كي لا ننسى

الطريق إلى عتليت مذابح الأسرى العرب في حربي 56 و 67 – 44

الرسول (ص) وعبد الناصر وأم كلثوم

هؤلاء الذين تربوا على فلسفات الغرب لا يحترمون عدوًا ضعيفًا خانعًا. والضعيف الخانع هو من له حق ولا يصر على حقه، ونحن لنا عندهم ألف حق وحق وما كنا بأمة ضعيفة خانعة، بل كنا خير أمة أخرجت للناس.
سيقولون: هنا نحن أبناء عم،
سيقولون: جئناك كي تحقن الدم..
كن يا أمير الحكم.
قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك،
وأغرس السيف في جبهة الصحراء إلى أن تجيب عليك الجماجم والجثث
كيف تخطو على جثة ابن أبيك؟
وكيف تصير المليك
على من حكموك؟
كيف تنظر في عيني امرأةٍ
أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها؟!
لو كان لحبات الرمال  في سيناء أن تتكلم لما استطعت أنت أن تستمع. كان أبطالنا الذين وقعوا في الأسر عام 1967، أبطال هذا التحقيق، قد وصلوا إلى المرحلة الثانية من بين مراحل ثلاث يحللها بعين الخبير هذا الضابط المصري، حسين يونس، ويؤكدها جنود وضباط آخرون لا يعرف بعضهم البعض الآخر.
ح.ي: بعد ذلك علمت أن تعامل الإسرائيليين مع الأسرى المصريين مر بثلاث مراحل. في المرحلة الأولى كانوا يقتلون كل من يصادفهم في طريقهم سواء استسلم أو لم يستسلم، وعندما بدأت الأمور تتضح لهم وأدركوا أنهم ينتصرون بدأوا في المرحلة الثانية في اصطياد الأسرى بصورة انتقائية كي تكون لديهم ورقة ضغط فيما بعد. وقد تطور ذلك إلى المرحلة الثالثة التي وجدوا أثناءها أن لديهم فائضًا من الأسرى صار جانب منه عبئًا عليهم فأخذوا يطلقون سراحهم واحدًا تلو الآخر في زوارق تعبر قناة السويس إلى الجانب الغربي مقابل بطيخة عن رأس كل منهم توضح على ظهر الزورق العائد العسكري ببطيخة.
ر.ع: شحنونا في عربات نقل الحيوانات. كان منظرنا تمامًا كمنظر الحيوانات على أرضية العربة وأصابعنا متشابكة وراء رؤوسنا المنكسة. ساروا بنا ساعات طويلة في الصحراء، وأثناء ذلك بلغ الإرهاق منا مبلغه فارتخت يدا أحدنا رغمًا عنه فأتته في التو رصاصة في رأسه أردته قتيلاً بيننا. لم يتحرك أحد ولم ينبس ببنت شفة حتى وصلنا أخيرًا إلى بئر سبع.
أ.ع: وفي بئر سبع، يوم 18 ويوم 19 يونيو/ حزيران، كانوا يجمعون الأسرى من كل مكان تمهيدًا لترحيلهم. أتوا بعشر شاحنات كبيرة حشدوها بالأسرى ومن لم يجد لنفسه مكانًا في شاحنة قتلوه في مكانه في بئر سبع. وكان موشي ديان حاضرًا. رأيته بعيني والجنود الإسرائيليون يحملونه ويقذفون به إلى الهواء مثلما يفعل لاعبو كرة القدم بالمدرب عقب الفوز بمباراة.
ح.ي: لما نزلت من العربة كما في وسط صفين من العساكر الإسرائيليين يضربوننا “بالشلاليت”. ثم تنظر حواليك فتجد دوائر كبيرة كأنما تحولت الصحراء إلى معمل “كنافة” مصنوعة من الجنود المصريين المطروحين أرضًا على بطونهم ووجوههم. كان العدد الذي رأيته مرعبًا، حوالي ثلاثة آلاف في مكان واحد وكانت الأضواء الكاشفة تحول الليل إلى نهار فيما كانت الرشاشات الإسرائيلية لا تتوقف عن إطلاق رصاصها على مستوى منخفض فوق رؤوسهم بحيث لا يجرؤ أحد على رفع رأسه عن الأرض.
في هذه الأثناء كان الذي كان يومها لواءً، الفريق المتقاعد سعد الدين الشاذلي، قد قطع سيناء كلها في يوم وبضع يوم بألف وخمسمئة رجل ولم يخسر من رجاله ومعداته سوى حوالي عشرة بالمئة. وفي هذه الأثناء كذلك كان الإسرائيليون قد تمكنوا من المدنيين المصريين في سيناء. وفي كبرى مدنها، مدينة العريش، ارتكبت شرام إسرائيل بعضًا من أكثر فظائعها فظاعة بحق آلاف من العزل الآمنين، هكذا يحكي لنا الحاج عبد الكريم يوسف الجعفري الذي تطوع وقتها للعمل مع الاستخبارات المصرية واستحق عن ذلك نوط الامتياز من الطبقة الأولى من الرئيس المصري حسني مبارك.
“قتلوا عسكريين ومدنيين أعلنوا استسلامهم. جمعوا من هذه المنطقة وحدها ما لا يقل عن مئتين وخمسين مدنيًا وأجبروهم على ركوب الشاحنات وحتى اليوم لم يعد منهم أحد”.
في الصحراء الممتدة جنوب العريش التقيت بعدد من البدو وسكان الأحياء النائية. تتشابه قصصهم في كثير من التفاصيل. يقول خلف المنيعي: “مشينا مسافة كيلومترين خارج البلد فالتقطتنا الطائرات الإسرائيلية وحامت فوق رؤوسنا وأمطرتنا بالمنشورات المكتوبة باللغة العربية. كان عمري عشر سنوات وكانت أعرف القراءة والكتابة، فقرأت على أسرتي وجيراني ما كان مكتوبًا في تلك المنشورات: “ارفعوا الرايات البيضاء وعودوا إلى منازلكم، جيش الدفاع الإسرائيلي لن يفعل لكم شيئًا)”.
“مسكوا الفرد وأوسعوه ضربًا بعدد شعر رأسه”، هكذا كانت النتيجة كما يتذكر الحاج عبد الكريم يوسف الجعفري، “يعني مثلاً أنا نفسي كسروا على جسمي ثماني هراواي غليظة ثم أطفأوا سيجارة مشتعلة في سرتي لا تزال آثارها في بطني حتى اليوم، وعندما لم ينفع ذلك أعطوني حقنة تسببت في انتصاب أعضائي التناسلية ثم أمسكوا بي وأجبروني على وضع قضيبي على طاولة وأخذوا يضربونني بالهراوات عليه”.
ويذكر شاهد عيان آخر من البدو اسمه غنايم حميد أنه رأي بعينيه في اليوم الثاني من المعركة “مجموعة من الجنود المصريين يقترب عددها من العشرين كانت ترفع الرايات البيضاء عندما أدركتهم طائرة إسرائيلية، لكن هذه الطائرة مرت عليهم بالرصاص فقتلتهم جميعًا وهم في أمكانهم. كما رأيت في نفس اليوم حوالي اثني عشر جنديًا مصريًا أمرتهم دورية إسرائيلية بالوقوف صفًا واحدًا ثم قتلتهم جميعًا رميًا بالرصاص وتركتهم”.
ح.ي: في المعسكر الجديد في بئر سبع جاءنا قائده، وهو ضابط يشبه إلى حد بعيد ضباط النازية بقامته القصيرة ونظرته الثاقبة ونظارته التي كنت أراها في أفلام الغستابو. كلماته قليلة لكن إشاراته تتحول في لحظات إلى قرارات. بدأنا نشكو له سوء المعاملة فأمر بتقسيمنا إلى قسمين، ضباط وجنود، وبأن تقام للضباط خمية ودورة مياه ميدانية عبارة عن حفرة في الأرض فوقها بطانية على هيئة خيمة مصغرة. أما الجنود فلا.
ر.ع: وضعونا في قطار البضائع. عرباته مقفولة تمامًا لا يوجد بها مقاعد ولا نوافذ ولا هواء على الإطلاق. حشروا في كل عربة ما لا يقل عن مئتين وخمسين فردًا فوق بعضهم البعض، بلا تهوية، ولا نفس، وقد رأيت بعيني بعض زملائي يموتون اختناقًا في الطريق.
أ.ع: وبعدها أخذونا في شاحنات مكشوفة خرجت بنا من بئر سبع في الجنوب. وطول الطريق على الجانبين كنت تجد المواطنين الإسرائيليين وأطفال المدارس يصفقون ويهللون ويقذفوننا بالزجاجات والقاذورات ونحن داخل الشاحنات لا حول لنا ولا قوة إلى أن وصلنا إلى معتقل عتليت في شمال إسرائيل.
ر.ع: فرحة، غنايم.. الأهالي طلعوا علينا بالطوب وبالزجاج وبكل شيء. ضربوا فينا “الله ينور”.
ح.ي: لما قربنا ناحية بوابة عتليت كان موجودًا عدد ضخم جدًا من الشبان والشابات واقفين. استقبلونا بالطماطم وعلب المياه الغازية الفارغة وبالشتيمة. شتموا النبي محمد (ص) وأم كلثوم وطبعًا جمال عبد الناصر.. شتائم عنيفة جدًا. أوقفونا مدة على هذه الحال أمام المعتقل، وما ن انفتحت البوابة ودخلنا حتى وجدنا أنفسنا في الجنة.
ر.ع: صرخوا فينا.. (على كل من يرتدي حذاءً أن يخلعه).. فخلعنا جميعًا أحذيتنا. أصبحت العلاقة علاقة آمر ومأمور. صرخوا بنا مرة أخرى وقسمونا إلى طوابير يتكون كل منهم من خمسة أفراد (خميش خميش). ثم أمرونا بالمشي حفاة لمسافة كيلومترين على البازلتت المدبب. كان منظرًا في البداية مضحكًا وأنت ترى زميلك هذا يحاول المشي على كعبه وزميلك ذلك على جانبي قدميه والثالث على قدم واحدة والرابع على أصابع قدميه والآخر يحاول المشي حجلاً. بعد خطوتين أو ثلاث لم يعد الأمر مضحكًا. كان مؤلمًا، بل كان مأساويًا وكان الإسرائيليون يقصدون تعذيبنا دون أن يكون هناك سبب معقول لذلك.
أ.ع: عندما وصلت إلى المعسكر كان فيه أسرى قد سبقوني إلى هناك وجدتهم جميعًا ينزفون دمًا من أقدامهم وهم يمشون. ولم أكد أشعر بالأسى لحالهم حتى أمرني جندي إسرائيلي بخلع حذائي والمشي على هذا الشوك. ثم سألت بعض الأسرى عن الأكل والشرب، فقالوا لا أكل ولا شرب. “عساكر مرمية، حاجة فضيحة”.
ر.ع: في آخر النهار كنا نتضور جوعًا فأتوا إلينا ببنات في غاية الجمال شبه عراة كانت كل واحد منهن تحمل جوالاً به قشر برتقال يافاوي قذفن بجوال أو جوالين أما كل عنبر. نظرنا إليه ثم نظر كل واحد منا إلى الآخر وفي ثواتن معدودة كنا جميعًا نهجم عليه. أكلنا قشر البرتقال.
أ.ع: عنبر كبير مساحته حوالي مئة متر مربع وفي كل عنبر ما لا يقل عن مئة أسير. كنا ننام على أرضيته متكورين ونغطي أنفسنا بظهور زملائنا، وعندما يطلع علينا النهار يأمروننا بالخروج إلى فناء المعسكر لقضاء اليوم كله تحت الشمس في عز الصيف. كان في المعسكر ثمانية عنابر للجنود العاديين ولم تكن هناك في المعسكر كله سوى دورة مياه واحدة.
ح.ي: حفرتان مثل حفرات الخنادق لكنهما ممتدتان إحداهما الأخرى في الهواء الطلق وعلى كل منهما لوح خشبي ممتد به فتحات مدورة ثم يأتي الأسرى لقضاء حاجاتهم فيجلس كل واحد منهم فوق إحدة الفتحات. وبهذا المعنى فإن كل أسير مصري رأيى عورة بقية زملائه الأسرى مثلما رأوا هم عورته، وخصوصًا أن الفترة الزمنية التي كان يسمح فيها للأسرى بقضاء حاجاتهم كانت فترة محدودة.
أ.ع: نعم، لوح خشبي طويل به خروق. دورة مياه واحدة مكشوفة للعنابر كلها، وصنوبر مياه  واحد يشرب منه الأسرى كلهم. الصنوبر معلق في الهواء وأنت ترفع رأسك للوراء وتفتح فمك هكذا كي تستقبل قطرات الماء في جوفك.
ح.ي: قس على هذا كل شيء؛ فبالنسبة للأكل مثلاً كانوا يأتون بالإناء الضخم، بعد أن يتضور الناس من الجوع، ويتركونه وسط الأسرى جميعًا فيهجم هؤلاء بطبيعة الحال على هذا الإناء الوحيد، والبقاء للأقوى. من يمسك بشيء يأكله ومن لا يمسك يجوع.
ر.ع: خبز أجنبي من نوع “التوست” كان نصيبنا رغيفًا واحدًا لكل اثني عشر أسيرًا.
ح.ي: في البداية كانوا يقصدوا أن يضعوا علينا ضغوطًا في منتهى القسوة تؤدي إلى السحق النفسي والذل والشعور بالدونية.
أ.ع: جاء دورنا في عملية الاستجواب. كانوا يأخذون الأسير ويعرفون منه اسمه وسلاحه وعنوانه وتعليمه. إلى آخره، ثم يأخذون منه عينه دم. بعض الذين أخذت منهم عينات الدم هذه لم يعودوا.
ح.ي: كانوا يضعون تصنيفًا تفصيليًا لقطاعات المجتمع المصري. جزء من ذلك يندرج تحت أهداف العمل الاستخباري، والجزء الآخر كان محاولة للإلمام بطبقات ومحاور واتجاهات المجتمع المصري بشكل عام. ما دخل عينات الدم بهذا؟! لست أدري!!
أ.ع: أتهمهم بالتجارة في أعضاء الأسرى المصريين. أتهمهم رسميًا لأن أحد زملائي، واسمه رمضان محمد رمضان من البحيرة، كان يتناول الطعام معي ثم اصطحبوه لأخذ عينة دم وفي اليوم التالي عاد إلينا وفي جنبه أثر لفتحة جراحية وهو لم يكن مريضًا ولا كان يشكو من شيء. وبعد أيام قليلة أخذوه مرة أخرى ومن يومها لم يعد.
ر.ع: جاءنا ممثلو الصليب الأحمر ومعهم صناديق فيها هدايا من أهالينا في مصر، لكن الإسرائيليين لم يسمحوا لنا بالحديث إليهم إلا بعد وقوع المظاهرة.
أ.ع: كانت قد حدثت لي مشكلة مع الحراس؛ إذ حاول أحدهم أن يمد يده علي فأمسكت بها وضربته. كانت كرامتي فوق كل شيء وكنت أعلم أنهم سيعاقبونني على ذلك.
ر.ع: أما المشكلة الكبرى فقد وقعت عندما أحس أحد الأسرى بالعطش فحاول أن يمد يده من خلال شباك العنبر كي يتناول بعض الماء فأطلق الحارس رصاصة في ذراعه. سمع الآخرون هذا الطلق الناري وانتشر الخبر كالهشيم بين العنابر فخرج سكانها جميعًا (حوالي خمسة آلاف أسير) في مظاهرة حاشدة داخل أرجاء المعسكر بدأت من حوالي التاسعة مساءً ولم تتفرق إلا قرب الفجر بعدما أتى الإسرائيلييون بأقدم ضابط بين الأسرى الذي وقف أمامنا هاتفًا: إخواني الأسرى المصريين، أنا اللواء صلاح ياقوت، نرجو الهدوء وكل طلباتكم ستنفذ، ومعنا هنا مندوبون عن الصليب الأحمر ومعنا وزير الدفاع موشي ديان ومعنا رئيس الوزراء ليفي إشكول وسنمر عليكم في كل عنبر للوقوف على طلباتكم.
ح.ي: من بين أساليبهم أنهم كانوا يأتون إلينا بمحاضر أعمى يحدثنا عن صلة القرابة بين العرب واليهود وعن العلاقة بين اللغة العربية واللغة العبرية ويأتي إلينا في سياق ذلك بأمثلة من اللغتين.. واحد يعني آحاد وخمسة يتعني خميش وثمانية يعني شموني وسلام يعني شالوم، إلى آخره. ثم يجهش في البكاء قائلاً: إحنا نفسنا نعيش في أمان ونفسنا نعيش في سلام. وبالطبع لا بد أن يترك هذا الكلام أثرًا في ذلك الأسير البسيط الذي هيأوه نفسيًا من بداية الأسر حتى تلك اللحظات عبر سلسلة معقدة من التعامل الاستخباراتي.
بدأت أتفرس في ملامح هذا الضابط المصري وهو يحلل الآن بعين الخبير ما حدث له ولزملائه قبل أكثر من ثلاثة وثلاثين عامًا. يستطيع الآن أن يتكئ إلى الوراء ويرى الأمر كله من منظور أوسع. سألته أن يذكر لي حالات بعينها من ضحايا أساليب السيطرة النفسية الإسرائيلية. أطرق قليلاً ثم بدأ يحكي: “بعدما عدنا من الأسر اصطحبنا المسؤولون المصريون إلى مبنى الكلية الحربية ثم تركونا قليلاً، وأثناء ذلك وقف أحد زملائنا الأسرى، وكان طبيبًا، وشرع في الصلاة وعندما انتهى من صلاته رفع يديه إلى السماء قائلاً: (هي دي عمايلك يا ظالم)، وانفجر في حديث غاضب إلى الله”. يبتلع الضابط المصري، محمد حسين يونس، شهقة عنيفة تلتها زفرة مكتومة ويطرق إطراقة طويلة قبل أن يستطرد: “مش واحد بس، كل الأسرى بلا استثناء عندهم مشاكل نفسية، بمن فيهم أنا بالطبع. أنا لا أقبل على سبيل المثال أن يمد أحد يده الآن ويسحب سيجارة من علبتي. وعلى فكرة أنا مش بخيل. أنا أديله العلبة كلها، لكن يأخذ سيجارة من علبتي من غير إذني؟ لا. ولما فكرت في الموضوع وجدت أن هذا من آثار ما حدث في لحظة الأسر عندما خطف ذلك الضابط الإسرائيلي نظارتي من فوق عيني ولم أستطع أن أدافع عنها. مشاكل نفسية كثيرة جدًا. مشاكل مش ممكن سيادتك تتصورها”.
يسري فوده – قناة الجزيرة – سري للغاية

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى