المقالات

لبنان والفدرلة والحياد السلاح والتدويل كتب: عبدالله خالد

يصعب على المرء أن يصدق ما تراه العين المجردة جسدتها مجموعة من التناقضات التي جمعتها الرغبة في إبقاء القديم المتجسد بالنظام الطائفي-المذهبي والمتشبث بالشبكة الحاكمة إذا وجد أن التغيير لا يصب لمصلحتها…علمانيون يرفعون شعار المواطنة برعاية وقيادة رجال الدين ويرفضون من جهة أخرى المقاومة مطلقين عليها صفة التشييع في وقت يفترض فيه البحث عن قواسم مشتركة تسمح بتسريع تشكيل الحكومة التي تشكل المدخل لبدء مسيرة الإنقاذ والإصلاح بعد أن بدأ الإنهيار الإقتصادي والإجتماعي وخير اللبنانيون بين الموت جوعا أو بواسطة كورونا ترافق مع زيادة مشبوهة لسعر الدولار أفقد الليرة اللبنانية أكثر من ثمانين بالمئة من قيمتها الشرائية بسبب الإصرار على الفساد والمحاصصة والهدر ونهب المال العام ورفض إقرار قانون الكابتيل كونترول وعرقلة التدقيق الجنائي المالي والإصرار على الإستدانة وبيع ما تبقى من المؤسسات ورفض دعم الإقتصاد المنتج وإذا كان الحراك المطلبي السلمي الذي بدأ في 17 تشرين قد أوجد تيارا عابرا للطوائف والمذاهب والمناطق مبشرا بإمكانية بدء مسيرة واعدة للإصلاح والتغيير إلا هذه التجربة الرائدة سرعان ما طوقت لإفتقادها الخطة الواضحة والقيادة الموحدة ودخول قوى الأنجي أوز المرتبطة بالخارج إلى الخط وبعد ذلك بعض أطراف السلطة مما حرف الحراك السلمي عن أهدافه الحقيقية وحوله إلى ممارسة العنف والدخول في صراعات أطراف السلطة وتبني خطاب بعضها. وهكذا تراجعت القضايا المطلبية المحقة والعادلة وحلت مكانها قضايا أخرى تكرس النظام الطائفي-المذهبي بعد أن أخذ بعدا عنصريا تشجعه الشبكة الحاكمة لأنه يحمي مصالحها ومحاصصتها ويسمح لها بتجديد شبابها كما كان يحصل في الأزمات السابقة ويمنع إمكانية حصول تغيير جاد يقلص نفوذها ويهدد الإقتصاد الريعي الذي سمح لها بالإستمرار حتى اليوم.
في هذا المناخ بدأت القضايا الملحة التي تهم المواطن العادي وتحديدا الفقير والكادح وصاحب الدخل المحدود تتراجع لمصلحة قضايا-أقل ما يقال فيها أنها مشبوهة – تزيد التوتر بين اللبنانيين في مرحلة تتضمن المزيد من التضامن والتوافق وتطرح قواسم مشتركة تحقق المصلحة العامة وتبتعد عن المصالح الذاتية والفردية التي ترافقت مع ضغوط خارجية على أكثر من صعيد تجسدت بحصار وعقوبات اقتصادية وتزامنت مع محاولات لفرض وقائع في موضوع ترسيم الحدود البحرية والبرية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة… وهكذا بدأنا نسمع عن مساع جادة للعودة بالبلاد إلى ما قبل اتفاق الطائف واستعادة لطرح القرار 1559 وغيرها من القرارات الدولية الأخرى وتكرر الحديث عن الفدرلة والحياد وسلاح المقاومة والمؤتمر الدولي برعاية الأمم المتحدة يعتمد الفصل السابع الذي يخرق مفهوم السيادة الوطنية ليتوج كل هذا بطروحات البطريرك الراعي في عظاته الأسبوعية واللقاء الذي حصل بالأمس في ساحة بكركي… وهذا يحتاج لحديث آخر.
عبدالله خالد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى