المقالات

الاحتلال والنعامات المذعورة، عن التطبيع أتكلم! كتب:ياسر أبوبكر

تراكضٌ عربي رسمي غير مسبوق للانخراط العاري في اللحظة الامريكية الانجيلية الصهيونية المهيمنة، وهي بالحقيقة مهيمنة فقط على نفوس المرعوبين المذعورين، المنقادين للفكر الصهيوني العنصري الاحتلالي بلا حول ولا قوة تثبت تيجانهم فوق رؤوسهم، والعروش الزائلة.

وهرولة غريبة بدأ الكثيرون من زعماء العرب المذعورين، وإعلامييها المطبلين ينجّسون سيرتهم البالية برائحتها المتعفنة؟

انحراف غير مسبوق، ليس فقط على الصعيد السياسي، ولا على الصعيد الاقتصادي، بل طال الانحراف المجال الاجتماعي والثقافي والنفسي حيث افتقاد الحصانة، والبوصلة، وافتقاد المجال الأخلاقي حيث يحتفي المطبّلون هذه الأيام بعُريهم من الاخلاق العربية الأصيلة، وبعريهم من الاخلاق الاسلامية، حين يجمّلون وجه الاحتلال الصهيوني، ويلقون باللوم على الفلسطينيين وأحرار العرب، في انقلاب اخلاقي غير مسبوق فعلا.

أن تتماهى مع المستعمِر فهذه آفة معروفة، ويقع في أسرها كثير من الشعوب حتى اليوم بحيث أنهم يتمظهرون بمظهر وطريقة كلام وملبس ولغة الذي قام باحتلالهم واستعمارهم حتى ينسون قيمهم ولغتهم وعاداتهم ويكبّلون أيديهم طائعين مختارين للغة وسياسة العدو الذي احتلهم.

أما أن يؤسر العقل هكذا بلا أي تشابك مع الجهة الآسرة؟! فلا حرب ولا نزاع مباشر! ولا قتال فيصبح العربي الرسمي المأسور مفتونًا الى حد العشق في المحتل لأرض العرب! فهذه جديدة!

بل ويتم تمجيد الاحتلال بشكل مبالغ فيه! وتجريده من كل عيوبه! ما يعطي الدلالة التي لا تخطئها العين ولا العقل أن الانقلاب قد حدث بوضوح في الأولويات وفي العقل، هذا إن كان لديهم عقل يفكّر أصلا؟ فلا يستأجرون من يفكر لهم!

بل وصل الأمر الى حد غسيل الدماغ، فليس من المعقول أن تجد انبهارًا وتمجيدا لمحتل عنصري من بلد او مجموعة بشرية سلطوية لم تكن يوما على علاقة حرب أو احتلال بمن تمجّده اليوم! إنه السقوط المدوي في حالة غريبة وفريدة في تاريخ البشر.

وقعت بعض دول في الخليج العربي وهي دولة الإمارات ومملكة البحرين (حتى الآن) اتفاقيات انصياع للأوامر الأمريكية الصهيونية المستبيح لأراضي ومقدرات وعقل أمة العرب، وأن يُوقّع مثل هذا الورق نتيجة حرب أو معركة قد تُدرس في سياق التحليل السياسي، ولكن أن توقعها زعامات دول تحت ضغط العامل الامريكي الذي صنع لهم عدوًا جديدا وعملقه في عيونهم حتى خارت قواهم وعجزت عن رؤية العدو المركزي للامة فهذه جديدة كما أسلفنا وغير مسبوقة!

اليوم عصر الكورونا (الفيروس التاجي) الذي غيّر حتى أفكار العالم! ولربما أصابت لوثة تاجيّة بعض الساسة العرب المستبدين من أصحاب التيجان! وما هم بالحقيقة إلا نعامات مذعورة، فكيف بالله عليكم يتم استبدال منطق الرؤية المناهضة والمقاومة لهذا المحتل لأرض العرب، بمنطق الاعتذار عما سلف! وإظهار الذِلّة والمحبة الغامرة التي جعلت من تلفزة دبي تحتفي بشعارها باللغة العبريةّ! وجعلت من رئيس تحرير أحد كبرى صحف الإمارات تحتفي أيضا بمقال بالعبرية للمأسور رئيس تحريرها، وكذلك الامر في بعض صحف البحرين والسعودية (صحيفة الشرق الأوسط)، وعديد الأشرطة الرقيعة.

قد تجد في الأسر الواضح لعقول عديد من الاعلاميين والصحفيين وكتبة الأعمدة العرب ما يجعلك تتبرأ من عروبتك إن كان هؤلاء عربا؟ فهم ينزفون بأقلامهم حقدًا على الأمة العربية الأبية بدونهم، التي يحمّلونها بشعاراتها الوحدوية كل التُهم ويبرؤون بالمقابل ذلّهم وانحطاطهم بالاندراج باللحظة الصهيونية التي تدوس على أعناق العرب والمسلمين شاءوا -وهم لا مشيئة لهم-، أم أبوا!وكيف لهم يأبون وهم قد تراكضوا كالنعامات المذعورة لمجرد أن ارتفعت عصا الأمريكي في الوجوه .

ان الشعب الفلسطيني منذ دخلت بلاده الغزوة الصهيونية لم يكن يقاوم -بداية القرن العشرين- بأموال هؤلاء المرعوبين أبدا، بل على العكس كان وهو يقاوم يمد اليد لبعض عروش هؤلاء، لعلهم يصبحون عربا في يوم من الأيام أو يصبحون مسلمين حقا! فلا يظلون أعرابا! ولكن خابت آمالنا واستثمارنا ببعض هؤلاء الحكام المنكشفي الوجوه الذين يحققون سيادتهم بالذِلة للغريب، وبسطوة السيف المسلط على رقاب الناس، بالاستبداد المانع للحرية في بلادنا العربية.

يكفي هؤلاء الحكام الأنجاس فكرًا من كلام الأجانب ما قاله الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” مشيرا لصفقة العصر الامريكية الصهيونية المذلة، وغمزا لاتفاقيات التبويس رغم الفيروس التاجي، والتعبيط والتتبيع قائلا لا فض فوه، ونعدّه من حكماء العرب والغرب الحقيقيين، في اجتماع الأمم المتحدة 22/9/ 2020: ((أنا لا أؤمن بسلام يقوم على الهيمنة أو الذل، حتى لو كان هذا سيعوضه بالمال، لأننا لا نعوض إذلال شعب من خلال المال.))

كيف للاحتلال ألا يفرح عندما يجد الى جانبه أبواق دعاية مجانية تجمّل صورته القبيحة التي كشفتها كل الدول بالعالم باستثناء هؤلاء المذعورين كالفئران، المرعوبين كالخراف الخائفين من الذبح الإيراني الحلال! وهم يذبحون أنفسهم بأيديهم دون أن تمتد يد الإسرائيلي لهم حتى الآن، وهي ستفعل حتمًا.

التطبيع العربي المجاني ما قبل الاستقلال الفلسطيني هو بالحقيقة استتباع كامل للاحتلال العنصري (سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ونفسيا…)، وهو الاحتلال الذي يكره العرب قاطبة، كما يكره الصراصير والنجاسة.

التطبيع او الاستتباع الخدماتي الاستخباري للإسرائيلي لا يقبله أي شعب عربي بل وترفضه كل جماهير أمتنا من المحيط الى الخليج.

إن الجماهير العربية والاسلامية اتصفت عبر التاريخ واليوم وفي المستقبل، بالأخلاق الجامعة بقيم ومباديء الشرف والكرامة والشهامة والإباء والذود عن حياض الامة ونجدة الملهوف، والوحدوية الجامعة والعنفوان، وهذه ليست شعارات سخيفة، لا ياسادة يا من لا تقرأون! بل هي حقائق صادمة للمنبهرين بالغرب وبالصهيوني الاستعماري، وللمنهارين المرعوبين.

الأسير ياسر أبوبكر

مدير مركز دراسات الحرية للأسرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى