ثقافة

كلمة الدكتور جلال حلواني رئيس لجنة البيئة والحدائق العامة في بلدية طرابلس بمناسبة افتتاح حديقة اللواء الشهيد وسام الحسن

تحتفل دول العالم سنويا في الخامس من حزيران بـ”اليوم العالمي للبيئة” حيث يأتي الاحتفال بهذا اليوم تخليدا لذكرى انعقاد أول مؤتمر للأمم المتحدة يُعنى بالبيئة البشرية في مدينة استكهولم عاصمة السويد بين 5-16 حزيران 1972…. وقد جرت عادة الأمم المتحدة من أجل إحياء يوم البيئة العالمي على تخصيص عنوان معين من عناوين الحفاظ على البيئة ليكون موضوعا محوريا للمؤتمرات والندوات والورش التي تهتم بشؤون إصلاح البيئة البشرية وتهيئة مستلزماتها، إلا أن أكثر المشاكل البيئية التي تواجه المجتمع الإنساني اليوم هي مسالة تلوث البيئة بسبب الانشطة البشرية…. فالتلوث هو إفساد مكونات البيئة الطبيعية وتحوّل عناصرها المفيدة إلى ضارة، سواء كان ذلك في الهواء أو في الماء أو في الغذاء او التربة، والتلوث بهذا المعنى هو صورة من صور الفساد والإفساد، حيث ورد في القرآن الكريم ” ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ “.
واذا تطلعنا الى واقعنا البيئي اليوم في طرابلس وجدنا ان واقعنا سيء وينذر بالخطر، فهواء طرابلس العليل والذي كان بالامس فيحاء، بات ملوثا بسبب اقدام البعض عند كل محاولة احتجاج
على اشعال الاطارات على مرأى من قوى الامن والجيش…. وطرابلس التي كانت سبّاقة في تأمين مياه عذبة الى كل مواطنيها في سنة 1932 باتت مياهها الجوفية مالحة وملوثة…. وطرابلس التي كانت قبل الاحداث من انظف المدن باتت متسخة نتيجة غياب الوعي البيئي واستهتار المواطنين بضوابط النظافة العامة…. والمساحات الخضراء التي كانت تحيط بطرابلس من كل جوانبها غزتها الكتل الباطونية وامعنت بالمدينة تشويها لجمالها الطبيعي… واللائحة البيئية السوداء تطول… ونتساءل مع كل المؤمنين بهذه المدينة، ما العمل؟ والى اين نحن سائرون؟
وبالرغم من الصفحة السوداوية للواقع الامني والبيئي في طرابلس، فقد اخترنا هذا اليوم لافتتاح حديقة بيئية تجمع بين الامل والوفاء…. أملٌ بان يسود الامن والسلام والازدهار والاطمئنان مدينتنا الحبيبة وبلدنا الغالي…. ووفاءٌ لكل الشهداء الابرار الذين سقطوا دفاعا عن حرية هذا البلد الصابر واستقلاله الشامخ. فبعد اغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن، أطلق المجلس البلدي اسمه على هذه الحديقة كعُربون وفاء من مدينة طرابلس التي احبته واعتبرته دائما واحد من ابنائها، وتخليدا لذكرى هذا الظابط البطل الفذ الذي وهب روحه فداء لكل لبنان، والذي لحق بشهيد لبنان الكبير دولة الرئيس رفيق الحريري الذي كان يحلم بوطن يعيش فيه كل ابنائه بأمن وحرية وعزة واباء.
واليوم، وبالرغم من الاوضاع الامنية الحرجة التي تشهدها مدينة طرابلس، أردنا في بلدية طرابلس ان نوّجه الى العالم رسالة تفائل بغد قريب مشرق، وبأن الليل الحالك لا بد له ان ينجلي، وأن القيد الظالم الذي يلف المدينة لا بد له ان ينكسر، وأن المدينة التي عُرف عنها الحب والاخوة بين اهلها، ستبقى على ما نشأت عليه من حب للوطن ودعما للقضايا العربية المحقة، وأن طرابلس ستعود فيحاء كما كانت بهمة ابنائها واصداقائها المخلصين.
واسمحوا لي ان اعطيكم لمحة موجزة عن الحديقة التي نحن بصدد افتتاحها:
فمع انتهاء عملية الضم والفرز في هذه المنطقة منذ حوالي 20 سنة، قرر المجلس البلدي آنذاك في عهد العميد سمير شعراني تهيأة هذه الارض لتكون حديقة عامة بهدف المساهمة في زيادة الرقعة الخضراء في طرابلس، واعدت بعض الدراسات والتصماميم، وفي عهد المجلس البلدي السابق برئاسة المهندس رشيد جمالي تم تكليف احد المكاتب الهندسية اعداد مخطط مناظري حديث، وانجز الجزء الغربي من الحديقة، وفي بداية عهد المجلس الحالي برئاسة الدكتور نادر الغزال تم تلزيم الجزء الشرقي وبلغت قيمة الالتزام المالي الثاني حوالي 600 مليون ليرة لبنانية دفعت كما في المرحلة الاولى من الصندوق البلدي.
وتعتبر هذه الحديقة الاكبر بين حدائق طرابلس العامة، وستشكل المتنفس الاساسي لسكان منطقة الضم والفرز الجنوبي، وهي مخصصة للتنزه والاستراحة وممارسة رياضة المشي، فيها حوالي 1400 متر مربع من الساحات العشبية (غازون اخضر) محاطة بانواع مختلفة من الزهور التي تزيد على 60 نوع مختلف، كما انه هناك العشرات من اشجار الحمضيات والبلح التي تم الحفاظ عليها الى جانب العشرات من الاشجار المختلفة الذين تم زرعهم لاثراء التنوع النباتي فيها .
الحديقة لديها نظام ري حديث، وفيها 100 مقاعد خشبية مثبتة على قاعدة باطون، واقفاص للعصافير ولطاووس (غير موجودين حاليا)، ومنزل حجري قديم سيخصص كافيتريا، هناك 100 سلة للمهملات مثبتة على عواميد خشبية، وهناك نظام انارة كامل مع عواميد متناسبة وفوانيس وبرجكتورات ارضية لانارة انواع البلح، للحديقة مدخلان وقد تم اعداد ممرات المشي من شحف الحجر المرصوف او من البحص المقلوب، وتم تخصيص مساحات لالعاب الاولاد، وقد تم تأهيل الابار القديمة التي كانت تستخدم للري وطبعا هناك مولد كهرباء وغرفة للناطور وحمامات عامة، وتم استبدال الخفان على الزوايا الاربعة بحديد fer forgé وذلك على مسافة 12 متر طولي مع انارة الى الداخل ليتمكن المارة من رؤية داخل الحديقة.
ايها الحفل الكريم
اننا في اليوم العالمي للبيئة ندعو كل شركائنا في هذا الوطن لامعان النظر في حالتنا الامنية والبيئية، وأن نفكر ملياً في الأعمال التي على كل منا القيـام بها، ومن ثم ننكب على مهمتنا المشتركة المتمثلة في الحفاظ على بلدنا وبيئتنا وذلك بايمان صادق وثقة وطيدة، مستشعرين الامانة الكبرى التي وضعها الله سبحانه وتعالى بين ايدينا مصداقا لقوله عز وجل: “إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ، إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا”، صدق الله العظيم، شكرا لحضوركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى