المقالات

نهنئ الرئيس مرسي ومصر، والمجلسَ العسكري إن عاد إلى ثكناته!!! للدكتور محمد علي ضناوي ( )

ـــ الشعب يريد إسقاط النظام… فسقط الرأس وتوالت الأحداث، وإذا بالتاريخ يُعيد كرّته مرة أخرى، فكما خرج يوسف عليه السلام من السجن إلى الحكم، كذلك خرج مرسي من المعتقل إلى كرسي الرئاسة، وصدق فيه ما قاله الداعية عائض القرْنِي :
هو اللهُ ذو التدبيرِ والأمرِ يا مُرسي        من السجنِ والتعذيبِ للقصرِ والكُرسي
2 ـــ إنّنا، وبغبطة وفرحٍ وحمدٍ لله وشكرٍ له، نهنئ مصر والعالم العربي بفوز محمد مرسي رئيساً لمصر، كما نعلن أن هذا الفوز ليس للإخوان المسلمين خصوصاً وللإسلاميين عموماً فحسب، بل هو لثورة 25 يناير المجيدة بكل أطيافها، ولحمدين صباحي، ولأبي الفتوح ولجميع المصريين، وإنْ صوّت بعضهم لشفيق بتبرير الخوف مما يمثله مرسي.
إنّ فوز مرسي نجاح للربيع العربي كله، حيث أكد أنّ الظلم والاستبداد وقمع الحريات له نهاية حتمية، مهما طال الزمن أو قصر، وأنّ النصر للشعب المظلوم المقهور مهما كان جلادوه عتاة قتلة مستبدين. وهو ما نأمل تحققه في سوريا العروبية قلب بلاد الشام وعقر دار المؤمنين، إلى أن يرث الله الارض ومن عليها…
3 ـــ غير أن أمام هذا الانتصار الرائع تحديات كثيرة، يجب أن لا نُغفلها ونحن في قلب النصر وفرحة النجاح وجمال الفوز. ولعلَّ أهمها، اليوم، التعديل الدستوري المكمل الذي سلب الرئيس ـــ المختار والمنتخب من الشعب ــ أكثر الصلاحيات، وأكد هيمنة العسكر على الرئاسة الأولى في البلاد. وهو أمر مرفوض بكل المقاييس الديمقراطية، وواجبٌ إسقاطه مهما غلا الثمن. إذ لا يعقل أن يكون العسكر فوق إرادة الشعب، فما ثار الشعب الا لفساد العسكر ورئيسهم مبارك، ومن معه ومن قبله!!!.
4 ـــ إنّ انتخابات الرئاسة في مصر قد أكدت على أهمية حياد القضاء، وأنه صمام الأمان لأية دولة، فكيف بدولة كمصر، عانت الاستبداد وظلم الطغيان وجبروت الفرعونية، بما فيها إفساد القضاء؟ فاختل ميزانُه، وغصّت السجون بالاحرار والأبرار، حتى كان آخرَهم الرئيسُ مرسي، الذي أخرجه ربيع مصر من وراء القضبان إلى ميدان التحرير والإصرار، ثم خرج به إلى رئاسة مصر العروبة والاسلام. وعلى “قضاء” الجمهورية الثانية أنْ يكون كأهم وأروع إنجازات وأهداف ثورة 25 يناير المظفرة.
5 ـ ولعل من أكبر التحديات أيضاً، إحراج ما يسمى “الأجهزة العميقة” في الدولة من تبعيتها لنظام مبارك؛ فتقبل، برضى، الالتحاق بالجمهورية الثانية، مما يحقق الأمن ويضمن حرية المواطن وسلامة العيش بديمقراطية، فلا تقع الجمهورية الوليدة بمطبات الأجهزة التآمرية التي اعتادتهاوكيدها و”عبقريتها”.
6 ـ إنّ تأصيل الوئام الداخلي بين شرائح الشعب المصري أقباطاً ومسلمين، والتمسّك بالوحدة الوطنية الجامعة التي ميزت الشعب المصري خلال ألف وأربعماية سنة، هو الصخرة التي تتحطم عليها كل المؤامرات، الساعية إلى تفكيك الشعب المصري الواحد، والذي سيبقى واحداً بإذن الله.
7 ـ إنّ عودة البرلمان المنتخب إلى وجوده الشرعي والدستوري، وممارسة ديمقراطيةٍ سليمة قادرة على ترشيد رئاسة الجمهورية والحكومة المصرية القادمة، ومساعدتهما في التشريع والتقويم والتقييم، كل ذلك انتصارٌ مباركٌ آخرُ على تحدٍ كبير رفعه العسكر بوجه إرادة الشعب الذي قال كلمته في ممثليه. وهنا لا بد من مطالبة الرئيس مرسي، أن يكون على وعده المقطوع، بأن تكون الحكومة ممثلة لكافة أطياف الشعب المصري البطل الوفي.
8 ـ ومما لا ريب فيه، أنّ إخراج مصر من التبعية الاقتصادية يشكل مفصلاً كبيراً في التحديات، ومفتاحاً لعودتها إلى دورها الرائد، محررةً من كثير من المعوّقات والمثبّطات… كما إنّ دفع العملية الاقتصادية إلى السلامة والنماء يحقق مطالب كافة شرائح الشعب، ويضمن حقوقه العادلة، ويوفر للجميع فرص المشاركة في البناء الاقتصادي وصناعة الغد الأفضل.
9 ـ لن تكون القضية الفلسطينية والقدس وقطاع غزة محور العمل الجادّ فحسب، بل ستكون كافة القضايا العربية وهموم أبنائها في طليعة ما يجب أن يهتم به مرسي وحكومته القادمة، ومنها التعاون مع المجموعات العربية والإسلامية، وبخاصة الخليج ودول المغرب العربي، ودول الربيع العربي، وذاك تحدٍ كبير وخطير.
10 ـ إن مصر ثورة 25 يناير وجمهوريتها الثانية، تحتاج إلى العمل الدؤوب على كل الصعد. والأمل معقود بعد الله تعالى على الرئيس محمد مرسي، في إيجاد المناخ الجيد والمرن والحازم، لإعلان مصر من جديد، بلداً للحريات والعدالة والقضاء النزيه، وبلداً للمؤسسات الحضارية الرائدة المتعاونة مع العالم العربي، الذي بدأ يخرج من قمقمه، والعالم الإسلامي ذي الامتداد الكبير.
11 ـ قاربت مصرنا العزيزة الوصول إلى شاطئ الأمان، بإذن الله، وعلى المجلس العسكري أن يُنْهي وجوده الرئاسي والتشريعي، فلا يكون عقبةً أمام حرية مصر وتألفها من جديد، وعليه أن يثبت أن الامانة التي تحملها كان جديراً بها، وآنَ له أن يُسلّم القيادة لأهلها، وأن يكون حارساً أميناً لمصر من أطماع الأعداء، ومعهم الصهيونية المحلية والعالمية. فهل يُوفر على المصريين الكثير من المتاعب والمشاكل؟ أم يُصرُّ أن يجعل من نفسه حاكماً على الحكام الشرعيين، فيُدخل مصرَ النيل في نزاع وشقاق، ويذهب هو إلى مزبلة المستبدين؟ تلك هي المسألة، وهي مسألة في غاية الأهمية والخطورة، تحتاج في معالجتها إلى وعي رشيد، وفصلٍ في الخطاب شديد، وحكمة بالغة، وأناة قوية وإصرار عنيد. فهل يكون؟ فينبلج فجر جديد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى