المقالات

أدبُ الأزماتِ والكوارث ….….. كتب: صالح حامد – لبنان

كلُّ حضارةٍ تمرُّ بمرحلةِ الذَّروةِ ويعقبها اضمحلالٌ والأمثلة كثيرة،وما نشاهدُهُ من إرهاصاتِ حضاراتٍ قادِمَة بطعم الصراعات والصدامات وحدَهُ الزمانُ سيكشف أسرارَهاوغاياتِها وأهدافَها ما ظَهَرَ منها وما بَطَن.

فالتخَبُّط في التشخيص وإيجاد الحلول لفيروس كورونا بارزٌ على وجوه أكثرِ الدول المتقدمة،بعد أنْ تمَّ تحويلُه وتحويرُهُ من زلزالٍ وتسوماني أغرقَ العالمَ بأمواجه إلى وحشٍ سياسي بلا رحمة يهدف إلى صناعة تحالفات جديدة ما زالت تُنسج خياطُها في الغرف المغلقة.لذا فتَعْساً وسُحْقاً لمن يبحثون عن الثراء على جثَثِ الأموات وألم المصابين.

فالثقافة مرآةُ المجتمع،وكورونا كحَدَثٍ جَلَلٍ استثنائي قد تسَلَّلَ إلى كافة الفنون الأدبية،وأثبتَ حضوراً مؤثِّراً لدى الأدباء والعلماء والمؤرِّخين والكتّاب والمؤلِّفين وخلقَ نوعاً من الائتلاف الإنساني والاتحاد الوطني للضمان الاجتماعي في مجابهة الأوبئة بلغةٍ أدبية بليغة،ليُؤكِّدَ أنَّ الأدبَ لم يقفْ متفرجاً على الأوبئة بل ظلَّ يُحاربُها ببث الأملِ والتفاؤلِ بمضادات الصمود والتصدي في مطاردة اليأس البائس.

أدبُ العزْلَة:
وهو استثمارُ البقاءِ في المنزل بالتدوين والقراءةِ وممارسةِ الرياضة والأنشطةِ المتنوعة التي تطرد شبحَ الإحباطِ المفرِط،والأمر سيكون فرصة للإختلاء بالذات لمحاورة ومقاربة الأفكار وترسيخ دلالتها الجمالية والترفيهية من خلال توظيف العزلة للإنتاج الفكري واكتشاف المواهب التي تُثْري المشهدَ الأدبي،حيث هناك أنساقٌ ثقافية كبرى رابطة بين الأدب والأوبئة.
فاغتنام فترة الحجر والحجز المنزلي تُمثِّلُ فرصة لرفع توهُّم الهمِّ والضِّيق المصاحب لمعنى العزلة ودلالتها النمطية وتحويلها في الذهن الجمعي من مؤثِّرٍ سلبي مرتبط بالحبس والوَحْدة إلى مؤشّرٍ إيجابيٍّ فاعلٍ متصّلٍ بتغيير طريقة التفكير والسُّلُوك ونمط جديد لتجربة أدبية فريدة ما بين التوثيقية والتثقيفية ومنعطفاً تاريخياً خالداً في الذاكرة.

فالبعض جعل من عزلته في زمن الكورونا صومعةً للإلهام والإبداع ووطناً للأرواح المتْعَبَة وبيتاً للابتكار ووسيلة لاكتشاف ذواتِنا كلّما وقعنا في فخّ الرّتابة والإستنساخ.

فعالمية الوباء الكوروني ستتحول إلى قصص قصيرة وفيلم سينمائي على مسرح تاريخ الأدب العالمي وفي فضاءات الشعر والرواية التي ستروي قصة ألف طبيب ومريض وممرض ومَمْروض.
فكما أنَّ فيروس كورونا يستغيث بالطب وأدواتِه فكذلك يستجدي قلمَ كاتبٍ ونثرِ أديبٍ ولسانِ شاعرٍ وتدوينِ مُؤَرِّخ.

فاستمْتِعُوا برنين عُزْلَتِكم قبلَ أنَ تَعودُوا إلى لوثة الضجيج المرتقب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى