المقالات

معضلة تشكيل الحكومة إلى أين؟-8- كتب: عبدالله خالد

أصبح واضحاً ان الرئيس ماكرون سيزور لبنان وان تلك الزيارة لن تتم قبل تشكيل الحكومة وانه سيكتفي بإيفاد مستشاره إلى بيروت للتواصل مع القوى السياسية في محاولة لتذليل العقبات وتدوير الزوايا التي تعيق التشكيل وكانت بعض الأخبار التي تسربت من باريس قد أوحت بان محادثات ماكرون- الحريري كانت إيجابية وانها ركزت على الجهود التي قام بها الحريري خلال زيارته لأكثر من عاصمة كانت لترميم العلاقات العربية ولحثها على مساعدة لبنان للخروج من الأزمة التي يعيشها لبنان والتي يشكل تسريع تشكيل حكومة مهمة رشيقة من الاختصاصيين غير الحزبيين انطلاقاً من المبادرة الفرنسية وأوحت بوجود نوع من التطابق في وجهات النظر في محادثات قصر الإليزيه. وإذا كان من المفترض أن يكون موفد الرئيس الفرنسي قد وصل إلى بيروت الا انه من الواضح انه لا يوجد- حتى الآن – مؤشر على ان العقبات التي أعاقت تشكيل الحكومة لم تأخذ طريقها إلى الحل خصوصاً بعد المعلومات التي سربتها أوساط مقربة من الرئيس الحريري حول ان عدد أعضاء الحكومة ما زال كما حدده أي ثمانية عشر وزير وليس عشرين أو اثنين وعشرين كما جرى تداوله أخيراً وان حصول أي طرف على الثلث المعطل غير وارد وان التوافق في عشاء الإليزيه حول هذه المواضيع كان كاملاً. وإذا كان الحريري يراهن على نجاح ماكرون في اتصالاته الخارجية في تذليل العقبات التي تعيق تشكيل الحكومة وفق المبادرة الفرنسية التي تعطيه حرية الحركة لفرض إرادته الا انها لا تضمن له النجاح بمعزل عن مشاركة حزب الله وهو الشرط الأساسي الذي تصر واشنطن على تحقيقه. وهذا هو السبب الحقيقي الذي أعاق وما زال يعيق تشكيل الحكومة والذي أدى إلى بروز أسباب أخرى تغطية للسبب الحقيقي. ففي البداية جاءت المماطلة تحت شعار انتظار نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية لمعرفة المنتصر على أمل حصول تغيير ما يؤدي إلى نوع من تغيير الموقف الأمريكي ترافق مع تصعيد في فرض عقوبات اقتصادية وممارسة ضغوط فيها بهدف ضرب العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحر مجسداً بالرئيس ميشال وصهره جبران باسيل في محاولة لمحاصرة الحزب وعزله عن حلفائه وهكذا مورست الضغوط على باسيل لإجباره على فك عرى التحالف وحين رفض صدرت العقوبات الإقتصادية بحقه- علما أن رواية أخرى تشير إلى أن باسيل بالغ في رفع الثمن الأمر الذي أدى إلى رفضها والله أعلم- ثم هدد الحريري بنفس العقوبة إذا وافق على مشاركة الحزب مباشرة أو مداورة ترافق مع ضغوط سعودية بنفس الإتجاه وهذا ما أوقع الحريري بالحيرة فهو لا يستطيع رفض المطلب الأمريكي وفي المقابل يدرك أنه لن يتمكن من تشكيل الحكومة دون تمثيل الحزب فيها الأمر الذي فرض المماطلة في عملية تشكيل الحكومة. ولعل هذا مبرر مراهنته على إمكانية نجاح ماكرون في اتصالاته الدولية في إيجاد حل لهذه المعضلة يمكن أن يحظى برضى كل الأطراف رغم صعوبة هذا الأمر. والأمر المؤكد أنه لا يوجد مؤشر على اقتراب موعد تشكيل الحكومة في ظل الفتور في العلاقة بين الرئيسين عون والحريري التي يفترض أن يتم جهد جاد لإعادتها إلى طبيعتها التي يفترض أن تحكم العلاقة المتوازنة بين الرؤساء الثلاثة والمطلوب اليوم وقبل الغد أن تعود اللقاءات بين الرئيسين للتوافق على ثوابت تسرع إعلان التشكيلة خصوصا وأننا لم نعد نملك ترف إضاعة الوقت في مرحلة بالغة الدقة نشهد فيها تحلل مقومات الوطن بعد طغيان الأنا والمعايير المزدوجة وتراجع مصلحة الوطن العليا لحساب طغيان المصلحة الذاتية التي لا تبني الوطن.
عبدالله خالد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى