الأخبار اللبنانية

تقديراً له على خدمته مدينته طرابلس ووطنه لبنان بصدق وإخلاص

حفل تأبيني وتكريم للعميد الراحل سمير شعراني بدعوة من “مؤسسة الصفدي” و”جمعية طرابلس السياحية”

الوزير درباس: طرابلس ليست قندهار بل قنديل الليل وضوء النهار
لم يمنع الطقس العاصف أبناء طرابلس والشمال وبيروت من المشاركة بكثافة في الحفل التأبيني والتكريمي الذي أقامته “مؤسسة الصفدي” و”جمعية طرابلس السياحية” مساء أمس، للرئيس الأسبق لبلدية طرابلس واتحاد بلدبات الفيحاء ورئيس جمعية طرابلس السياحية ومستشار الوزير محمد الصفدي، العميد الراحل سمير شعراني، تقديراً على خدمته لمدينته طرابلس ووطنه لبنان بصدق وإخلاص وحس كبير بالمسؤولية في كافة المراكز التي تولاها.
حضر إلى “مركز الصفدي الثقافي” إضافة إلى ممثل “مؤسسة الصفدي” نائب رئيسها السيد أحمد الصفدي، وزير الشؤون الاجتماعية الأستاذ رشيد درباس، وزير العدل اللواء أشرف ريفي ممثلاً بالسيد محمد كمال زيادة، محافظ الشمال القاضي رمزي نهرا ممثلاً بالمهندس عامر حداد، الوزير السابق فيصل كرامي ممثلاً بالسيد زياد غالب، الوزير السابق ورئيس جامعة المنار العميد د. سامي منقارة، النائب محمد عبد اللطيف كبارة، النائب مصطفى علوش، النائب روبير فاضل ممثلاً بالدكتور سعد الدين فاخوري، مفتي طرابلس والشمال الشيخ د. مالك الشعار، راعي ابرشية طرابلس وتوابعها للروم الارثوذكس المطران افرام كرياكوس، راعية أبرشية طرابلس المارونية المطران جورج ابو جودة ممثلاً بالمونسنيور بطرس جبور، رئيس بلدية طرابلس الدكتور نادر الغزال، العميد أحمد الحجار ممثلاً المدير العام لقوى الأمن الداخلي العقيد عماد عثمان، على رأس وفد من المديرية ضم: العميد رامي الحسن، المقدم عبد الناصر غمراوي، المقدم بهاء الصمد، والمقدم فواز محفوض، كما حضرت رئيسة اللجنة الوطنية للأونيسكو البروفسورة زهيدة درويش، وممثل منظمة المدن والحكومات المحلية د. بشير العضيمي، ومستشار الرئيس سعد الحريري لشؤون الشمال السيد عبد الغني كبارة، والمدير العام لمؤسسة الصفدي السيد رياض علم الدين، وأعضاء جمعية طرابلس السياحية، وزوجة المرحوم الدكتورة وفاء شعراني وعدد من أفراد العائلة، إضافة إلى ممثلين للمجتمع الأهلي والمدني، ومهتمون.
افتتح الحفل بالنشيد الوطني ونشيد الفيحاء بأصوات شابات وشباب فرقة “كورال الفيحاء” بقيادة المايسترو باركيف تاسلكيان الذي نوه بجهود الراحل شعراني في دعم تأسيس الكورال، تلاه عرض مصور سلط الضوء على محطات بارزة وعديدة من مسيرة العميد شعراني، تضمن شهادات من بعض من عملوا معه وعرفوه عن قرب.
وبعد ترحيب من الدكتور مصطفى الحلوة بالحضور، ألقى أحمد الصفدي كلمة وجدانية استهلها باقتباس بعض من كلام النائب محمد الصفدي في العميد سمير شعراني “حيث توجه إليه بالقول: “تذكرك طرابلس بأسواقها وساحاتها وشوارعها ومهرجانات معرضها، ويذكرك الشمال ولبنان رجل انفتاح وتواصل لا يميز بين أبناء الوطن”. أضاف: “إنتهى الاقتباس. إلا أن في القلب والوجدان الكثير الكثير من الكلام. أيها العميد، أنت تلك الصورة الجميلة والحقيقية عن طرابلس. طرابلس البساطة والتراث. طرابلس الثقافة والفرح. وطرابلس التنوع والعيش المشترك. ولأن طرابلس وفية لرجالاتها، ها هي مجتمعة اليوم لتبادلك العطاء بالعرفان. وها هم زملاؤك في جمعية طرابلس السياحية، تلك الجمعية التي أسستها مع نخبة من وجوه المدينة من أجل العمل على إظهار طرابلس بصورتها المتألقة، التي افتقدتها فترة طويلة من الزمن. ولأن بصماتك كانت على مساحة الوطن، ها هم زملاؤك في مؤسسة قوى الأمن الداخلي، موجودون بيننا اليوم لتخليد ذكراك؛ ذكرى رجل قضى 35 سنة من عمره في هذا السلك، متفانياً ومخلصاً في عمله، ومتميزاً بحسه العالي بالمسؤولية في كافة المواقع القيادية التي تبوأها”. وقال الصفدي: “أحب العميد شعراني مدينته طرابلس، فخدمها بإخلاص وخلال توليه رئاسة اتحاد بلديات الفيحاء ورئاسة بلدية طرابلس، عمل على تطوير العمل البلدي، فكان من بين الساعين وبقوة لتحديث القوانين الإدارية وتطبيق اللامركزية وتحقيق التنمية المناطقية”.
واضاف:”كان العميد شعراني شخصية إستثنائية، فتربيته العسكرية ومسيرته الأمنية لم تمنعه من أن يكون مدنياً بامتياز، رئيساً ناجحاً لثاني أكبر بلدية في لبنان، ومبادراً سباقاً في الترويج للتراث والسياحة والفنون”، وقال: “كان آخر ما طوى به العميد صفحته الحافلة في هذه الحياة، عمله كمستشار للوزير والنائب محمد الصفدي، فكان غيوراً على مصالح الناس ومتابعاً منظماً لكافة ملفات العمل الموكلة إليه”. وعن علاقته به قال: “شهادتي فيك مجروحة أيها العميد، ولكنها شهادة حق في رجل كان لي نعم المعين، رافقني على الدوام في لقاءاتنا الأسبوعية مع أهلنا في طرابلس والشمال، حيث كان إلى جانبي في اطلاعي على مشاكلهم ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة لها”. وتوجه إليه بالقول: “سأفتقدك يا عميد في هذه اللقاءات. سأفتقد متابعتنا اليومية لملفات الناس وقضاياهم. خسرتك شخصياً، صديقاً عزيزاً، وأخاً أكبر محباً وناصحاً، بقدر ما خسرتك معاوناً جدياً وملاحقاً أميناً لمصالح المواطنين. برحيلك، خسرت طرابلس أحد رجالاتها الذين عملوا على المساهمة في إنمائها وتطويرها. تحية لك في عليائك؛ والعزاء لعائلتك، وهم أخوة لي ما فارقوني أبداً في مسيرة العمل العام وخدمة أهلنا في طرابلس والشمال. تقاعدت باكراً أيها العميد، على الرغم من أنك لم تؤمن يوماً بالتقاعد. لكن الموت حق! في جنان الخلد يا عميدنا، وليجزك الله خيراً بما قدمت لبلدك ومدينتك”.
أما الوزير درباس فاستهل كلمته قائلاً: “هذا لقاء يغيب عنه سمير شعراني، كما يغيب الهواء عم التنفس. إنه صاحب الحضور الهادئ الذي يضبح صاخباً بعد المغادرة”. وعن الراحل قال: “هو المدبر الذي لا يشهر المنة بوجهك، وهو مفردات المدينة والامن والسياحة والابتكار، وهو النوطة الموسيقية لمقامات كورال الفيحاء بقيادة المايسترو باركيف، وراعي المهرجانات الباذخة التي كان يؤكد من خلالها أن طرابلس ليست قندهار، بل هي قنديل الليل وضوء النهار”. وقال: “أحسسنا بالفرق الشاسع عندما اختل الإنتظام الذي كان سمير شعراني حريصاً على ضبط إيقاعه بهدوئه ودأبه ومنهجيته وابتعاده عن بهرجة الأضواء. هذا الضابط الكبير الذي تولى المراكز الحساسة، فكان صمام الأمن والامان بسلاسة خالصة من أي عنجهية، ولكنها مشحونة بالرصانة والحزم اللطيفين”. وعن تجربته البلدية قال: “أعطى لبلدية طرابلس كل ما أعطته الدنيا من التجريب والمهارة، فزرع فيها خبرته كضابط إدارة، ومراسه كرجل امن، ورؤاه كشخص عركته الأيام وعركها”.
ثم ألقى العميد الحجار كلمة قال فيها: “تفتقد قوى الامن الداخلي ومعها طرابلس وكل الوطن، رجلاً كبيراً كرس نفسه لخدمة وطنه بإخلاص ووفاء حتى آخر لحظة من حياته. فقد كان العميد الراحل سمير شعراني ضابطاً يقتدى به، ترك بصمات لا تمحى في مختلف الوظائف التي شغلها منذ ترقيته إلى ربتة ملازم وعلى امتداد مسيرة مهنية حافلة بالتضحية والنجاح، تولى خلالها مسؤوليات كثيرة توجت بتعيينه قائداً لشرطة بيروت، ثم قائداً لمعهد قوى الأمن الداخلي ومديراً عاماً بالوكالة”. وهو إذ أشاد بمهنيته وتفانيه في خدمة أهله في طرابلس خلال توليه رئاسة بلديتها، اعتبر وفاة العميد شعراني خسارة كبيرة ليس فقط لأهمله ومدينته فخسب، بل للوطن كل الوطن، فقد جمع الراحل الكبير بين الشهامة العالية، والشجاعة النادرة ونظافة الكف ونقاء الضمير، والتواضع في السلوك مما جعله محط حب واحترام أصدقائه ومعارفة على امتداد مساحة الوطن. فمن عرف الفقيد عرف فيه ثقة بالنفس لا تنال من تواضعه وصلابة في الرأي لا تتعارض مع كرم نفسه ودماثة خلقه”.
أما الدكتور نادر الغزال فقال في كلمته: “عرفته طرابلس في شخصية ثلاثية الأبعاد، فهو قيادي أمني بامتياز، رئيساً لبلدية في ظروف صعبة جداً، وكنت حينما ألتقيه من حين الى آخر، أقول له ” يا عميدنا المسألة شائكة والوضع صعب فكان يقول لي عليك بالصبر والاستيعاب”، فكان مدرسة بالصبر والاستيعاب، وكان لصيقاً بهموم المواطنين يسير معهم، يتابع شؤونهم وشجونهم، وتلقف بذرة صالحة كانت من بذار من سبقه فى رئاسة البلدية عنيت به العميد سامي منقارة حين قام بتفعيل اللجان الشعبية ولجان المناطق فسقى هذه البذار فكانت النتيجة عملاً تنسيقياً مميزاً بين المجتمع المدني والعمل البلدي، وهذه شهادة أيضاً نشهد له بها، ويشهد له التاريخ بها”. وقال: ” ويشهد له اتحاد بلديات الفيحاء تأسيس مرصد البيئة ومختبر الهواء، كما أنه في حركته المكوكية أثبت فعلاً وليس قولاً فقط بأن الحكم استمرارية وأن العمل البلدي لا بد له من أن يتوارث من عهد إلى عهد، والتي نشهد للعميد منقارة بها واستمر بها العميد شعراني فكانت العلاقات الدولية بينهم في تطور وازدهار”. أضاف: “أما البعد الثالث الذي أضافه لنا ولطرابلس، كان العمل العام وانطلاقه ليس فقط في كورال الفيحاء والذي يعطي الفكرة عن الجانب الذوقي الرائع والمرتقي للعميد الراحل، ولكن أيضاً من خلال مواكبته للعمل السياحي وتأسيسه جمعية طرابلس السياحية فكان مع تقدم العمر وتقدم الطموح نحو المدينة ليحرص فعلاً على ايصال صورة المدينة الراقية”.
بدوره العميد سامي منقارة وبحكم صداقته وقربه من الراحل فقد توجه إلى زوجته قائلاً: العزيزة ام عامر، لم اكن أتوقع يوماً ان أقف امامكم في مناسبة كهذه. لقد غادرنا صديقنا وحبيبنا العميد والرئيس سمير شعراني دون ان نودعه كما كنا نحب. غادرنا مهرولاً للقاء ربه في الملأ الأعلى بإيمان عميق وضمير مرتاح”.
وبعد ان تحدث عن علاقته العائلية به منذ العام 1957، والمدرسة الحربية لاحقاً، ومن ثم في مؤسسة قوى الأمن الداخلي، حيث عملا معاً طيلة 30 سنة، إلى رئاسة بلدية طرابلي التي “سلمته امانتها واستمرت العلاقة بصفتي مستشاراً لمنظمة المدن والحكومات المحلية، التي كانت تنظم الورش والمؤتمرات للبلديات فكان يشارك فيها وكنا خلالها نعمل معاً وكان همه الدائم فيها توفير كل الدعم لمدينة طرابلس في تعاونها مع المدن المتوسطية للحصول على مشاريع تهمها وكان رجحمه الله موضع إعجاب وتقدير من الجميع وهو ما فور لطرابلس العديد من البرامج التي صبت في تقدم المدينة”. وختم: “لا شك أنكم أدركتم الآن لماذا لم تتمكن السياسة أن تفرقنا عندما اختلفنا فيها، فعلاقتنا القائمة على صداقة حقيقية ومحبة صافية كانت عصية وأقوى من كل اختلاف”.
ثم تحدث الدكتور عضيمي فقال: “تعرفت إليه غداة انتخابه رئيساً لبلدية طرابلس عام 1998، وكنت والحق يقال مستوهماً: فهل سيتعاطى الرئيس الجديد بإيجابية مع المنظمة العالمية للمدن؟ وهل سيكمل ما سبق، لإعلاء شأن طرابلس في المحافل الوطنية والدولية والتي تتعاطى الشأن البلدي؟ وهل ستلعب طرابلس في عهده الدور البلدي الرائد والمنتظر منها؟ وعند اللقاء كان الجواب ان العميد شعراني سيكمل ما بدأه العميد منقارة، وطرابلس ستكون الرائدة في العمل البلدي اللبناني المشترك”. وقال: “وأذكر هنا دورين كبيرين لعبهما الراحل الكبير في الشأن البلدي بعد مرور 35 عاماً دون إجراء إنتخابات بلدية، الدور الأول، كان نائباص لرئيس لجنة رؤساء البلديات اللبنانية لمدة ست سنوات، والثاني، وكلنا يذكر ذلك المؤتمر الدولي الشهير للبلديات في معرض رشيد كرامي الدولي في شباط 2001 الذي جمع الألوف وشهد إطلاق المكتب التقني للبلديات اللبنانية. وليس لي أن أنسى فضل العميد وطرابلس والفيحاء على تطوير العمل البلدي المشترك في لبنان”.
اما كلمة جمعية طرابلس السياحية فقد ألقاها عضو الجمعية السيد محمد مجذوب، فقال في العميد: “هو قائد وإداري ناجح، انغمس في حب طرابلس حتى النهاية. أسس جميعة طرابلس السياحية عندما كان رئيساً للبلدية وفي مخيلته تصور وخطة لإنهاض طرابلس سياحياً وبالتالي اقتصادياً. هو اول من اطلق مهرجانات طرابلس الدولية السياحية، واول من اطلق المسيرة المملوكية بعد جهد جهيد لا يعرفه إلا من شارك في التنظيم. جميعنا في الجمعية نعرف كم من الوقت وضعه في التخطيط والتنظيم لهذه المهرجانات، لأنه كان يشارك الجميع أفكاره ولا يأخذ قراراً إلا بعد ان يوفيه حقه في الدرس والاستشارات”. وثم تحدث بإسهاب عن عمل الجمعية، مؤكداً التصميم على الاستمرار في إبراز وجه المدينة بمساعدة الجميع”. ووعد “كما كنت أخطط واناقش مع العميد، بان نضع في الجمعية برنامج عمل لإحياء مناسبات شهرية في المدينة تجعلها مركز استقطاب وثقل كما كانت في زمن مضى”، داعيأ الطرابلسيين جميعاً إلى دعم هذا التوجه. وختم موجهاً الشكر إلى “مؤسسة الصفدي” “التي سارعت إلى التعاون وتقديم الجهد من اجل تنظيم حفل التأبين والتكريم للعميد الراحل”.
وقبل أن تتسلم درع العميد الراحل من جمعية طرابلس السياحية، ولوحة بصورة العميد من الرسام الطرابلسي عمران ياسين، ألقت زوجة الفقيد الدكتورة وفاء شعراني كلمة مؤثرة ووجدانية أبكت الحضور ومما جاء فيها: “في البدء كان الحب وفي اللحظات الفاصلة بين الحياة والموت كان الحب أيضاً. كنت والحرب طاحنة لا أفعل شيئاً إلا التفتيش عنه بلا جوال، انتظره ولا موعد له. مندفع يسكنه الالتزام بالواجب، تلك كانت ترسانته، بها كان يريد أن يخلد الحياة”. وقالت: “لقد ازهر حبنا خيوطاً ماسية تجمعنا حوله، باق في مآقينا، ليس صورة نضعها بيننا، قريباً مني، إنما معنى للأخلاق والمسؤولية”. وعن علاقته بمدينته طرابلس قالت: “بقيت تعيش في قلبه طرية مذاقات الأيام الجميلة، أمضاها في حارات يعرف زمنها ومنابع سحرها. ترعرع على ضفاف نهرها، وانساب في ساحات أعبادها، فجأة ينعطف الحضور، في المدينة القمحية يضمه التراب مطمئناً، إنا لله وإنا إليه راجعون”. وختمت موجهة الشكر باسمها وباسم العائلة إلى الجميع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى