المقالات
أربعة أعوام على وثيقة التفاهم بين التيار وحزب الله – بقلم: حسان الحسن

نقاط عدّة صارت واقعاً وأخرى تنتظر
حسان الحسن-
أربعة أعوام مرت على توقيع وثيقة التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله في كنيسة مار مخايل في الشياح، هذه المنطقة التي كانت تشكل خط تماسٍ إبان الحرب الأهلية، لتتحول بعد لقاء القطبين اللبنانيين السيد حسن نصر الله والعماد ميشال عون فيها، إلى نقطة تلاقٍ، ومحطة أساسيةٍ في تعميق سياسة التفاهم، ومساحة هامة للتعبير عن حق الاختلاف.
وفي التوقيت، ولدت الوثيقة في أعقاب حوداث 5 شباط الشهيرة، حين أقدم محتجون على رسوم كاريكاتورية طاولت النبي محمد على تحطيم كنيسة مار مارون في الجميزة والتعدي على عدد من الأملاك في منطقة الأشرفية.
وقد لاقى توقيع هذه الوثيقة سيلاً من الترحيب والانتقاد في الوقت عينه، ففي حين اعتبرها بعض الأفرقاء مدماكاً أساساً في بناء لبنان القوي القائم على الشراكة واحترام حق الاختلاف، رأى البعض الآخر أنها تعبّر عن وجهة نظر ثنائية جديدة في الحياة السياسية اللبنانية، وأنها تسهم في تشريع دور سلاح حزب الله، علماً أن الحزب كان متحالفاً انتخابياً مع هؤلاء المعترضين في ما يعرف بالاتفاق الرباعي، والذين شكّلوا بعدها حكومة شارك فيها حزب الله لأول مرة.
إضافة إلى ذلك، تضمنت الوثيقة المذكورة عناوين كبرى تعني جميع اللبنانيين، وأبرزها: أن الحوار الوطني هو السبيل الوحيد لإيجاد الحلول للأزمات التي يتخبط بها لبنان. فلم يمضِ بعد توقيعها أقلّ من شهر حتى دعا الرئيس نبيه بري إلى طاولة الحوار، وقد شكّلت البنود التي تضمنتها وثيقة مار مخايل المواد الدسمة في النقاشات التي دارت على تلك الطاولة، والعناوين الأبرز التي جاءت في خطاب قسم رئيس الجمهورية ميشال سليمان.
وفي هذا السياق، اعتبر قيادي كبير في التيار الوطني الحر “أن التلاقي اليوم مع تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، هو امتداد للتفاهم مع حزب الله”، مشيراً إلى “أن هناك لجاناً مشتركة من “التيار الوطني الحر” و”المستقبل” تعقد اجتماعات متتابعة في سبيل التوصل إلى تفاهم على التوجهات المشتركة”، آملاً في أن ينضم أفرقاء جدداً إلى “وثيقة مار مخايل” التي اعتبر أنها شكلت نقطة مفصلية في حياة الوطن ومستقبله.
ومن جملة ما خرجت به الوثيقة، أن الديموقراطية التوافقية تبقى القاعدة الأساس للحكم في لبنان، وهذا ما لم تقتنع الأكثرية النيابية بتطبيقه، إلاّ بعد مرور سنتين ونيف على توقيع الوثيقة، تخللهما فراغ في رئاسة الجمهورية، واستئثار في السلطة من الأكثرية المذكورة، نتج عنهما حوادث دامية في لبنان بعد صدور قرارين عن حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في أيار 2008، ليولد بعد ذلك اتفاق الدوحة، ويتم انتخاب رئيس للجمهورية.
أما في شأن المفقودين خلال الحرب، فأشار القيادي إلى “أن التيار والحزب حملا هذه القضية وأوصلاها إلى القنوات الرسمية، فتم تشكيل لجان مختصة لمتابعة هذا الأمر، برعاية مباشرة من رئيس الجمهورية”.
وعن قضية العملاء اللاجئين إلى فلسطين المحتلة، كشف “أنه تحقق تقدم كبير في سبيل استعادة هؤلاء اللاجئين، وتقديمهم إلى المحاكمة في لبنان، غير أن الأكثرية وعلى رأسها السنيورة عرقلوا هذه العملية، كي لا تحقق المعارضة أي كسب سياسي”.
وفي موضوع تنظيم العلاقات اللبنانية – السورية، هي اليوم إلى مزيد من التقدم، بعد الزلزال الذي ضرب المنطقة عقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والذي أثّر سلباً في هذه العلاقة، وكانت ذروة هذا التقدم زيارة الرئيس سعد الحريري لدمشق.
حمل “التيار الوطني الحر” وحزب الله لواء تحرير لبنان منذ نشأتهما، وقد شدد الفريقان على ضرورة الحفاظ على سلاح المقاومة حتى تحرير الأسرى والأرض، وكانت ثمرة هذه الإرادة إطلاق عميد الأسرى اللبنانيين والعرب سمير القنطار، بعد عدوان “إسرائيلي” على لبنان دام 33 يوماً، أثبتت فيه المقاومة أن لبنان قوي بقوته ومقاومته المنسقة مع الجيش. وقرر الحزبان ترك التفاهم على استراتيجية تحمي لبنان من اعتداء محتمل على أراضيه، لهيئة الحوار الوطني.
أما الأمور التي لم تتحقق من الوثيقة المذكورة فهي: إقرار قانون انتخابي عصري يعتمد النسبية والذي لاقى رفضاً أكثرياً في الدوحة، نزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، تحسّن أوضاع الفلسطينيين الإنسانية، وتحييد الأجهزة الأمنية عن السياسة. في هذا الصدد أكد القيادي في التيار الوطني الحر “أن التيار تلقى وعودواً من بعض الجهات السياسية بتحقيق هذه الغاية في التعيينات المرتقبة”.
وفي نظرة سريعة لمصدر مسؤول في حزب الله على ما تحقق من وثيقة التفاهم، رأى: “أنها قدمت رؤى جديدة لتصحيح الوضع السياسي الذي كان سائداً في لبنان، وأنتجت شراكة وطنية حقيقية، وتصدّت لكل أشكال الاستئثار في السلطة، إضافة إلى أنها طمأنت شريحة كبيرة من المسيحيين”.
وثيقة التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله تجربة لا شك تستحق التوقف عندها أياً كان الرأي والموقف منها، والأيام والسنوات المقبلة وما تحمله من تطورات ومواقف كفيلة بتظهير مدى صوابيتها، وأهميتها أو مكامن خللها إذا وجدت…
Best Development Company in Lebanon
iPublish Development offers top-notch web development, social media marketing, and Instagram management services to grow your brand.
Explore iPublish Development