دعوة لفهم منطلقات انعقاد الملتقى العربي الدولي لحق العودة – بقلم : يونس العموري
دعوة لفهم منطلقات انعقاد الملتقى العربي الدولي لحق العودة …
يونس العموري
القدس المحتلة 10/11/2008
يأتي انعقاد الملتقى العربي الدولي لحق العودة في دمشق، (والذي سينعقد بتاريخ 23\24 تشرين الثاني من هذا العام)،
في ظل الإجتهادات والتفسيرات التي باتت تشكل وجهة نظر للكثير ممن يعتقدون انهم يعملون في الشأن الفلسطيني العام وحتى العربي والدولي، في اطار البحث عما يسمى الحلول المقبولة لحل مشكلة اللاجئين، وحسم هذه القضية وايجاد مخارج لها تضمن لما يسمى بعملية التسوية السياسية الشرق اوسطية النجاح، على اعتبار ان هذه القضية تشكل المسألة الجوهرية والمركزية في امكانية التوصل لما يسمى بالحل التسووي الفلسطيني الإسرائيلي او العربي الإسرائيلي، وحيث ان الكثير قد بات مقتنعا بضرورة التوصل الى ما يسمى بالإنجاز التاريخي التسووي فأنه يبحث دوما عن مخارج لحل قضية اللاجئين، بصرف النظر عن توافقها والإستراتيجية الوطنية والقومية العربية، بمعنى ان من احترف ويحترف مهنة صناعة التسوية السياسية ورسم السيناريوهات لها، يحاول بكل مرة يضع فيها تصورات للحلول المقترحة ان يقفز عن مسألة حق العودة لللاجئين الفلسطينين حسبما نصت عليه كافة العهود والمواثيق الدولية. وبالتالي باتت قضية حق العودة محل تفسيرات واجتهادات بعيدة كل البعد عن حق العودة ذاته، بل ان ما يتم طرحه على طاولة الإجتهادات تلك لا علاقة له بالمطلق بحق العودة وانما هي محاولات لتشويه صورة العودة وتطويع القانون والقرارات الصادارة عن مختلف الجهات الدولية والتشريعية والتي شرعنت حق العودة في أطرها القانونية الدولية وبمفاهيميا السياسية. واللافت للإنتباه ان من يبحث عن هذه الحلول ليس الإسرائيليون او الجهات المعادية لحق العودة بالمعنى التقليدي للكلمة بل هم من يحاولون اليوم شطب الكثير من الحقوق الوطنية الفلسطينية التاريخية تماشيا وانسجاما مع رعاة التوجهات السياسية في المنطقة او على المستوى الدولي. اي ان الباحثين عن بدائل لحق العودة هم ممن يتربعون اليوم على عرش صناعة القرار الرسمي العربي او حتى الفلسطيني بشكل او بأخر …
من هنا تأتي اهمية انعقاد الملتقى العربي الدولي لحق العودة، ليكون التأكيد وبأسم الأمة برجالها ونساؤها ومؤسساتها وجمعياتها وشخصياتها وفعالياتها ومجتهديها وقادتها وكوادرها، على تثبيت حق العودة ولا يمكن التفريط فيه على طريق صناعة التسوية السياسية الشرق اوسطية (اذا ما جاز التعبير). الأمر الذي يعني ان اعلان دمشق والذي سيصدر بختام اعمال الملتقى سيكون بمثابة الميثاق الذي يؤكد على هذه المسالة غير قابلة للإجتهاد او للتفسير او التأويل وبهدف وضع النقاط على الحروف.
ولمن لا يعلم او من يعلم ويحاول القفز عن الحقائق لابد من اعادة التأكيد على ان حق العودة للاجئين الفلسطينيين وفلسطيني الشتات إلى ارضهم ووطنهم حق شرعي وطبيعي أكدته الشرائع السماوية والشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وان هذا الحق ينبغي ان يكون محورا أساسيا ومرتكزا للعمل الفلسطيني والعربي من أجل حماية الشعب الفلسطيني وضمان حقوقه المشروعة وغير القابلة للتصرف. وعلى هذا الأساس تجيء اهمية انعقاد الملتقى ليكون صرخة جماعية من كل اطياف الأمة العربية والإسلامية ومن الكل الإنساني المؤمن بعدالة القضية الفلسطينية على وجوب تنفيذ حق العودة لملايين اللاجئين.
ان هذا الملتقى والذي بدا البعض بمحاربة انعقاده بحجج وذرائع شتى، وانه ملتقى مرتمي في احضان الراعي السوري، او انه ينعقد لإهداف استثمارية اخرى غير حق العودة، نقول ان الملتقى اولا وبالشكل يعتبر حشدا جماهيرا شعبيا عروبيا دوليا لإسناد حق العودة فهل من مختلف وهذا الحشد والتحشيد لواحدة من اهم القضايا الفلسطينية بكافة جوانبها ..؟؟ وان هذا الملتقى والتي شارك بالإعداد له ما يقارب 60 هيئة وتجمع عربي ودولي ليس باحضان احد ولن يستثمر لصالح اي من الجهات الرسمية او غير الرسمية الا لصالح حق العودة ذاته ولملايين اللاجئين الذين ينتظرون منذ ستون عاما لإعادتهم الى ديارهم وقراهم ومدنهم .. فهل هناك من يجاهر بعدائه لحق العودة وبالتالي يجاهر بعدائه لإنعقاد هكذا ملتقى ..؟؟ ثم ان الجغرافيا لا شك انها تفرض نفسها لإنعقاد هكذا ملتقى ولا يعني انعقاد الملتقى على الأراضي السورية يعني ارتماء الملتقى بأحضان النظام السوري بل لابد من توجيه التحية لسوريا على احتضانها للملتقى على اراضيها مع الأخذ بعين الإعتبار ان سوريا تشكل واحدة من دول الطوق والتي يتواجد على اراضيها مئات الألوف من اللاجئين … فهل هناك من يستطيع تزوير هذه الحقيقة..؟؟ والأهم من كل هذا وذاك لابد من اعادة قراءة مفاهيم الملتقى واسس انعقاده قبل تنصيب العداء له لأسباب باتت معلومة ومعروفة حيث ان الملتقى ينعقد على اساس المبادىء التاريخية والتي شكلت نبراس فعل وعمل الحركة الوطينة والقومية العربية منذ ان نشأت هذه المسألة وهي المتمثلة بأن “اسرائيل” هي المسؤولة قانونيا وسياسيا واخلاقيا عن نشوء مشكلة اللاجئين وفلسطيني الشتات بكل ما يترتب على ذلك من آثار. وان حق العودة للاجئين الفلسطينيين وفلسطيني الشتات يعد من أهم محاور القضية الفلسطينية والصراع العربي ـ الصهيوني ان لم تكن أهمها على الاطلاق وتتحمل “اسرائيل” المسؤولية القانونية والسياسية والأخلاقية. وان حق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وأراضيهم بغض النظر عن أوضاعهم القانونية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، يعد حقا مطلقا وذلك للارتباط الوثيق بين الأرض والانسان، فالحق في العودة حق أساسي لا ينبغي بحال اختزاله في اطار جوانبه الانسانية. والتمسك بمبادىء القانون الدولي العام وأحكامه وقرارات الامم المتحدة المتعلقة بحق العودة، وفي مقدمتها قرار الجمعية العامة رقم 194 لعام 1948 الذي أكد حق الفلسطينيين في العودة على نحو قاطع. وان حق العودة حق جماعي مكفول بموجب أحكام القانون الدولي العام التي أكدت على حق الشعوب في تقرير مصيرها، وهو في الوقت ذاته حق فردي تكفله المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. وان حق العودة حق ثابت ومتوارث لا يسقط بالتقادم ولا يجوز التنازل عنه أو المساس به بأي شكل من الأشكال. والاستناد الى القرارات الصادرة عن جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي وحركة عدم الانحياز وغيرها، التي أكدت على حق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وأراضيهم. وان مشاريع توطين اللاجئين والنازحين في الوطن العربي وخارجه هي محاولة “اسرائيلية” استعمارية لاهدار حق العودة وتخليص “اسرائيل” من المسؤولية القانونية والاخلاقية من هذه المشكلة. وان حق التعويض ليس بديلا عن حق العودة، بل لاحق على تطبيقه، فالتعويض يهدف إلى اصلاح الضرر واعادة الشيء إلى اصله وجبر الآثار المادية والمعنوية التي لحقت باللاجئين وفلسطيني الشتات، لكنه لا يعد بأي حال تعويضا عن الأرض التي تجب العودة اليها وفق الشرعية الدولية.
فهل هناك من يدعي انه مختلف ويختلف وهذه الاسس والمبادى العامة التي ترتقي لدرجة الفهم الإستراتيجي لحق العودة…؟؟ على اعتبار ان معاداة انعقاد الملتقى لن يتم تفسيره الا على اساس اختلافه وهذه الأسس وبالتالي استراتيجية حق العودة وتوحيد صف الأمة والجهد الأنساني في اطار تظاهرة عربية دولية شعبية جماهيرية لحق العودة ….
ان الفهم الواضح والصريح لحق العودة ومساندة هذا الحق انما يحتم مساندة الملتقى العربي الدولي لحق العودة وغير ذلك سيعتبر بمثابة مواجهة حق العودة ذاته ومعاداة لهذا الحق ….
واعتقد ان الجانب الفلسطيني بكافة تشكيلاته مدعو اكثر من غيرة لمساندة اعمال الملتقى هذا دون اقحامه في أتون فعل المزايدات الحزبية والمناكفات التنظيمية، او استثماره لمصالح فئوية ضيقة، الأمر الذي يعني تشتيت الجهد وشرذمة الأطر التي تعمل في هذا السياق. لذلك اعتقد ان الملتقى سيكون الفرصة التاريخية لإستمرار تكريس الاجماع الوطني الفلسطيني على حق العودة ورفض التوطين والتعويض بديلا عن حق العودة، ودعوة القوى السياسية والاجتماعية لمواصلة دورها في هذا المجال للتصدي لأية حلول اخرى غير حق العودة.
كما ان هذا الملتقى مناسبة عربية لإعادة الإجماع العربي والاسلامي لرفض فكرة توطين اللاجئين خارج أرضهم، والعمل على تنسيق المواقف العربية والاسلامية لصالح حق العودة. وبهذا السياق ياتي ايضا لدعوة كافة الأطراف المعنية لضرورة تحسين اوضاع اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات واحترام حقوقهم الاساسية.
Best Development Company in Lebanon
iPublish Development offers top-notch web development, social media marketing, and Instagram management services to grow your brand.
Explore iPublish Development