الجميل من واشنطن: هل نشهد فجر عهد جديد من الاستقرار أم نحن أمام تداعيات طويلة الأمد من موجات الحرب؟

وعن التحولات التي يشهدها العالم العربي، سأل الرئيس الجميل إذا كنا “نشهد بزوغ فجر عهد جديد من الاستقرار والرخاء، أم نحن أمام تداعيات جديدة وطويلة الامد من موجات الحرب والدمار؟”. وإعتبر أنه “رغم موجة التشاؤم التي تظلل مستقبل المنطقة، يعتبر التوجه الآخر والوازن الشرق الأوسط منطقة ازدهار يعول عليها، فهي تشهد معدلات نمو مرتفعة لمؤشرات رئيسة، مثل رأس المال البشري وروح المبادرة والموارد الطبيعية وتكنولوجيا المعلومات”. كما أشار إلى “أن العالم العربي على استعداد لإطلاق المبادرات وتطويرها بغرض اعادة بناء الحوكمة الرشيدة وتداول السلطة سلميا وتعزيز الشفافية وضمان الحرية والتعددية”.
ودعا إلى “إطلاق خطة مارشال عربية من أجل الحرية والتعددية والحوكمة الرشيدة، على أساس تعاون عربي-غربي يقوم على أنماط جديدة من الشراكة بين الشرق والغرب، وليس على أساس ممارسة الوصاية التي أفسدت سابقا العلاقة بين الأفرقاء والتي فقدت صدقيتها”. وحدد أهداف هذه الخطة بالإصلاح الاقتصادي من خلال إعادة إعمار البنى التحتية وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، وبإصلاح المؤسسات من خلال المساعدة على تأسيس نظم حوكمة جديدة تقوم على الانفتاح والشفافية، وبالإصلاح الفكري من خلال تجديد أنظمة التعليم وتفعيل الحوار العقلاني وتعزيز قوى الاعتدال في كفاحها العادل والمحق ضد التطرف وتفعيل سبل تشجيع المجتمعات المتعددة على العيش بسلام”.
وحض الجميل على عقد لقاءات ومؤتمرات أخرى تتبع هذه الخلوة الافتتاحية، “تنخرط فيها مجموعة كبيرة من الشركاء العرب والأجانب وتهدف إلى وضع تصور- اطار مشترك لمبادرة بيت المستقبل ومؤسسة جيرمان مارشال فاند لتحقيق هذه الأهداف بنجاح وفاعلية، باعتبارها مسارا طويل الأمد يتطلب الدراسة والتفكير والعمل”.
وقال: “بصفتي مؤسس بيت المستقبل ومديره، أتوقع وكلي أمل، أن نطلق اليوم تعاونا مستداما ومثمرا بين بيت المستقبل وجيرمان مارشال فاند.
وأتوجه إلى صديقي العزيز، الرئيس كريغ كينيدي، رئيس “جيرمان مارشال فاند”، وأقول لك “شكرا” من القلب، فقيادتك المتميزة كانت السبب وراء إطلاق هذا المؤتمر والمبادرات المتصلة به.
أود أيضا أن أعرب عن امتناني لصديقي وزميلي الدكتور حسن منيمنة، الذي عمل دون هوادة لوضع إطار للمفهوم الجامع والمشترك بين “بيت المستقبل” و”جيرمان مارشال فاند” بشأن المبادرة الإصلاحية والانمائية للشرق الأوسط المضطرب”.
وأضاف: “كلنا يعلم أن العالم العربي يشهد تحولا كبيرا واسع الأبعاد والدلالات. لكن السؤال الذي لم نتمكن حتى الآن من الإجابة عنه هو:
هل نشهد بزوغ فجر عهد جديد من الاستقرار والرخاء، أم نحن أمام تداعيات جديدة وطويلة الامد من موجات الحرب والدمار؟
صحيح أن بعض الأدلة ترجح التشخيصات المتشائمة والمتفائلة على حد سواء، إلا أن “بيت المستقبل” و”جيرمان مارشال فاند” عقدا العزم على استنفاد كل الفرص لمواصلة دعمهما للطلائع الشجعان الذين يسعون إلى إحداث تغيير جذري في العالم العربي.
إن شراكة “بيت المستقبل” و”جيرمان مارشال فاند” تقبلت بعزم وحماسة كبيرين التحدي القاضي بالمساعدة على بناء شرق أوسط أفضل ضمن إطار السلام والاستقرار والتعددية وحقوق الإنسان.
ولعله من السهل اليوم تصديق الحجج التي تعتبر الشرق الأوسط منطقة صراع وعدم استقرار، حيث تندر موارد التنمية المادية والبشرية في ظل الحرب الشرسة المستعرة الآن في سوريا، وعلى خلفية سلسلة من الصراعات العنيفة ولو المحدودة التي تنشب وتشتعل في مناطق الأزمات الأخرى، بما فيها لبنان.
وخلافا لهذا التوجه، هناك أدلة معاكسة، رغم أنها تلقى اهتماما أقل بكثير ورواجا أدنى مما تستحقه. إنه توجه يعتبر الشرق الأوسط منطقة ازدهار يعول عليها، وهي تشهد معدلات نمو مرتفعة لمؤشرات رئيسية، مثل رأس المال البشري، وروح المبادرة، والموارد الطبيعية، وتكنولوجيا المعلومات.
لكن الاضطرابات المستعرة أدت من جهة إلى ضمور المؤسسات الحكومية والاجتماعية أو انهيارها التام في دول مثل اليمن وليبيا ومصر ودول عربية أخرى. ومن جهة أخرى، نلاحظ أن العالم العربي على استعداد لإطلاق المبادرات وتطويرها بغرض اعادة بناء الحوكمة الصالحة، وتداول السلطة، وتعزيز الشفافية وضمان الحرية والتعددية. كما يجب أن تركز جهود الإصلاح على إعادة الإعمار بعد الصراع؛ وعلى تجديد أنظمة التعليم، وعلى التنمية الاقتصادية، وعلى توفير الرعاية الصحية وضمان جودتها”.
وتابع: “إن التوجه التنموي الذي يعزز الشراكة بين “بيت المستقبل” و”جيرمان مارشال فاند”، قادر ليس فقط على تحقيق تحول في الشرق الأوسط فحسب، بل على احداث تحويل في الاقتصاد العالمي والجغرافيا السياسية في العالم. إلا أن هذا التوجه الإيجابي يجب رعايته وتشجيعه وتمكينه من داخل المنطقة ومن خارجها على حد سواء.
ويتعين على المناصرين العرب لفكرة النمو، بمن فيهم القادة السياسيون والتكنوقراط والأكاديميون ونشطاء المجتمع المدني، التعاون مع نظرائهم الغربيين لرفع مستوى الزخم المطلوب، وذلك بالاستناد إلى أنماط جديدة من الشراكة بين الشرق والغرب، وليس على أساس ممارسة الوصاية التي أفسدت العلاقة بين الأفرقاء والتي فقدت صدقيتها.
ومن الضروري والملح، حتى في خضم “العاصفة”، النظر إلى المستقبل والتبصر في إملاءات فترة ما بعد العاصفة ومقتضياتها، وضرورات ما بعد الأزمة التي لا بد ناشئة في نهاية المطاف، وهذا ما نقوم به هنا الآن”.
ورأى “أن المؤسسة التي تحمل اسم جورج مارشال المميز، تتحلى بتراث عريق وخبرة متميزة في مجال إقامة الائتلافات التحويلية، وهي غالبا ما تكون عملية صعبة ومشحونة على الرغم من حيويتها. وانطلاقا من إرث الجنرال مارشال. دعونا نفكر ولو للحظة في أوجه التشابه الثلاثة بين ظروف ما بعد الحرب العالمية الثانية في أوروبا والحقائق المفترض أن تسود في الشرق الأوسط، بعد التحولات العربية الأخيرة.
أولا، الحاجة إلى إعادة الإعمار المادي والتنمية الاقتصادية.
ثانيا، ضرورة إحلال ما يمكن أن يسمى بـ”الاعتدال الملهم” لضبط الدعوة الخطيرة إلى التطرف (في أوروبا جاء التهديد من التطرف السياسي المسمى بالشيوعية، أما في الشرق الأوسط فجاء من التطرف الديني والحركات التكفيرية الرافضة للآخر).
ثالثا، الحاجة إلى نظم حوكمة جديدة، على المستوى المحلي ومستوى التعاون الإقليمي على حد سواء.
دعوني أقول انني مؤمن إيمانا راسخا بأن ما أسميه اليوم “خطة مارشال العربية من أجل الحرية والتعددية والحوكمة الصالحة” يمكنها أن تساعد في تحول الشرق الأوسط المحفوف بالاضطرابات، تماما كما شكلت خطة مارشال التاريخية في نهاية الاربعينيات العنصر المسرع للتنمية الاقتصادية والاعتدال السياسي والتعاون الدولي”.
وقال: “في مجالي الحرية والتعددية، يمكن أن تولي “خطة مارشال للعالم العربي” المقترحة أولوية أكبر للتعليم والحوار بهدف تعزيز حلول التناغم الجماعي أو بعبارة أخرى، تفعيل سبل ووسائل تشجيع المجتمعات المتنوعة للعيش معا بسلام. وفي هذا الإطار، يمكن وضع هذه الاجراءات وتلك المتعلقة بالتعليم تحت شعار “إصلاح العقل”.
وفي مجال الحوكمة، يمكن أن تركز “خطة مارشال العربية” على قضايا الانفتاح والشفافية وتداول السلطة، وبخاصة تحديد ولايات الحكم. ويمكن ادراج هذه الخطوات وسواها المتعلقة بالحكومة تحت عنوان “إصلاح المؤسسات”.
وقبل كل شيء، يجب أن تؤكد “خطة مارشال العربية” على أن عهد الشراكة منفصل عن مفهوم الوصاية القديمة. فخطة مارشال التاريخية نجحت لأنها شجعت الأوروبيين على التعاون معا بهدف بناء شراكة تعاون دائمة مع الولايات المتحدة.
وعلى نحو مماثل، يجب أن تشجع “خطة مارشال العربية” العرب الذين اثبتوا نجاحات في قطاعات الدولة والمجتمع الرئيسية، وبخاصة الشباب منهم، على قيام تعاون عابر للحدود الطائفية والعرقية والوطنية، وتاليا بناء علاقات دائمة مع الشركاء الدوليين، وبخاصة في أوروبا وأميركا الشمالية.
كما يقتضي صوغ برامج “خطة مارشال الجديدة” وأنشطتها بشكل يسرع النمو في الشرق الأوسط ويعززه من خلال الاستفادة جزئيا من تكنولوجيا المعلومات ووسائل الإعلام لفتح مجالات عامة جديدة وتنشيط قوى الاعتدال في كفاحها العادل والمحق ضد التطرف”.
وأضاف: “لا بد من التذكير بأنه سبق للجهات الفاعلة في المجتمع المدني، وبخاصة الشبابية منها أو المدعومة منهم، باحداث تغيير وتحول في المشهد السياسي في المنطقة. فالدكتاتوريات القديمة سقطت أو في طور السقوط، أو على الاقل أجبرت على التفاوض والمساومة مع قوى التغيير الشبابية كما هو الحال في مصر.
كما تجب الاشارة الى التلازم العضوي القائم بين النمو والمجتمع المدني في الشرق الاوسط، فإما ينتصران معا أو يفشلان معا. ويقتضي لتجنب الفشل، تنسيق الجهود الطويلة الأمد التي يمكن أن تتخطى الموروثات الاجتماعية والسياسية والدينية المضطربة في الشرق الأوسط وتطوير مسارات بديلة على أساس المشاركة المدنية والتكامل الإقليمي والشراكة الدولية”.
وأكد أن “تحقيق النجاح يتطلب وضع تصور- اطار مشترك لمبادرة “بيت المستقبل” و”جيرمان مارشال فاند”، وتنفيذه باعتباره مسارا طويل الأمد ينطوي على الدراسة والتفكير والعمل. ويجب أن تتبع هذا الاجتماع الافتتاحي مؤتمرات أخرى تنخرط فيها مجموعة متنامية من الشركاء الذين يجسدون تنوع المصالح والمؤسسات والدوائر الانتخابية.
نعم، من أجل الاستمرار والازدهار، يجب أن تجذب “فكرة النمو” التي أتيت على ذكرها منذ قليل شبكة من الجهات الفاعلة المساهمة والداعمة، من الدول العربية وأوروبا وأميركا الشمالية وروسيا واليابان وغيرها… وسوف يسعى “بيت المستقبل” من جهته، التنسيق مع المؤسسات العربية الرئيسية لبلوغ أهداف هذه المبادرة.
ومن خلال اجتماع اليوم وسواه من الاجتماعات التي ستعقد في المستقبل، يدعو كل من “بيت المستقبل” و”جيرمان مارشال فاند” مجموعة واسعة من الأفراد والمؤسسات للمشاركة من خلال الأفكار والموارد في المهام العظيمة التي نسعى إلى تحقيقها”.
Best Development Company in Lebanon
iPublish Development offers top-notch web development, social media marketing, and Instagram management services to grow your brand.
Explore iPublish Development