المقالات

“طرابلس الشام” حذاري أن يفكك الفساد السياسي النسيج الاجتماعي والبنيان الأخلاقي بقلم : فضيلة الشيخ هاشم منقارة *

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحي فاصنع ما شئت) هناك من يحاول وضع الإسلام بالتشدد في الأسر، ويبقى السؤال معلقاً.. من سرق الجامع وأين ذهب يوم الجمعة في مدينة طرابلس ومعهما التراحم والأمن والأمان؟ نحن هنا نتحدث عن الدور الرسائلي. ليس من التجني القول: حاضر طرابلس اليوم غريب عن الأمس. منطق “التفكيك” هوعالم ما بعد الهزائم والانهيارات ، يرتبط بنمط السلوك السياسي السائد. نتيجة أسباب ذاتية وخارجية منها شكلاً: ما يتعلق بالنسيج الاجتماعي والتركيب الطائفي والنظام السياسي. ومضموناً بالمشروعية السياسية. إنها مصيبة الثنائية قد فرضت نفسها على مسرح الأحداث يتم تعميمها كمنطق ثابت ونهائي الملفت هو كيفية استقدام هذا المفهوم الى عالم السياسة والممارسة اليومية “الفكرة مقابل الفكرة” أو “القضية مقابل القضية” هو أمر واقعي مقبول ومقاربة مطلوبة في السياسة والاجتماع وعلى ذلك تناقش المفاهيم دون سوء فهم أو استخدام. إلا ان الإكثار حالياً من المفاهيم التي تأخذ بالثنائية شكلاً ومضموناً في الخطاب السياسي الراهن دليل على النية الاستغلالية الإقصائية المُبيتة من خلال إيجاد الذرائع والسلوكيات المتناقضة لوضع الرأي العام امام خيارات محددة بأثنين: “من ليس معنا فهو ضدنا” انه المنطق الذي دعا اليه بوش الأبن إبان غزو افغانستان والعراق وتقمصه البعض من أبناء جلدتنا. بمعنى أوضح محاكمة الفعل لا النوايا يٌضعف حجة المتاجرة واللعب على وتر الفتنة والتحريض.

اليوم الشارع ممتلئ بثوار أصغر من القضية. أهداف وشعارات ليست على مستوى المرحلة الأهم وحسب ترتيب الأولويات. كل ذلك من أجل الترويج لطروحات حق يُراد بها باطل لوضع الفكر المقاوم في دائرة الاتهام ودفعه للمعارك الجانبية بالدفاع عن نفسه بدل الاستدلال به كمفخرة للأمة اثبتت فرادتها الحضارية. لم يعد لمدينة العلم والعلماء التي نحب طرابلس الشام سوى رسم درس من اسمها أو كاد. ندق ناقوس الخطر ولا نتباكى على الاطلال ومؤشرات اغتيال العلماء وتفجير اماكن العبادة من الخطورة بمكان. فقد انهكها الصراخ الجاهلي .على الوانه المذهبي والسياسي بل والشوارعي في سوق عكاظ وبازارات السياسة. هناك بالتأكيد من يود بيعها الخدعة بباهظ الثمن على شكل معارك وحروب ازقة وزواريب. وفوضى عارمة تتيح فرض المزيد من الخوات المادية والمعنوية المشبوهة التي بات يلحظها الطرابلسي بوضوح في يومياته. وهو ينتظر الفرج بفارغ القهر. على حياته وارزاقه وغده واعصابه. نحن نثق بأهلنا في طرابلس وبأهدافهم المشروعة وحنينهم الكبير لاستحضار دور مدينتهم الحضاري من التاريخ. لكن هل بالصراخ والتحريض الذي يطال الذات قبل الآخر يتحقق الأمن والسلام والاحترام المنشود وتستجد فرص العمل الملحة التي قضى ابنائنا في سبيلها وهم يغامرون فوق عبارة الموت من اندونيسيا الى أستراليا في ظلمات (الملقب ابو صالح والبحر) ، يقال المشكلة في البطالة. دون تسخيف لباقي القضايا المحقة في الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي وإلى ما هنالك مما عجز عن بناءه النظام الطائفي لكن أيضاً يقال رأس المال جبان. فمن هو المستثمر إذاً الذي يغامر؟ ومن الحب ما قتل بالحرمان! الأدهى والأمر ليس ركوب السياسيين امواج الترهات الشعبوية لبقائهم فوق الاعناق والارزاق كداء به الدواء. بل ما بدئنا نشاهده من بعض (العلماء) وانسياقهم فيما لا نتمناه لهم. هم يعلمون كما نعلم تداعيات ان تسود الفوضى ويصبح الأمر برمته وقد اسلس القياد للغة الشوارعية عندما تصبح تماسيح تلتهم كل من يقف في طريقها. ها هما المفتيان قباني والشعار اضحيا بين ليلة وضحاها برأي تلك اللغة ما لا نود ذكره بالطبع. نعم بات الاعتدال والتراحم يهدد كيان هيكل الفوضى الذي يود البعض بنائه لأهداف القصد منها احداث البلبلة بالفتن مع الذات والآخر بأنواع يصبح معها الحليم حيران. تبدو الأمة بمسارها وبمكوناتها ذاهبة نحو المزيد من التفريغ والتفريخ الآلي لنماذج غب الطلب كانت المحاولة اولاً بفرض للديموقراطية الغربية بمقاربات حق القوة تلاها محاولات الترويج لإسلام على شاكلة الذي ادعاه نابليون اثناء غزوه ارض الكنانة “مصر” بأنه انما جاء ليطبق الشريعة وهو بحاجة في ذلك لجهود علماء الأزهر ودوره!.

في العصر الجديد لم تعد تفلح اساليب العملة القديمة كهذه. الأمة اليوم تواجه مفردات مشبوهة زرعت بصواعقها من الداخل. ها هم العرب والمسلمون أشداء فيما بينهم رحماء بالأعداء! في مسألة التفريغ لبنان نموذج يحتذى تزداد الحاجة لتجديد الحياة السياسية لوقف انهيار البلد فيستمر التخلي بوتيرة متصاعدة رغم المناشدات. وكأنهم المُلاك والمتصرفون بملك الله وليس لهم من الأمر شيء. يكاد معها المواطن يقول الا يوجد في امتنا وبلدنا ومدينتنا رجل رشيد؟ ها هي المؤسسات الأم على وقع انهيارات وطنية من مجلس نيابي الى حكومة تعيش على التمديد وتستمر بوكالات منتهية الصلاحيات ويحدثونك عن التداول السلمي للسلطة! لم يفت الاوان بعد يمكن للغة الحكمة والتعقل ان تجبر بعض ما انكسر وجله يتم بالمرحمة وليس بالملاحم اليومية على طريقة “دونكيشوت”. وبشكل عملي مدينة طرابلس اللبنانية المستفيد الأول من الحلول الاقليمية ومن تجديد الحياة السياسية الداخلية. لكن ايضاً وريثما يتم ذلك وقد يطول على علماء طرابلس وقيادات المدينة ونخبها بل واهل طرابلس جميعاً ليس ان يتفقوا على كل شيء بل اقله أن يحترموا وجهة النظر الأخرى فيما بينهم اولاً ومع الآخرين ثانياً. وهذا يتطلب دوراً اصيلاً للمجتمع المدني الحي بكل تركيباته. ولا بأس من صيغ عملية تؤدي للأهداف المنشودة بغض النظر عن المصطلحات سواء كانت لقاءات او مشاورات او ما سوى ذلك. إن أخطر ما تواجهه مدينة طرابلس هو محاولة مواجهة مشاكلها بمزيد من الفوضى بتبرير مل لحق بأهلها من ظلم وإهمال. إن عمق القضية بتداعياتها الكبيرة يتطلب إعادة رسم الرؤية الاصلاحية للقضايا المطروحة من جديد تقوم على العدالة المطلقة وبإعادة الاعتبار للقضايا الانسانية الأساسية.

* “رئيس مجلس قيادة حركة التوحيد الإسلامي ، عضو جبهة العمل الإسلامي واتحاد علماء بلاد الشام”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

iPublish Development - Top Development Company in Lebanon
زر الذهاب إلى الأعلى