المقالات

لا تلوثوا الحب بقلم:الدكتورة جيهان رجب عطاالله

الحب يالها من كلمة رائعة تشع من حروفها النور فيعم القلوب الأمن والأمان، وتهتز لها الكيان وتتراقص وتتمايل على ألحانها الأمانى والأحلام ، وتهمس فى قلوبنا فيتسع لها فيه المكان. فالحب هو غذاء الروح، وشفاء للجروح ودواء للألم الذى به لا نبوح، فإنه أثير الحياة ، وشمس الحنان والدفء الذى منحه لنا الرحمن. فالحب لاشىء فى الأرض يعوضه، لا مال ولا جاه ولا شهرة، فمن منا لم ينبض قلبه بالحب ولم يرافقه فى مشوار حياته الطويل؟ لا أقصد الحب الذى ينشأ بين الرجل والمرأة فقط، بل أقصد الحب الذى بدايته حب الله والقرب به والأنس بمعيته حيث كان وما زال خير أنيس لنا، فتجاوزنا به متاعب ومصاعب الحياة، وهزمنا به محطات الفشل واليأس، وانتصرنا به على أنفسنا فى لحظات شعورنا بالوحدة القاتلة، فكان النور الذى يمهد لنا الطريق فتغلبنا به على الأزمات والضيق فقد ذكر الله تعالى حبه وقال (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ)[البقرة:165]، وفى هدى الرسول صلى الله عليه وسلم نلتمس السكينة والاطمئنان بحديثه عن حب الله والحب فى الله كما فى حديث أنس عن النبي ﷺ قال: ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يقذف في النار). فمحبة الله هي ركيزة العبادة، وهى مقام العبودية والذل والانكسار التى هى فقط لله الواحد القهار ولا يشاركه فيها غيره، فهو الله لا إله إلا هو ولا شريك له، لنبتغى رضاه، وتتبعه محبة الرسول صلى الله عليه وسلم، وبها تكتمل العبادة ويتضح لنا الطريق، فسيرته العطرة خير زاد للعباد ومنها نرتوى حسن الأخلاق فنرتقى بأنفسنا ونحلق بها نحو الآفاق، فقد أثنى الله سبحانه وتعالى عليه بما لم يثن على نبي من أنبيائه، فقال تعالى: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [البقرة: 4].
فبأخلاقه نقتدى ونسير على خطاه، ومن بعده تأتى محبة الصحابة وأولياء الله الصالحين ومحبة الناس أجمعين كل هذا تابع لمحبة الله عز وجل،فهو الحب فى الله الذى ينبع من الأعماق فلا يعترف بالأزمان و المسافات ولا يفرض علينا تقبل الذلات والتنازل من أجل ارضاء الرغبات المكبوتة بداخلنا، فلا يخضع لنزعات الشيطان، ولا يستمع إلا لأومر الله ، فيولد فى القلوب لتحيا بلا ضغوط ولا قنوت، فلا تلوثوا الحب وتسجنوه فى نوع واحد فقط وهوحب قيس وليلى وحب عنترة وعبلة وحب حسن ونعيمة، ذلك الحب الدنيوى المشروط والمحرك للغريزة وللشهوات، والمقيد بالحلال والحرام فى زمن الانفتاح واختراق الحدود الفكرية والثقافية وانتشار ثقافة التواصل الاجتماعى عبر الشبكة العنكبوتية التى احتلت بيوتنا، فظهرت بعض التجاوزات والتعدى على تعاليم الدين والقيم والمبادىء والأعراف، فالنحيا بقلوب تنبض بالحب فى الله لنحيى معا مشاعرنا التى وأدها غياب الدين والقيم، ولنسطر معا بأنامل قلوبنا أجمل وارق الرويات فى الحب٨ فى الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى