المقالات

إرادة الحياة الجماعية أقوى من إرادة “الأنا” كتب: عبدالله خالد

… وفي اليوم الرابع بدأت تتكشف بعض الأمور الهادفة إلى شيطنة البعض وتحميلهم مسؤولية ما جرى ويجري في لبنان في محاولة مكشوفة لتبرئة المجرمين الحقيقيين. ولم يعد همهم معالجة الوضع الإقتصادي المنهار أو معالجة معضلة تفشي وباء كورونا وخروجه عن السيطرة مع ما يعنيه هذا من دمار يصيب لبنان. ولم يعد واردا في حساباته الحرص على الوحدة الوطنية التي تشكل صمام الأمان للخروج من المحنة وبدء مسيرة الإنقاذ التي تعيد للبنان عافيته ودوره في المنطقة.
أصبح المطلوب تكريس التناقضات وتعزيزها إنطلاقا من إحداث فتنة طائفية-مذهبية وصولا إلى تغييب لغة العقل واعتماد الغريزة التي تطمس كل الوقائع وتتجاهل كل الكوارث وتركز على أمر واحد فقط هو إلغاء الآخر وعدم الإعتراف بوجوده وتكريسه عدوا وحيدا في عملية غسل دماغ هدفها تحييد العدو الحقيقي الذي احتل أرضه وشرد أهلة ونهب ثروته بعد أن أصبح شريكه في الوطن والأمة والمعاناة هو العدو الأوحد وليس الصهيونية والرأسمالية المتوحشة والإمبريالية العالمية.
الأمر المؤسف أن من يقوم بالمهمة هذه المرة هم شركاؤنا في الوطن الذين باعوا ضمائرهم للشيطان بعد أن خضعوا لعملية غسل دماغ منظمة مولها الدولار واعتمدها النظام العربي الرسمي الذي كرس التطبيع وحوله إلى تحالف مع العدو خدمة للمشروع الأمريكي-الصهيوني وخلافا لإرادة شعبه.
وهكذا فإن ما يجري في لبنان والمنطقة هو كل متكامل بين مشروعين ولكل مشروع رعائه ودعاته وأدواته الأمر الذي يؤكد أن المعركة وإن كانت داخلية إلا أن بعدها الخارجي واضح وضوح الشمس وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها.
الفارق الوحيد الذي يجب التركيز عليه هو أن المشروع الإستسلامي جعل أدواته تركز على منع توفر عناصر القوة والمقاومة ومقومات الصمود السياسي والإقتصادي والمالي والإجتماعي لإبقاء الهيمنة الخارجية التي تعمل لتكريس الوجود الصهيوني في أرضنا فيما يعمل المشروع المقاوم على توفير مقومات الصمود عبر ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة التي أثبتت فعاليتها في تحرير الجنوب وصد عدوان تموز واسهمت بعد ذلك في تعزيز محور المقاومة في المنطقة.
إن نظرة موضوعية إلى ما جرى ويجري وسيجري مستقبلا تشير إلى أنه علينا أن نختار بين أحد مشروعين وأن الحديث عن الحياد والفدرلة هو مجرد غطاء يصب في مصلحة المشروع المناهض للمشروع المقوم وهذا ما كشفته أحداث لبنان بعد أن حرف حراك 17 تشرين عن أهدافه المطلبية المحقة والمشروعة من قبل عناصر مندسة تابعة للشبكة الحاكمة في محاولة يائسة لتغطية مسؤوليتها في الوصول إلى ما نحن عليه اليوم وقطع الطريق على تحقيق القضايا الملحة والمشروعة التي طرحها الحراك خصوصا بعد أن تراجعت القضايا المطلبية إلى الخلف وانخرطت في صراعات الشبكة الحاكمة ودست شعارات تنفيذ القرار 1559 ونزع سلاح المقاومة الذي يخدم العدو الصهيوني ويسرع عملية فرض صفقة القرن.
لقد وصلنا اليوم إلى مرحلة خطرة ومفصلية لا نملك فيها ترف إضاعة الوقت في جدل بيزنطي لا يقدم ولا يؤخر لأنه عبارة عن مماحكات لا تركز على ما هو مطلوب من تسريع عملية الإنقاذ بعد أن استفحل الداء. المطلوب اليوم إنقاذ الوطن وليس تحقيق انتصار فريق على آخر سيفشل حتما لأن إرادة الحياة أقوى من إرادة تضخيم “الأنا” في مرحلة بالغة الخطورة.
عبدالله خالد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى