المقالات

هل نحول التأزم الداخلي إلى فرصة لبدء التغيير – بقلم: عبد الله خالد

جاءت العقوبات الأمريكية على الوزيرين خليل وفينيانوس لتشكل بداية تحذير لحركة أمل وتيار المردة وعمليا رئيس المجلس النيابي نبيه بري بسبب موقفه الواضح الذي بلور إتفاق الإطار لبدء التفاوض حول ترسيم الحدود والوزير سليمان فرنجية لموقف الداعم للمقاومة مجسدة بحزب الله. وترافقت تلك العقوبات مع تشديد الحصار وفرض قانون قيصر الذي طال سوريا وانعكس سلبا على لبنان. وهذا ما دفع الأغلبية التي أفرزتها الإنتخابات النيابية عام 2018 الراغبة في إعادة تكليف الرئيس الحريري بعد استقالة الرئيس دياب واعتذار السفير مصطفى أديب وترشيح الرئيس الحريري نفسه أن تفصل بين عملية التكليف ومرحلة التشكيل وهكذا تم تكليف الرئيس الحريري بأغلبية ضئيلة في محاولة لتنبيهه إلى ضرورة اعتماد أسلوب آخر في المشاورات النيابية غير الملزمة يختلف شكلا ومضمونا ويأخذ بالإعتبار المتغيرات التي حصلت وعدم التذاكي في التعامل مع القوى السياسية بحيث يتم التشاور مع بعضها وإهمال القوى الأخرى في مرحلة بالغة الخطورة تتطلب أوسع تضامن وطني واعتماد حكومة تكنوسياسية والتشديد على اختيار أصحاب الخبرة والإختصاص في الحقائب واعتماد النزاهة والبعد عن الفساد الذي أوصل لبنان إلى الهاوية. ويبدو أن الرئيس الحريري كان يريد من القوى السياسية التكليف وبعد ذلك نيل الثقة والإنفراد في اتخاذ القرار بحيث يحدث إنقلابا على الأغلبية التي أفرزتها الإنتخابات الأخيرة مستقويا بالضغوط الأمريكية. وجاء فرض العقوبات على النائب باسيل ليعطيه هامشا جديدا من الحركة لم يستخدمه مع القوى الأخرى وسعى لضمان عدم إعطاء الثلث الضامن وبالتلي عدم إفشال مخططاته ولعل هذا هو سبب تمسكه بوزارة من 18 وزير وإصراره على حكومة مهمة من الإختصاصيين علما انه لا يستحسن ان يتولى اختصاصي وزارتين في وقت يتطلب منه التركيز لإنجاح وزارئه الاساسية. إذا أضفنا إلى ذلك سعي الرئيس الحريري للتفرد في تشكيل الحكومة واستخدام ازدواجية المعايير وسعيه لتحجيم دور رئيس الجمهورية وعدم تواصله مع القوى السياسية الأخرى التي يعرف أنه لا ثقة لحكومة في المجلس النيابي وتغيير مواقفه أكثر من مرة أمكننا أن ندرك المأزق الذي وصلت إليه عملية تشكيل الحكومة وأوصلت لبنان إلى أفق مسدود دون أن يعني هذا تبرئة القوى الأخرى في الوصول إلى هذا المأزق. ولعل هذا ما لمسه الموفد الفرنسي دوريل في زيارته الأخيرة التي اكتشف فيها التناقض الواضح بين الأقوال والأفعال بإعتبار أن الجميع يدعمون المبادرة ولا يعملون لإنجاحها. ولعل هذا الإلتباس هو الذي دفع فرنسا لإعطاء اللبنانيين فرصة جديدة وأخيرة قبل إعلان الإستمرار في مبادرتهم إلا أذا راهنوا على أن وصول بايدن يمكن أن يخفف من حدة الإعتراض الأمريكي الذي من شأنه أن يعطي الفرنسيين دورا جديدا وهذا ما أكده التعامل مع بومبيو في زيارته الأخيرة لباريس. والواقع أن ترامب لا يريد تخفيف الضغوط على لبنان إلا بعد إخراج حزب الله من الحكومة وقبول ترسيم الحدود لمصلحة الكيان الصهيوني. وهذا ما شجع الحريري على المغالاة في شروطه وصولا لإنجاح المخطط الذي يستهدف المقاومة وسلاحها. وهذا ما لا يمكن قبوله من الأطراف الأخرى الأمر الذي يوحي بأن عملية تشكيل الحكومة دخلت مرحلة الجمود بإنتظار بلورة مواقف جديدة تأخذ بالإعتبار أنه يصعب تغيير توازن القوى في لبنان في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة بعد هزيمة ترامب وتداعياتها في الولايات المتحدة التي عززت النزعة العنصرية في البلاد التي من شأنها أن تشغل بايدن وامتدادا القيادة الجديدة علما أن الشهرين المقبلين مفتوحان على كل الإحتمالات وهذا ما يفترض أن نعيه جيدا لتحويل الأمر إلى فرصة من شأنها أن تعزز أهمية العامل الداخلي على العامل الخارجي وهذا يحتاج لحديث آخر.
عبدالله خالد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى