المقالات

حصاد بيئي لسنة 2009 بقلم :اسامة القيسي

فوضى عارمة…. هذا ما وصل إليه علماء المناخ الذين يدرسون تأثير التغيرات المناخية على الأرض للسنين القادمة فلم يستطيعوا الوصول إلى نتائج واضحة  ومحددة للضرر الذي يمكن أن تصل إليه الأمور بناء على المعطيات المتوفرة لديهم ومدى فداحة الأمر الذي لم يستطيعوا حتى أن يتوقعوه ، ولن نقف على استنتاجاتهم ولكن سنقوم بجردة حساب بيئية علّها توقظ  بعض من ناموا على حرير سابقاً وأوصلونا الى ما نحن عليه وحتى لا ننام على حرير هم وتلومنا  الأجيال القادمة ومنهم أبناؤنا وأحفادنا.

وبإحصائية بسيطة أجريناها ليست تخصيصة ولا علمية وإنما استقينا عناوينها من بعض معلومات مراكز الدراسات البيئية لسنة 2009  تبين لنا التالي:

×     على صعيد الزلازل فان عددها تجاوز 54 زلزالا و40 هزة أرضية باندونيسيا وايطاليا والصين والهند وأزمير وألاسكا والمكسيك واستراليا وغيرهم هذا بخلاف الهزات الارتدادية خلّفت أكثر من 5100 قتيل و3058 جريح والآلاف من المتشردين واللاجئين والمفقودين وأضرار بمليارات الدولارات بالممتلكات  والمرافق.

×     ازدادت حدة العواصف العادية والأعاصير المدارية الكبيرة في الصين والفلبين واليابان وتايوان تجاوز عددها ال  14  فاق عدد القتلى فيهم 1500 شخصا  و 869 مفقودا و30 جريحا و15 ألف متشرد ولاجئ.

×     الفيضانات والسيول فاق عددها عن 15 في الصين والتشيك وتركيا والهند وباكستان والجزائر وغيرها قتلت 899 وجرحت 131 وشردت أسراً بحالها وما يزيد عن المليون شخص وخربت محاصيل زراعية وأضرت بالبنى السكنية والتحتية لمدن كاملة .

×     ازداد توليد النفايات الصلبة وازدادت الحاجة الملحة لتكرير مياه الصرف الصحي نتيجة النمو السكاني ،علما أن أكثر من 2.6 بليون شخص في العالم، أي حوالي 40 في المائة من سكان العالم، يفتقرون إلى مرافق الصرف الصحي الأساسية.

×     عانينا وسنعاني نقصا حادا بالمياه الصالحة للشرب وستزيد هذه المعاناة اطّرادا ، هذه المياه التي ستكون سببا رئيسا للتناحر بين الدول المتجاورة والمتشاطئة والتي صارت بندا دائما بأي مفاوضات لحل النزاعات بين الدول . وبالسياق نفسه ما زال أكثر من بليون شخص يستعملون مصادر مياه شرب غير نقية. ويموت آلاف الأطفال يومياً بسبب إصابتهم بالإسهال وبأمراض أخرى لها صلة بالماء، والصرف الصحي، والنظافة الشخصية، مما يجعل عدم توفر مياه نقية ثاني أكبر سبب يودي بحياة الأطفال دون الخامسة من العمر.

×     حدثت انزلاقات عديدة للتربة في عدد من الدول أدت إلى وفاة 41 شخصا وجرح 12.

×     ضرب الجفاف بعض البحيرات كما حدث لبحيرة الارال سابقا ويحدث لبحيرة طبريا وللبحر الميت ولنهر الأردن حاليا ….

×     زادت معدلات سقوط الأمطار الغزيرة بشكل ملحوظ في بعض البلدان مثل دول الخليج والمغرب العربي ولبنان والاردن وفلسطين  ومصر وبريطانيا ونيكاراغوا  … مما ادى الى موت 292  شخصا و50 ألف متشرد وفقدان ما زاد عن الألف شخص. وانحبس المطر في مناطق أخرى.

×     وصلنا بهذه السنة لأعلى نسبة تلوث “رغم كل الأكاذيب عن تخفيض بعض الدول لانبعاثاتها”

×     واجهنا أمراضا جديدة كأنفلونزا الخنازير ويتوقع ظهور المزيد من هذه الأمراض.

×     ازدادت عدد وسائل النقل البرية الملوثة بشكل ضخم نتيجة للامتداد الأفقي للمدن أثقل أعباء البيئة وأصبحت المدن أكثر ازدحاما وتلوثاً.

×     وازداد التلوث بزيادة عدد وسائل النقل البحرية والجوية الناقلة والشاحنة بوضوح كبير يظهر بزيادة عدد شركات الطيران الاقتصادية والمنخفضة التكاليف.

×     انتشر بشكل عشوائي قطع أشجار الغابات والأحراش بهدف بيع أخشابها ما افقد التربة تماسكها وانقص أهم عوامل تنقية الهواء .

×     تزايدت حرائق الغابات والأحراش المفتعلة وغير المفتعلة والتي أتت بسرعة على ملايين الهكتارات من الأشجار الحرجية والمثمرة في حرائق اسبانيا وكورسيكا-فرنسا اليونان وأوروبا بشكل عام كاليفورنيا وتكساس  وبعض دول المشرق والخليج العربي ….. خلّفت ألاف القتلى والمهجرين والمعاقين ورحّلت الآلاف عن منازلهم ، هذه الخسائر في الغطاء الأخضر لا يستطيع البشر تعويضها بحملات تشجير موسمية غير متواصلة لا تحقق الأهداف المرجوة، في ظل التغييرات البيئية الكبيرة والمتسارعة.

×     شهدنا اضطرابات مناخية أدّت إلى موجات حر وموجات صقيع ضربت مناطق لم ترى فيها من قبل مثل السعودية واليمن وبمعدلات غير معهودة عن السنين السابقة كأوروبا .

×     وعلى صعيد التصحر العالمي يتعرض حوالي 30% من سطح الأرض لخطره بفقدان 10 ملايين هكتار من الأراضي سنويا وتأتي إفريقيا وآسيا في مقدمة قارات العالم من حيث التأثر بهذه المشكلة.

×     تزايدت الأنشطة البركانية وما ينتج عنها من هزات كبركان العيص في السعودية وبركان مايون في الفلبين وبركان يلوستون في أميركا وبراكين البحار كالذي حدث قبالة جزيرة تونغا في المحيط الهادئ.

×     فقدان التنوع البيولوجي في عدة آماكن من الأرض باختفاء العديد من الحيوانات والطيور والحشرات من مواطنها الأصلية كاوكرانيا واوستراليا وغيرها ما سيؤدي الى اختلال الأنظمة الايكولوجية.

×     انخفاض إنتاجية المحاصيل الزراعية نتيجة الأمطار الحمضية والجفاف وموجات الصقيع وزيادة حموضة وملوحة مياه الري وغيرها من العوامل مثل الفيضانات والسيول مما سيؤدي مستقبلا  الى غلاء المواد الغذائية الضرورية والى النزاعات والحروب وانتشار المجاعات وسوء التغذية.

×     ارتفاع تدريجي لمنسوب البحار ببعض المناطق الساحلية مهددا بغرق آلاف الكيلومترات، بينها مناطق مأهولة تقع على أكثر من 18000 كيلومتر من المدن العربية الساحلية الكبرى والتجمعات السكانية والسياحية.

×     أقيمت عدة مؤتمرات دولية فاشلة دعت للحفاظ على البيئة و المياه والتنوع البيولوجي وكانت نتائجها غير ذي جدوى.

والعجيب في الأمر ان مشاريع الدول الصناعية الكبرى في المدى المنظور لا تشير بأنها ذاهبة باتجاه تخفيف لانبعاثاتها الملوثة رغم توقعات العلماء أن مناطق العالم المختلفة والنظم الإيكولوجية شارفت مرحلة “التخمة الحرارية” أو “النقاط الحرجة”.وحتى غابات الأرض والمناطق الزراعية والتي تعتبر مصائد الكربون لم تعد كافية لامتصاص الغازات الملوثة للجو  وعلى هذه الدول أن تخفض انبعاثاتها الصناعية فقدرة هذه الغابات الاستيعابية لا تزيد عن 45% كحد أقصى من مجموع ما هو موجود وستتناقص هذه القدرة بزيادة معدلات الانبعاثات .

وإذا كان الهدف من الحفاظ على البيئية هو الحفاظ على صحة الإنسان فان الإحصاءات الواردة أعلاه جراء الكوارث والأزمات البيئة فقط تبين لنا حجم القتلى والجرحى والمفقودين والمشردين والمعاقين الناجم عنها ، ناهيك عن 4 طن كربون حصة كل شخص من المليارات الستة التي تعيش على كوكب الأرض بينما هو لم يستهلك ذلك وإنما استهلكه أفراد من شعوب أخرى تحاول حكوماتها بكل مؤتمر واتفاقية واجتماع وقمة التنصل من مسئولياتها .

نسمع بانقلابات وحروب سوداء وبيضاء وبرتقالية فمتى نسمع بثورة خضراء “بيئية” يقوم بها الناس على المستهترين بصحتهم وصحة عيالهم وأحفادهم ومتى نسمع “باللوبيات الخضراء”تمارس الضغط الفعلي على الحكومات والشركات التي تنفث سمومها في صدورنا وشراييننا ونجبرها على استعمال الطاقة البديلة والمتجددة .

ملاحظة: ما عدا السهو والخطأ

* باحث بيئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى