المقالات

هل ينجح ماكرون في مهمته ؟ كتب: عبدالله خالد

جاء اتصال الرئيس ماكرون بالرئيس عون الذي يفترض أن يستكمل بإتصال مماثل مع الرئيس المكلف بعد الإتصال المطول مع الرئيس بايدين ليعيد إحياء المبادرة الفرنسية التي شعر البعض في مرحلة معينة أنها توقفت أو جمدت بعد التصريحات المتشنجة التي صدرت عن قصر بعبدا وبيت الوسط وإصرار الرئيسين عون والحريري على عدم الرغبة في تدوير الزوايا وصولا إلى قواسم مشتركة تؤدي إلى حلحلة العقد واستكمال مشاورات التأليف بعد بروز محاولات التوسط التي قام بها البطريرك الراعي واللواء عباس ابراهيم التي لم تحقق حتى اليوم أي تقدم.
يبدو من تصريحات ماكرون أنه مصمم على توفير مقومات النجاح لمبادرته مستقويا بتفاهمه مع الرئيس بايدن بعد أن تفاهم معه على الخطوط العريضة- علما أن الشيطان يكمن في التفاصيل- ليقوم بمساعيه في أكثر من ميدان وفق رقابة أمريكية مشددة مستفيدا من انهماك الرئيس الأمريكي وإدارته في مواجهة المشاكل الكثيرة في الداخل التي ورثها عن سلفه ترامب. لقد أكد ماكرون أن عاطفته تذهب نحو شعب لبنان معتبرا أن السياسيين لا يستحقونها في إشارة واضحة إلى انزعاجه منهم بعد أن أعاقوا تنفيذ ما تم التوافق عليه بعد إعلان مبادرته وغرقوا في الدفاع عن مصالحهم الذاتية متجاهلين وطنهم الذي انهار مغطيا بذلك رغبته في استعادة مجد ولى. ولعل هذا ما دفعه لتسريع التواصل مع الرئيس بايدن لكسب دعمه في مهمة تسريع تشكيل الحكومة اللبنانية وبدء مسيرتها بإتجاه الإنقاذ والإصلاح الذي ينعكس إيجابا على وضعه في فرنسا وامتدادا العلاقات الأوروبية-الأمريكية معتبرا أن الفرصة متاحة لتحقيق تقدم بعد غياب ترامب وتسلم بايدن سدة الرئاسة. وهكذا اعتبر أنه انطلاقا من رغبة بايدن بشطب مرحلة ترامب من تاريخ البيت الأبيض ليشكل امتدادا لمرحلة أوباما الأمر الذي يعزز مجددا الدور الأوروبي وينعكس إيجابا على دوره ومكانته في اللعبة الدولية بالتوافق مع واشنطن ورغم عدم بلورة صيغة متكاملة للحراك الفرنسي المتجدد إلا أن المعلومات المتسربة- على قلتها- تشير إلى أن ماكرون مقتنع بأن المبادرة التي طرحها ما زالت صالحة لتشكل نواة الحل المنشود مع إمكانية تعديل بعض بنودها لتلافي العقبات التي واجهتها استجابة للمعطيات التي برزت والتي لاتتعلق بالجوهر وإنما بالتفاصيل مع إمكانية تحولها إلى إمكانية إضفاء الطابع السياسي على بعد الإختصاص لضمان حصولها على أوسع التفاف حولها يأخذ بالإعتبار البعد الداخلي على الأرض دون تجاهل البعد الخارجي وهكذا بدأ التواصل مع السعودية لتذليل بعض العقبات وسعى لتجميد الفيتو المطروح على مشاركة المقاومة ليتوج كل هذا بإعلانه أنه سيزور لبنان في وقت لم يحدده بعد لمتابعة جهوده على الأرض بعد أن يكون قد وفر مقومات الدعم الإقليمي والدولي عبر الإنفتاح على الخليج وإيران معا. والواقع أن ماكرون أصبح مقتنعا بأن الحل المنشود يتطلب تبريد بعض الرؤوس الحامية المهتمة بمصالحها فقط على حساب المصالح الأخرى الأمر الذي لا يمكن أن يوصل إلى تشكيل حكومة متوازنة وفاعلة مهمتها الإنقاذ وهدفها الإصلاح وإنقاذ لبنان من الإنهيار. إن السؤال المطروح اليوم هو التالي: هل يقدم السياسيون على ملاقاة ماكرون في منتصف الطريق مقدمين مصلحة الوطن على مصالحهم الذاتية أم يستمر التعنت المؤدي إلى الإنهيار الحتمي. وهكذا فإن شهر شباط الذي يبدأ اليوم سيكون مفصليا فهل تتحقق المعجزة؟
عبدالله خالد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى