المقالات

نتنياهو وبروتوكول اشتباك أوسع \ كتب كارلوس نفاع في جسور- المصدر موقع جسور

بعد معركة العلمين الثانية في عام 1942 التي هزمت فيها القوات البريطانية بقيادة برنارد مونتغمري القوات الألمانية بقيادة إروين روميل في مصر ، قال ونستون تشرشل: “الآن ، هذه ليست النهاية،لكنها ربما تكون نهاية البداية “. ما قاله تشرشل يمكن اسقاطه على استعادة أوكرانيا السيطرة على خيرسون، مما قد يكون بالفعل نهاية البداية التي تحتم على الولايات المتحدة والاوروبيين الاستعداد لحرب استنزاف طويلة الأمد.
 
حتى الآن، تكبدت روسيا خسائر متزايدة في ساحة المعركة. وعانت الوحدات البرية الروسية من معنويات متدنية ، وسوء تنسيق للأسلحة المشتركة، وقصور لوجستي. ومما زاد الطين بلة بالنسبة لموسكو، تنامي معارضة داخلية و تزايد ضغط الاقتصاد المتعثر بعد العقوبات الأميركية والعقوبات الغربية الأخرى.
على وقع كل هذا ، هناك دعوات لبعض الساسة الاوروبيين متزايدة للرئيس الأوكراني زيلينسكي لإنهاء الحرب من خلال مفاوضات سلام.
فخوف بعض المسؤولين والنقاد الاوروبيين من أن الاستمرار في توفير الأسلحة لأوكرانيا – بما في ذلك الأسلحة الأكثر تطورًا ، قد يؤدي إلى تصعيد الحرب لتطال أراضي الناتو ، مما يزيد من احتمال استخدام الرئيس بوتين للأسلحة النووية والمخاطرة بوقوع صراع مباشر بين روسيا و الولايات المتحدة.
 
لكن الجهود المبذولة لإجبار زيلينسكي على التفاوض على صفقة الآن يبدو انها ما زالت غير فعالة. ففي حين يعتقد البعض أن الحوار بين كييف وموسكو مهم، لكن الضغط من أجل تسوية الآن من شأنه أن يسهل ضم روسيا للأراضي الأوكرانية ، وإضعاف الردع ضد المعتدين في المستقبل – بما في ذلك الصين.
فدعم السيادة الأوكرانية لا يساعد فقط في ردع موسكو عن محاولة تغيير حدود جيرانها مرة أخرى بالقوة أو بالإكراه. بل سيسمح للولايات المتحدة بتركيز قدراتها على مواجهة الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
 
في المقلب الآخر، يسعى بوتين من خلال وقف إمدادات الغاز الروسي، الى تفكيك التحالف الاوروبي الاميركي هذا الشتاء وإنهاء معظم العقوبات ضد روسيا طامحا أن يؤدي نقص الطاقة هذا الشتاء إلى انهيار التحالف ووقف مساعدة أوكرانيا. مما يجبر الحلف على الطلب من زيلينسكي الجلوس على طاولة المفاوضات، بهذا سارع الرئيس الاميركي جو بايدن في استقبال نظيره الاوكراني في رسالة دعم تظهر أن مفتاح التفاوض في يد واشنطن وليس في اوروبا ، التي أمّن لها امدادات الغاز عبر الـ LNG ، كافية لهذا الشتاء و فتحت إدارته ثغرة الغاز في شرق المتوسط لتأمين الامدادات الأوروبية على المدى الطويل وتهدئة مخاوفهم.
 
ففي الواقع روسيا تعمل لتثبيت حلفها الذي يتعرض لضغوط ما قد يجعلها وحيدة في المواجهة . فقد تفهمت روسيا المناورة الديبلوماسية الإيرانية التي سهلت الاتفاق حول الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل قبل انتهاء ولاية الرئيس اللبناني بدقائق إن صح التعبير مما أتاح للفرنسيين عقد قمة بغداد 2 في الاردن بهدف معلن هو دعم استقرار العراق وآخر غير معلن و هو التحضير للحل في سوريا . خرجت إيران من هذا المؤتمر مع ما يكفي من الوقت و المساحة الآمنة للتعامل مع الاضطربات الداخلية علها تنجو من نار مهسا اميني .
كما وجمعت روسيا تركيا في موسكو على طاولة حوار أمني وسياسي مع النظام السوري من أجل ترتيب إعادة التموضع في الشمال السوري و الحفاظ على وحدة الأرضي السورية. إضافة إلى ذلك فتح بوتن بترحيبه بعودة صديقه نتنياهو الى الحكم مسارا جديدا، فهل يلعب الأخير دورا في إقناع زيلينسكي الذي اتصل به هاتفيا من دون الافصاح عن فحوى الاتصال بالجلوس على طاولة المفاوضات؟ أم يستفيد من الفراغ الدولي لتحقيق ضربات في الميدان السوري ترسم بروتوكول اشتباك أوسع وأخطر يرفع به اسعار الطاقة فيسهم في إفشال ادارة بايدن التي حاربته ويبعد شبح الاتفاق النووي الايراني عن حكومته و يتيح لصديقه بوتن هامش مناورة أكبر دون أن يكون طرفا في الاصطفاف الميداني في اوكرانيا؟.
 
في ضوء هذا، تحتاج الولايات المتحدة وشركاؤها الاوروبيون إلى الاستعداد لمساعدة أوكرانيا فيما يمكن أن يكون صراعًا طويل الأمد. فلا يمكن لواشنطن أن تنال من أهداف بوتين بسهولة . فالحرب الآن هي حرب استنزاف سوف يجعلها الروس طويلة، ويحتاج الجيش
الأوكراني إلى أنظمة أسلحة من شأنها أن تحدث فرقًا في ساحة المعركة حتى يتمكن من مواصلة الهجوم المضاد واستعادة أراضيه السيادية ما لا يمكن ضمانه مع تعاظم مخاوف القيادات الاوروبية من الحرب النووية، و مع تسارع التضخم الاقتصادي، بحكم مرور الوقت وإطالة أمد الاستنزاف

04 يناير 2023

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى