المقالات

مخاض تشكيل الحكومة… إلى أين ؟-4- كتب: عبدالله خالد

جاء تكريس العامل الخارجي كركيزة للسياسة الخارجية في لبنان على حساب تقليص دور العوامل الداخلية والذي ترافق مع تأسيس دولة لبنان الكبير التي فرضها الإنتداب الفرنسي ليخلق هوة بين مكونات الوطن جعلت بعضها يشعر بالغبن مقابل تنامي الخوف لدى البعض الآخر من الذوبان في المحيط وهذا ما أضعف الوحدة الوطنية نتيجة غياب مفهوم المواطنة كبديل للتناقض الطائفي والمذهبي والمناطقي الذي أفرز بعدا عنصريا. وهكذا أصبحنا نطلب في الملمات تدخل الخارج كبديل لبلورة تفاهم وطني يعزز ويقدم المصلحة الوطنية الجامعة ويقلص مساحة المصالح الذاتية والفردية الأخرى التي غذتها شبكة حاكمة شجعت الغرائز كبديل للغة العقل والمنطق. وإذا كان حراك 17 تشرين السلمي المطلبي قد أفرز تيارا عابرا للطوائف والمذاهب والمناطق إلا أن افتقاده للخطة الواضحة والقيادة الموحدة دفع بعض أطراف السلطة لإقتحام الحراك لتسهم مع جماعة الإنجي أوز في حرفه عن طابعه السلمي وممارسة العنف وشرذمة الصفوف وصولا إلى فوضى كاملة تزيد الإنهيار وتشرع الأبواب لخيارات تسمح بتدخل دولي مفتوح على كل الإحتمالات.
الأمر المؤسف أنه بدلا من أن يؤدي هذا الوضع الكارثي الذي وصلت إليه البلاد إلى مزيد من الإهتمام بالوضع الداخلي يغلب الوحدة الوطنية ويصب في مصلحة الوطن والمواطن نرى الأطراف المتصارعة على السلطة ومكاسبها فيها تنطلق من نظرة ضيقة تتضخم فيها “الأنا” القاتلة مغيبة مصلحة الجماعة ومستندة إلى ازدواجية معايير لا مكان فيها للمعيار الواحد الموحد المستند إلى العدالة والمساواة والعامل على تكريس احترام الدستور والقانون واحترام المؤسسات ووحدتها ولم يتخلوا يوما عن التمسك بمكاسبهم وفسادهم ونهبهم للمال العام وإصرارهم على الإستدانة وبيع ما تبقى من مؤسسات الدولة وتهريب أموالهم للخارج… وهذا ما جعل الدولار اليوم يتجاوز عشرة آلاف دولار. وبهذه العقلية يتم التعامل مع تشكيل الحكومة العتيدة فالرئيس المكلف الذي طرح نفسه رئيسا لحكومة مهمة من الإختصاصيين غير الحزبيين يريد من القوى السياسية أن تدعمه لتشكيل حكومة يختار أعضاءها منفردا وأن يحصل على الثقة وبعدها ينتهي دورها ويأمل أن يحظى بثقة واشنطن والمجتمع الدولي لمساعدته على رفع الفيتو السعودي وحل معضلة تمثيل المقاومة – ولو بالواسطة- بالإضافة إلى جعجع وجنبلاط. وعون باسيل يريدان ضمان مستقبل الصهر المدلل الراغب في العودة إلى ما قبل الطائف بإسم الميثاقية والقادرعلى تغيير المعادلات لا يرغب بذلك لأن همه الوحيد هو نجاح المقاومة في تحقيق أهدافها… والشعب يعاني من البطالة والجوع والمرض ويرى المستقبل مظلما…ويستمر الصراع حول مكاسب صغيرة وتافهة في وقت يعاني الوطن من أعباء موت سريري يصعب رده إلى الحياة إلا بمعجزة… فهل هذا هو لبنان؟
عبدالله خالد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى