الأخبار اللبنانية

ملخص عن محتوى البيان الصادر عن امانة سر المجمع الانطاكي المقدس لكنيسة الروم الاورثوذكس الذي انعقد في البلمند من 14 الى 17 تشرين الأول 2013

توقف آباء المجمع عند معاناة سوريا وشعبها جراء أعمال العنف المستشرية في ربوع الوطن والتي تدمر الحجر وتقتل وتجرح وتشرد البشر. وشددوا على أن لغة العنف والقتل هي لغة غريبة عن تقاليد الشعب السوري الذي يتطلع الى العيش بحرية وكرامة في أرضه، في ظل دولة واحدة، يشارك الجميع في إعلاء شأنها وترسيخها على قيم الديمقراطية والحرية والعدالة والعيش الواحد المبني على احترام الآخر على اختلافه وضرورة السير في منطق الحوار والحل السلمي لتجاوز كل الأزمات.
وناشد آباء المجمع أبناءهم أن يقيموا في الرجاء “الذي لا يخيب”، وأن يلتزموا بقيم الإنجيل التي تدعوهم إلى نبذ العنف، واحترام صورة الله في كل إنسان، ومسح الدموع عن وجه كل معذب في الأرض، وأن يثبتوا في أرضهم، وألا يتخلوا عنها مهما قست الظروف، لأن ربهم أرادهم شهوداً فيها. وناشدوهم ألا يفرّطوا بأرضهم لحل مشكلات مادية آنية، لأن هذه الأرض جُبِلَتْ بتراب القديسين ولأنها تبقى ملاذَهم الوحيد على مر الزمن. وحضّوهم على تكثيف الصلوات من أجل السلام في سوريا وفي العالم أجمع، وعلى التعاضد في ما بينهم للتخفيف من وطأة الأزمة ولاسيما على الأكثر حاجة بينهم. وفي هذا المجال توجه آباء المجمع بالشكر والامتنان إلى الكنائس والهيئات والجمعيات والأفراد على تعاونها مع البطريركية لإغاثة الإخوة المحتاجين. كذلك شكر آباءُ المجمع أبناءَهم الذين تجاوبوا مع نداء البطريركية وأعطوا بكرم لدعم العمل الإغاثي في البطريركية وذلك من خلال عطاءاتهم بمناسبة يوم التضامن الأنطاكيّ من أجل دعم العمل الإغاثي الذي حدده المجمع المقدس في 15 أيلول 2013. وذَكَرَ آباء المجمع أبناءهم في مدينة حلب التي تفتقد مطرانيها وباركوهم على ثباتهم في الرجاء، إذ إن رماد التجارب لا يخفي وجه الحبيب الباقي.
وتوجه آباء المجمع إلى المجتمع الدولي، راجين أن يلتفت هذا المجتمع إلى آلام الشعب السوري وعذاباته، وأن يقلع عن تأجيج الحرب الدائرة، وأن يساهم بترسيخ قيم السلام والعدل والديمقراطية وأن يستثمر بالإنفاق على إعادة بناء ما تهدم وتنمية قدرات الشعب السوري بدلاً من استثماره في الحديد والنار. وكذلك حض آباء المجمع المنظماتِ الدولية والمنظماتِ غير الحكومية وجميعَ الهيئات المعنية بشؤون النازحين، إلى تأمين مستلزمات الحياة الضرورية لهؤلاء على أبواب الشتاء ليعيشوا بكرامة فيما هم يتنظرون عودتهم إلى مدنهم وقراهم.
وكرر آباء المجمع استنكارهم للعمليات الإرهابية التي تطال المواطنين الآمنين وللدمار الذي لا يوفر دور العبادة والمعالم التاريخية والثقافية الشاهدة على عراقة الحضارة السورية. وتوقفوا بأسىً عند الغموض الذي يكتنف قضية المطرانيين المخطوفين، بولس (يازجي) ويوحنا (إبراهيم). ودعوا المجتمَعَين الدولي والعربي إلى تحمل مسؤوليتهما في هذا الشأن لجلاء الحقيقة ولكشف مصير المطرانيين وجميع المخطوفين وإعادتهم سالمِين إلى أهلهم وأحبائهم. واستمطر آباء المجمع الرحمة الإلهية على نفوس الشهداء الأبرياء الذين قضَوا خلال هذه الحرب المدمِّرة خاصين بالذكر الكهنة الذين قضَوا وهم يبلسمون جراح رعاياهم.
في الشأن اللبناني
والتفت الآباء إلى لبنان، الذي يعاني أبناؤه من أزمة اقتصادية خانقة ومن قلق على المصير نتيجة الإمعان في تعطيل مؤسسات الدولة. وناشدوا جميع الأفرقاء والمسؤولين تحمل مسؤولياتهم في سبيل إنقاذ لبنان ونمو إنسانه. وحَضُّوهم على المحافظة على قيم الديمقراطية والحرية وتداول السلطة التي لطالما ميزت لبنان، ودعوهم إلى تحصين لبنان وتجنيبه المخاطر المحدقة به من كل صوب من خلال التعالي عن مصالحهم الضيقة وتجاوز خلافاتهم الآنية والعودة إلى الحوار بروح المصارحة والمصالحة، والمسؤولية الوطنية والتاريخية، وذلك بضرورة تشكيل حكومةٍ جامعةٍ تكون قادرةً على درء المخاطر والمحافظة على الاستقرار تجنباً للوقوع في أتون الفراغ، حفاظاً على السلم الأهلي.
وتداول آباء المجمع في حيثيات النشاط الوطني الذي يقوم به أبناؤهم في لبنان، مؤكدين احترامهم لتنوع آراء أبنائهم السياسية، ومذكرين في الوقت عينه بأن الكنيسة، وإن كانت لا تملي على أبنائها مواقف سياسية محددة، ترفض أن تحتكر هيئات أو جمعيات أرثوذكسية التعبير عن الموقف الأرثوذكسي، وتبقى الكنيسة من خلال مجمعها المقدس وعلى رأسه السيد البطريرك، المرجع الرسمي الذي يعبر عن موقف الكنيسة الأرثوذكسية في كل ما من شأنه أن ينير معالم الطريق لأبنائها على ضوء الإنجيل في التزامهم شؤون أوطانهم.
في العراق وفلسطين
ولم يغب العراق المعذب عن هموم آباء المجمع وكذلك فلسطين الجريحة. فصلّوا لكي يثبّت الرب العراق وفلسطين وجميع الدول العربية على طريق الاستقرار والسلام. وشددوا على ضرورة إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية المحقة.
وطلب آباء المجمع من أبنائهم أن يواجهوا التحديات التي تطرحها عليهم مجتمعاتهم وعصرنا اليوم بامتحانها على ضوء قيم الإنجيل. ودعوهم للعمل من أجل السلام السياسي والاجتماعي والاقتصادي أينما حلّوا، ولنبذ التقوقع الطائفي والعنصرية المقيتة بمختلف أشكالها، وللعيش الواحد الصادق مع إخوتهم في المواطنة، وللعمل من أجل كرامة الإنسان وحريته ووقف إراقة الدماء والتزام شؤون المعذَّبين في الأرض الذين وحد المسيح نفسه بهم.
وختم آباء المجمع دورتهم مذكرين أبناءهم بكلام القديس بولس الرسول إلى أهل كورنثس :” اكملوا، تعزوا، اهتموا اهتمامًا واحدًا، عيشوا بسلام وإله المحبة والسلام يكون معكم”. (2 كورنثس 13: 11).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

iPublish Development - Top Development Company in Lebanon
زر الذهاب إلى الأعلى