المقالات

تمر هندي في خيمة أبي خضر بقلم/ توفيق أبو شومر

سردت صحيفة هارتس قصة خيمة فلسطينية نُصبتْ في جبال الخليل، وهي خيمة فريدة، لا في شكلها وحجمها، بل في روادها، فقد اجتمع فيها عددٌ من الحاخامين والسياسيين المحليين والأجانب وكذلك الصحفيين، وترجع أهمية ما جرى في الخيمة إلى صاحب الدعوة، وإلى الموضوع الذي بحثه المجتمعون!فالخيمة تقع ضمن أملاك أبي خضر الجعبري شيخ مشايخ الخليل، أما الموضوع  فهو (جاهة) عربية للتفاهم بين الفلسطينيين ( وجيرانهم) الإسرائيليين، في ضوء الأفق السياسي المظلم، وجمود عملية السلام!ولم تُشر الصحيفة إلى  أسماء كل الحاضرين، ولا إلى مجموع أقوالهم، وإنما أوردت بعض أسماء الحاضرين منهم:القائد العسكري الإسرائيلي للخليل، وضباط الإدارة المدنية الإسرائيلية في الخليل ، ورئيس بلدية مستوطنة كريات أربع ، وممثل الاتحاد الأوروبي البلجيكي، وعضو البرلمان فيليب فنتر، وعضو البرلمان النمسوي دافيد لازار. وقد حضر اللقاء أيضا ، كتاب وصحفيون وباحثون مثل إلياكيم هعتسني، ومردخاي كيدار من جامعة بار إيلان، بالإضافة إلى مؤسس حزب شاس الأول نسيم زئيف!أما الموضوع الرئيس الذي اجتمع عليه كلُّ الحاضرين، فهو[ التعايش الفلسطيني الإسرائيلي] أو كما ورد على لسان شيخ المشايخ :[ تسهيل حياة السكان الفلسطينيين بإعطائهم هويات القدس الزرقاء، بدون أن يكون لهم حق الانتخاب للكنيست،  لتنتهي معاناتهم]!وقد اقتبس أحد الصحفيين عنوانا صحفيا ملائما لهذه الخيمة فأسماها (خيمة التعايش) وقد اقتبست الصحيفة بعض تعليقات الحاضرين ممن رأوا في ذلك إشارة إلى أن الخيمة
ربما تكون بديلا آخر لمفاوضات السياسيين، واختراقا للجمود السياسي الراهن، حتى أن التحقيق الصحفي وصف المكان، ووصف شراب التمر الهندي البارد في إبريق كبير،يرتفع عليه علم فلسطيني صغير لم يُزعج الحاضرين فقد كانوا سعداء بالاجتماع، وبالتمر الهندي!!حاولت أن أتتبع الإعلام أسبوعا أو أكثر، فلم أجد سوى شذرات من التحذيرات، وقليلا من التعليقات
المتناثرة الخجولة!وكأن الفلسطينيين أدمنوا أن يقعوا في الأخطاء التي وقع فيها ( السلف) !فنحن أعتدنا أن نرتكب الأخطاء، التي أثبت التاريخ بأنها لم تكن سوى جرائم في حق تاريخنا الفلسطيني، كما أن كثيرين منا يوفرون بسذاجة أو بغيرها، طوق نجاة لجرائم الاحتلال، فخيمة أبي خضر، هي خيبة فلسطينية تقليدية، لم تحسن قراءة التاريخ، ولا الجغرافيا
أو السياسة، (فالخيبة) توفر دعما غير محدود للاحتلال، فهي أفضل رسائل الاحتلال، تحمل رسائل إسرائيلية مقنعة للعالم أجمع تقول:” هناك قواسم مشتركة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فليست المشكلة في الاحتلال كما يدعي الفلسطينيون، بل هناك مشاكل عادية، أو خلافات وسوء تفاهم يمكن حلها، بتسهيل حياة السكان”!!” إذن فالاستيطان والاحتلال ليسا سببا في استعصاء الحل، فها نحن نجتمع في الخليل التي يدعي الفلسطينيون بأنه يجري اغتصاب أرضها ومواقعها الأثرية والدينية”!!” لا علاقة بين الفلسطينيين من رواد (خيبة) أبي خضر، وبين الفلسطينيين الصامدين في القدس والنقب والجليل، ممن يعانون من مخططات الترانسفير بكل أشكاله، من تهجير قسري بالهدم وسحب الهويات، وإبادة المزروعات والمواشي، إلى ترنسفير طوعي بخطط البناء والتحضير مثل مخطط برافر الذي يهدف لتهويد النقب، إذن فعيبٌ على البرلمان الأوروبي الذي انتقد إسرائيل، واعتبر مخطط برافر مخططا عنصريا”!!” إذن من البدهي أن قرار مجلس حقوق الإنسان بالتحقيق في جرائم الاستيطان، هو عمل لا سامي، يدخل في باب تحول منظمات الأمم المتحدة، لتنظيمات فلسطينية، تناصر الإرهاب الفلسطيني”!!نعم إن (خيمة أبي خضر) تقع ضمن الخيبات الفلسطينية المتوالية، والتي تعيد لنا من جديد قضية المخاتير، ورؤساء المجالس المحلية، ولجان المفاوضات الاجتهادية،كما أنها جريمة في حق تاريخ فلسطين، عندما أعتبرته (الخيبة) خلافا عشائريا قبليا أسريا، بين مختصمين!! وبالطبع فإن هذه الخيمة قد استفادت من حالة الانقسام الفلسطيني، فلولا الانقسام، لما نُصبَتْ الخيمة، ولا شربَ المدعوون التمر الهندي الفلسطيني في بكارج عربية!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

iPublish Development - Top Development Company in Lebanon
زر الذهاب إلى الأعلى