ثقافة

ندوة في “مجلس بعلبك الثقافي” حول موسوعة قبيسي “وطن الفتن والمحن- لبنان بين ألم التاريخ وأمل الغد”

وطنية- بعلبك- استضاف “مجلس بعلبك الثقافي” ندوة حوارية حول موسوعة المؤرخ الدكتور حسن محمود قبيسي “وطن الفتن والمحن: لبنان بين ألم التاريخ وأمل الغد”، في قاعة الدكتور حبيب الجمال، بحضور رئيس اتحاد بلديات بعلبك حسين علي رعد، رئيس المجلس حاتم شريف، وحشد من المثقفين والباحثين والأكاديميين المهتمين بعلم التاريخ.

وأسار مدير الندوة الدكتور علي درة، إلى أن “موسوعة المؤرخ الدكتور قبيسي التي تتحدث عن لبنان منذ العهد الفينيقة، مرورًا بكل الحقبات وما تخللها من أحداث ومحطات بارزة ومؤثرة، وصولا إلى يومنا هذا، مع لمحات عن العادات والتقاليد والآثار والسياحة، وحروب اللبنانيين فيما بينهم، وحروب الآخرين على أرضهم”.

وتابع: “الموسوعة هي محصلة جهد كبير، حرص الكاتب على ان يشاركه في إعداد موسوعته 160 باحثًا من الجغرافيين والمؤرخين والكتاب والسياسيين والصحافيين ورجال الفكر”.

وختم درة مستشهدا بما ورد في المقدمة: “لبنان بلد عجائبي، رغم الفتن والمحن، استطاع أن يقف على قدميه بعد كل محنة، ولبنان الغني بتعدده الطائفي والحزبي، أكسبه غنى في هذا التنوع”.

سليمان
وتحدث الدكتور مصطفى سليمان، فقال: “كتاب الموسوعة يسر الناظرين، إذا رأيت العنوان الأكبر “وطن” ترتاح لتتوطن النفس، لكن إذا رأيت ما رأيت بعد، يتفجر الأسى والشجن؛ هو وطن الفتن والمحن، فتن في الداخل، ومحن من الخارج. إنه ذاك الوطن القائم بين ألم التاريخ وأمل الغد، بين الفتن والمحن في الماضي، والألم المجتمع الآن، والأمل الاستراتيجي في الغد”.

وأضاف: “إنه كتاب موسوعي من 3402 صفحة، قسمه الكاتب في ستة أجزاء، وطبعه الناشر في خمسة كتب، فالكتاب السادس اشتمل على العلاقات الدولية العربية والاقليمية والأممية، والخامس احتوى على زبدة الفكر السياسي القائم، أما الرابع فقد تناول المجتمع المدني وأحواله وظواهره، وفي الثالث كان التاريخ إن حكى، خصوصا في القرون الثلاثة الاخيرة، وفي الثاني تناول الديموغرافيا او علم السكان، من الجماعات والأفراد إلى الظواهر الناتجة والمتصلة، أما الكتاب الأول فموضوعه المؤرخ والتأريخ وجغرافيا لبنان وأعراقه”.

الياس
وبدوره الدكتور أمين الياس، أعرب عن سعادته لمشاركته في ندوة في بعلبك، “ولرؤية هذا الاهتمام بالكتاب، في ظل الأوقات الصعبة التي نمر بها في لبنان والمنطقة، فما زلنا نجد مساحات فكر ولقاء ونقاش وحوار وانفتاح في بلد التنوع والتعددية والأصالة”.

وأردف: “ترافقت مع أستاذي وصديقي الدكتور حسن منذ ثلاث سنوات في مشروع آخر، وكان قد غمرني الحب بمشاركته في هذه الموسوعة التي هي ثمرة جهد عشرات السنين يستحق التنويه”.

وأضاف: “جهد الدكتور قبيسي وكل من ساهم في إعداد ونشر الموسوعة، أنتج صفحة وافية من تاريخ لبنان، تشتمل على مراحل وحقبات من تاريخ لبنان القديم والحديث، وكل جوانبها السياسية والفكرية والكائفية والاقتصادية والاجتماعية، وحرص الدكتور قبيسي على أن يتحدث الجميع في الموسوعة، من كل المناطق والخلفيات السياسية والإيديولوجية والفكرية، لذا استحق هذا الكتاب أن يوسم بأنه موسوعة”.

وقال: “كان لبنان وطن الفتن والمحن، كذلك كان لبنان وطن السلام واللقاء، ولا يزال أرض الانفتاح والإبداع الثقافي والفكري والفني والعلمي، ويجب أن لا ننسى الأمل بالغد”.

وختم الياس بالدعوة إلى “عقد اجتماعي جديد بين اللبنانيين، تعالوا إلى كلمة سواء بيننا، تعيد إنتاج مساحات للتلاقي والتغيير نحو الأفضل، نعيش في بلدنا معا مواطنين متساوين معترفين بتنوعنا، لكي لا يغادر أولادنا هذا الوطن”.

قبيسي
واستهل الدكتور قبيسي كلمته، بتوجيه الشكر لمجلس بعلبك الثقافي وكل من له الفضل في ترتيب هذا اللقاء، وقال: “سعادتي اليوم في هذا اللقاء لا تعادلها إلا سعادتي يوم إصدار هذه الموسوعة التي تتناول وطننا، لأن لبنان في هذه العظمة الحضارية والفكرية والثقافية، ولأن دوره محوري، كما عبر عنه في عهد السلطنة العثمانية، إذا اضطربت الأمور في هذه الولاية، أي في لبنان، اضطربت السلطنة، وأذا اضطربت السلطنة اضطرب العالم، وإذا هدأت في هذه الولاية، هدأت في السلطنة، وهدأت في العالم”.

وأضاف: “لأن اللبنانيين كانوا أقرب إلى الخارج من قربهم إلى بعضهم البعض، استطاع العالم أن يصنع في بلدنا الفتن والمحن ، ونحن كان لنا دور كبير فيها. ولكن بهمتكم، وخاصة بهمة التربويين نربي الأجيال تربية وطنية صحيحة لإعداد مواطن لبناني بكل ما للكلمة من معنى”.

وتابع: “ما عملنا عليه ليس كتابة تأريخ، بل عملنا على توليف في علم التاريخ، الذي له قواعد وليس له مسلمات، وعندما أطلقت التسمية على الموسوعة أردت القول أن هناك مسببات ودوافع للأحداث التي شهدها لبنان في كل الحقبات، مهمتنا تدوير الزوايا لتفهم الفئة الشابة لماذا أقدمت هذه الفئة أو عذه الشخصية على ما أقدمت عليه، وأنه لا يوجد أحد ليس لديه أخطاء، كما أن ليس هناك من ظلم كل الناس، وآخر لم يظلم أحدًا”.

وأردف: “عندما عملنا على إعداد الموسوعة، اتصلنا بكل صاحب علاقة مباشرة، ومنهم الرئيس أمين الجميل، الرئيس تمام سلام، الوزراء، النواب، المرجعيات الدينية والروحية، ليكتبوا عن أنفسهم، وكل حزب كتب عن نفسه، ولكن كان شرطنا أن لا يشتم الآخرين، والبعض لم يرض أن يكتب، فكتبنا عنه بعقلانية وموضوعية، لأن هذه مسؤولية تاريخية تحتم علينا معرفة تاريخنا لنبني المستقبل معا”.

ورأى قبيسي أن “مر على لبنان محطات كبرى لشخصيات منها الرئيس الراحل اللواء فؤاد شهاب الذي أرسى دعائم دولة المؤسسات التي لم نحافظ عليها، أو الإمام موسى الصدر الذي كان رجل حوار وانفتاح، أو البطريرك الياس الحويك الذي اعتبر أن الكنيسة ليست للمسيحيين، بل لكل المؤمنين نحن في الموسوعة لم نستثنِ أحد، ولم نقدس أحد، وبالتأكيد أي وجهة نظر لها من يؤيدها ومن يعارضها، ولكن يبقى المطلوب النقد العلمي البناء، أما الخلاف في الرأي فلا يفسد في الود قضية”.

وأوضح بأن “لبنان ليس البلد التعددي الوحيد في العالم، فهناك الكثير من الدول التي فيها التعددية والتنوع الديني والمذهبي والقبلي والقومي والعرقي، المشكلة ليست في التعددية، وإنما في التربية التي ينبغي أن تبني المواطنة، ونشر الوعي بأنه لا يوجد فئة أو جهة كل الحق عليها، وفئة أخرى معها كل الحق ورأيها فقط هو الصواب”.

وختم قبيسي: “طرحت في الموسوعة الأسباب والمسببات لكل مجريات الأحداث في لبنان بكل تجرد، وقرنتها بالوثائق والشواهد، وحرصت على أن يكون الكتاب بمثابة مشروع توليفي لتاريخ لبنان، لا ينفر الناس من بعضهم البعض. مع مراعاة أن التأريخ هو علم إذا لم نطلع عليه، لا نعرف كيف نتجاوز اليوم، ولا نعرف ماذا نفعل غدا”.

وقدم مداخلات ومقترحات، كل من الدكاترة: هولو فرج، علي الحاج حسن، محمد السيد قاسم، عبد الناصر صلح، جمال عرفات. بالإضافة إلى حسين عثمان، خالد صلح وجومانة سليمان.

وختامًا فتحت الندوة آفاقًا حول إمكانية أن يكون في لبنان كتاب تاريخ موحد في المنهاج الرؤية للأحداث بناء على قراءة علمية وموضوعية، ووقع الدكتور قبيسي الموسوعة ومؤلفات من كتبه للمشاركين في الندوة الحوارية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

iPublish Development - Top Development Company in Lebanon
زر الذهاب إلى الأعلى