إجتماعيات

مع تقاعد نهلا حاماتي تُطوى صفحة زاهية من مسار التعليم شمالًا ! كتب: د مصطفى حلوة

كأن القدر،في عزّ الزمن “الكوفيدي”اللعين،شاء أن يُنزل عن كاهل الصديقة نهلا حاماتي ذلك الحِمل التربوي الثقيل،في وقت يترنّح لبنان،بكل مؤسساته ومرافقه الرسمية تحت وطأة أزمة إقتصادية ومعيشة ووبائية،لم يشهد مثيلًا لها ،في تاريخه المعاصر..هي أزمة وجودية،تأخذ البلاد إلى شرّ مصير !
لقد واكبتُ الصديقة نهلا،وقبلًا زوجها،صديق العمر،فوزي نعمة،منذ حرب السنتين(1975-1976)،في التعليم الثانوي،وحتى منتصف التسعينيات من القرن الماضي،مع كوكبة من النقابيين ،وكانت نهلا معنا،في كل المحطات النضالية التي خضناها،مما حقق مكتسبات هامة للمدرسة الرسمية والهيئات التعليمية،والتي صبّت ،نهاية المطاف،في دعم البنية التربوية،شمالًا وعلى المستوى اللبناني. من هنا فإن تاريخ فوزي نعمة ونهلا حاماتي نعمة مع التربية ليس معزولًا عن حراكهما النضالي التربوي،ولم يكن تقلّدهما رئاسة المنطقة التربوية في الشمال إلّا تتويجًا مستحقًّا لمسيرة نقابية نضالية،على عكس من يصلون إلى المواقع الرسمية،في غفلة من الزمن وعبر الزبائنية والإستزلام والتبعية الحزبية والطائفية…ولأن فوزي ونهلا إبنا المدرسة الرسمية والجامعة اللبنانية،فهما يعرفان وجع التعليم الرسمي ويغاران عليه،فلم يُقصّرا أبدًا في التضحية من أجل رفعته،وهذا ما دأبا عليه،خلال توليهما رئاسة المنطقة التربوية في الشمال.وقد كنتُ شاهدًا ومواكبًا مسيرتهما المضنية التي صادرت كل أوقاتهما،وتسبّبت لهما بمشكلات صحية،ناهيك عن ضغوطات نفسية،جرّاء تدخلات سياسية،من منطلق تداخل السياسي والتربوي لدينا،ولم يخضعا لإملاءات السياسيين ،بل سارا بهدي ضميرهما ،ما إستطاعا الى ذلك سبيلًا،ومن منطلق المصلحة التربوية العليا.
لستُ حزينًا لمغادرة الصديقة نهلا رئاسة المنطقة التربوية،ذلك أن كل المواقع الرسمية غدت ككتلة نارّ،تُحرق أصابع من يتلقفها،بعد أن أخذت منظومة الفساد والإفساد لبنان وشعبه إلى هاوية لا قرار لها…أفقرتنا وجوّعتنا وأجهزت على المال العام ،وخرّبت كل مرافق الدولة ومؤسساتها …لا “تزعلي”،عزيزتي نهلا ،فالبلد يُحتضر،ونحن في الفصول الأخيرة من الحكاية !…هنيئًا لكِ،بعد أن أدّيتِ قِسطك للتربية شمالًا بكفاءة عالية،وأنتِ مرتاحة الضمير.. أدام الله عليكِ الصحة وراحة البال،ورحم الله فوزي،وحمى الله أبناءك والأحفاد جميعًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى