المقالات

في رحيل الشيخ أنور البكري- كتب رامز الفري

نستذكر اليوم موقف وفاء لعلم من أعلام الفيحاء: الراحل الشيخ أنور البكري، وهو الذي أبى بإصرار أن يكرّم حيًّا، وتعفف عن قبول وسام منحته إياه الدولة اللبنانية، فأربكنا حينها بعناده، حتى إذا ما مضى إلى الرفيق الأعلى بتنا أمام واجبنا المجتمعي في استعادة ذكراه، وتقدير مناقبيته وعصاميته ومسيرته كلها: مسيرة فيه البسمة والمرارة، الفخار والإحباط، الفرح والألم، ولكنها قبل هذا كله مسيرة وعي وبذل وعطاء يرقى إلى آفاق عليا، نكاد لا نجد صنوا لها إلى في سيرة الصحابة الأبرابر.

أيها المعلم……………. يا شيخ أنور
قليل حقًا أن نقول أننا نفتقدك
فأمثالك لا يمرون- كالكثيرين- مرورًا عابرًا
حجارة الرصيف تفتقدك
وأشجار الطريق كذلك
والأزرقة النحيلة… أزقة المعدمين إلا من كرامة
وسكان الأقبية التي لا ترى شمس النهار
والزوايا والتكايا- والمحاريب
تفتقدك
أبناء المدينة كما لو كانوا ينتظرونك خلف الأبواب
يتربصون بك- بالوداعة- بالسماحة- بالنقاء
بالبسمة التي تضيء سماك
لترتد إلى قلوبهم فرحًا
أيها المعلم منتصبًا تمشي- كالإسلام نقيًّا- كالإسلام تقيًّا
تتعثر… حين تطالع وجه الأمة
لم يبق عدل- فشا الجور وساد.
والولاة- بعدًتا عن الحق زادوا ظلمًا وفسادً.
تدمع عيناك… تهمهم إذا كنت نقيًا مغموسًا في آلاء الشمس.
لم تلق بيتًا تسكن فيه إلا اليأس.
أيها المعلم: ضاع الأقصى- وحدائق بابل ما عادت معلقة
رحلت كلما لو أنك لا تقوى على مزيد.
فضاءات المدينة اليوم أكثر حزنًا وكآبة… وناسها ما عادوا يتربصون وراء الأبواب في انتظار المعجزة.
يتثاءبون بملل، ليكرروا أيامًا تلقى على كواهلهم، مع بزوغ كل شمس أثقالاً جديدة
أهل مدينتك يا أنور كفوا منذ عقود عن استشراف آفاق المستقبل، ليمنعوا غرقًا في الماضي السحيق.
وفسحة التسامح والانفتاح ضاقت في غيابك يا معلم.
وفتية الأمس يا سيدي صاروا شبابًا في المهاجر
ولصوص الهيكل ما عادوا يخجلون، ما عادوا بحاجة لأقنعة.
نفتقدك:
بسمة في لجة اليأس
وفرحًا في تقوى النقس
ونورًا في ظلمة الحاضر
نفتقدك ونحييك في عليائك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى