المقالات

المسؤولية الادبية في انحدار مستوى الخطاب السياسي كتب: نبيل الزعبي

ليعذرنا من يعتب على الخروج عن طريقة التلميح دون التصريح ،
فالقارئ يدرك تماماً ان المقصود لم يعد يهاب النقد وهو الذي يدرك ويطّلع يومياً على كل ما يقوله فيه الناس بالتجريح او الاسفاف الكلامي الذي هو آخر ما يلجأ اليه الاعزل من السلاح ،
فالغاية من كل ذلك ان يصل الموقف الى المسؤول ويتعّظ وينزل الى الناس ،فلا يفعل ، ويبقى معانداً،
ربما لأن ما يجعله متمسكاً ب”الكرسي”اشدّ التصاقاً من الالتزام بقضايا الناس .
لم يعد المواطن اللبناني المقهور بحاجة بعد اليوم الى من يحرّضه على النظام الذي يحكمه،
وليس مكرهاً ايضاً على احتقار من يمثلونه في هذا النظام ،
كما انه لا يحتاج الى من يدفعه للنزول الى الشارع ليقول رإيه في هؤلاء ،
فقط يكفيه لحظات مشاهدة واستماع لنشرات الاخبار على مدى ساعات النهار والليل ليفعل كل ذلك ،
ويخرج عن طوره ويتفلّت من لسانه كل كلام ٍغير مطروق في مقامات الادب ،
فينزلق الى البذاءة يلصقها بهم،دون استثناء ،
ولا يجد سوى ذلك للتعبير عن شعوره نحوهم ،
عساه يستعيد شيئاً مما سلبوه اياه ،
وقد سلبوه كل شيئ ولم يبق له غير الشتيمة لوصفهم ،
وذلك اضعف ما يمكنه عليه هذه الايام .
انها حالة غير مسبوقة في الحياة السياسية اللبنانية ،يوازيها في ذلك ان السياسي اللبناني صار يسمع شتيمته على الهواء ومعه افراد عائلته الذين منهم من يعتبره القدوة الصالحة والنظيفة له ،فلا يرد ولا ينافح عن سمعته المتدهورة، اقله لحفظ ماء الوجه امام اهله وخلّانه واصحابه .
يدفعك فضولك الادبي لتفسير هذه الظاهرة فلا تجد غير وصمهم بالحقارة والذلة التي لا يهم صاحبها بعدها كل ما يُلصق عليه من اوصاف ،
وتنقّب في كتب الادب والتراث علّك تجد من يعينك على التفسير ،
فتطالعك مقامات بديع الزمان الهمذاني الذي عايش هكذا ظاهرة في زمان سُمّي ب “عصر الانحطاط”
فاطلق على حرامية ذاك الزمان مصطلح “الشطار “في قصصٍ قصيرة سردت وقائع واحداث فيها الكثير من الخداع والمكر والدهاء ،
غير انه وفي وصفه للشطار الذين يقطعون الطرق ويسلبون الناس ما بحوزتهم ،
حاول اضفاء صفة ” الذكاء الاجتماعي”على هؤلاء وهم يخدعون الناس بالوسائل الشتى ،،
وتحاول ان تقارب بين ذلك الزمان وزماننا لتعثر عن ما يشفع لفاسدي زماننا فلا تجد سوى ان تترحم على زمن الشطار الذي اصطلح مؤرخوا الادب على تسمية انتاجه الادبي ب “ادب الانحطاط ” وترفض ذلك في سرّك وتتساءل كم كان مظلوماً ذلك الزمان امام انحطاط هذا الزمن .
الى كل ذلك ،نحن امام فتحٍ جديدٍ في عالم الادب ،
اسمه : أدب الشتيمة،
و هو النوع المتفلّت من الأدب. لا يُلجأ اليه الا عندما تتعطل كل أبجديات البيان والتبيين والبلاغة والنحو والاستعارة وعلوم البديع،
وهذا ما تلجأ اليه العامة والخاصة في البلد هذه الأيام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى