستضعفًا من ظالمٍ يتوجّعُ

إنا اتحدنا كي نكافح نزعةً
للشر لوثتِ التعايش يبرعُ

إنساننا بنيانُ رب خالقٍ
منع التظالمَ ..فالإله المرجعُ

وكتابنا بالحق أُنزلَ خاتمًا
فهو السعادةُ للشعوب تطلَّعُ

وهو التعايشُ لا مثيلَ لنهجه
وهو التنوعُ ..يوم غيرٍ يقمعُ

قرآننا فضحَ المنافقَ سارقًا
منحَ اليهوديَّ البراءة تلمعُ

أما إذا غدر اليهودُ بموثقٍ
لا سلمَ بل حربٌ لقومٍ تقرعُ

ونبينا أرسى معالم دولة
فيها التعدد للطوائف يُشرعُ

لم يشهد التاريخ قبلُ مثيلها
فوثيقةٌ نظَمَت جواهرَ تُمتعُ

مَنْ واضعٌ نُظُمَ التعامل أولا
سِلْمًا وحربًا والفقيهُ يفرّعُ؟

أوَليس شيبانينا بمؤسسٍ
قانوننا الدوليَّ فهو المنبعُ؟

فلتنهلوا من ثروةٍ وكنوزها
ولتوقفوا كل المجازر ترتعُ

ها نحن في إستانبول عاصمة الألى
حكموا قرونا بالحضارة شعشعوا

حضنوا من الملل الكثير.. ونحلةٍ
كم أُكرمتْ فوق الذي يُتوقعُ

فلنقرأ التاريخ في أعماقه
فحقيقةٌ تعلي الرؤوس وترفعُ

ولنتحدْ من أجل عدلٍ كاملٍ
نصرا لحق يا كرامُ تضرعوا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى