الأخبار العربية والدولية

ورقة عمل قدمت في اليوم الدراسي الذي نظمته كلية دار الدعوة للعلوم الإنسانية والمنتدى التربوي برفح أثر الحرب الأخيرة على المصالحة الوطنية – زياد جرغون عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

استمرار حالة الانقسام الفلسطيني – الفلسطيني تشتت الجهود , وتبعثر الإمكانيات وتفقد النضالات الفلسطينية اتجاهاتها السليمة وتفرقها في صراعات داخلية بعيدة كلياً عن الصراع الحقيقي الذي يخوضه الشعب الفلسطيني مع الاحتلال , وهذه الصراعات على خلفية خيارات سياسية وإستراتيجية متباينة، وإنهاء الانقسام منذ لحظة وقوعه شكل واجباً وطنياً علي القوي الوطنية والشخصيات المخلصة كافة, لذلك كانت الجبهة الديمقراطية هي أول من أطلق مبادرة لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الداخلية من خلال مذكرة رفعتها إلي المجلس المركزي لـ م.ت.ف في حزيران / يونيو 2007. استندت هذه المبادرة إلي إرادة شعبية في مواجهة العدو الإسرائيلي, ونجحت هذه الجهود الوطنية الفلسطينية وبالتعاون مع القاهرة, في بلورة وثيقة للمصالحة أطلق عليها اسم “الوثيقة المصرية”، جاءت نتيجة حوارات ومشاورات بين جميع القوي الوطنية والإسلامية الفلسطينية مع القيادة المصرية.
–   غير أن الملاحظ انه في الوقت الذي ينجح فيه الحوار الوطني الشامل في بلورة مواقف وسياسات توحيدية تضع حداً للانقسام وتنهيه, تعود الحالة الفلسطينية خطوات إلي الوراء عندما ينتقل الحوار من صيغته الوطنية الشاملة إلي صيغته الثنائية, التي تجمع فتح وحماس. وهناك العديد من اتفاقيات المصالحة التي وقعت بين فصائل العمل الوطني والإسلامي أو بشكل ثنائي لكن لم يتم تنفيذها حتي الآن .
–       سيتم التطرق إلي الاتفاقيات والتحركات لإنهاء الانقسام الداخلي خلال الفترة الماضية:
أولاً : إعلان القاهرة :-
برعاية مصرية عقد في القاهرة مؤتمر للحوار الفلسطيني خلال الفترة 15-17/3/2005 بمشاركة 12 تنظيم فلسطيني. أهم ما ورد في إعلان القاهرة .
1.  التمسك بالثوابت الفلسطينية دون أي تفريط وحق الشعب الفلسطيني في المقاومة من أجل إنهاء الاحتلال, وإقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس مع ضمان حق عودة اللاجئين إلي ديارهم وممتلكاتهم.
2.    الالتزام باستمرار المناخ للتهدئة مقابل التزام إسرائيلي متبادل بوقف كافة أشكال العدوان.
3.    استمرار الاستيطان وبناء الجدار وتهويد القدس الشرقية هي عوامل تفجير .
4.  استمرار الإصلاحات الشاملة في كافة المجالات ودعم العملية الديمقراطية بجوانبها المختلفة , وعقد الانتخابات المحلية والتشريعية في توقيتاتها المحددة.
5.  تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية بحيث تضم جميع القوى الفلسطينية بصفة المنظمة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
6.  الحوار هو الوسيلة الوحيدة بين كافة القوي دعماً للوحدة الوطنية ووحدة الصف الفلسطيني, وتحريم الاحتكام للسلاح في الخلافات الداخلية.
ثانياً : وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني :
–   جري توقيع وثيقة الوفاق الوطني أو كما تسمي (وثيقة الأسري) ما بين 25-26/5/2006 حيث خرجت هذه الوثيقة من السجون وكانت موقعة من 5 فصائل وهي (الجبهة الديمقراطية، حركة حماس  , حركة فتح , الجبهة الشعبية , حركة الجهاد) , وخلال الحوار الوطني الشامل بين جميع فصائل العمل الوطني بغزة خلال الفترة الممتدة من 25-26/5/2006 جري اعتمادها وسميت باسم وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني وتتلخص في التالي :-
1.  الشعب الفلسطيني يسعي لتحرير أرضه وانجاز حقه في الحرية والعودة والاستقلال وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
2.    الإسراع في انجاز ما تم الاتفاق عليه في القاهرة في آذار 2005.
3.  حق الشعب الفلسطيني في المقاومة والتمسك في خيار المقاومة بمختلف الوسائل وتركيز المقاومة في الأراضي المحتلة عام 1967م.
4.    توحيد الخطاب الفلسطيني علي أساس برنامج الإجماع الوطني الفلسطيني والشرعية العربية والدولية.
5.    حماية وتعزيز السلطة باعتبارها نواة الدولة القادمة.
6.    تشكيل حكومة وحدة وطنية علي أساس يضمن مشاركة كافة الكتل البرلمانية.
7.    إدارة المفاوضات هي من صلاحيات م.ت.ف علي قاعدة التمسك بالأهداف الوطنية الفلسطينية.
8.    تحرير الأسرى والمعتقلين واجب وطني مقدس يجب أن تقوم به القوى بكل الوسائل .
9.    دعم ومساندة اللاجئين في الدفاع عن حقوقهم .
10.    تشكيل جبهة مقاومة موحدة باسم جبهة المقاومة الفلسطينية.
11.     التمسك بالمنهج الديمقراطي وبإجراء انتخابات دورية وحرة ونزيهة واحترام مبدأ التداول السلمي للسلطة.
12.     رفض وإدانة الحصار الظالم علي شعبنا الذي تقوده الولايات المتحدة وإسرائيل.
13.    ويوجد أيضاً 6 بنود آخري تدعو للوحدة والتلاحم , ونبذ مظاهر الفرقة والانقسام وبحث وضع غزة في معركة الحرية والاستقلال , وإصلاح المؤسسة الأمنية الفلسطينية ودعوة المجلس التشريعي لإصدار القوانين التي تنظم عمل المؤسسة وتوسيع لجان التضامن الدولية مع الشعب الفلسطيني.

ثالثاً: اتفاق مكة :
بمبادرة من الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك العربية السعودية عقد لقاء ثنائي بين حركتي فتح وحماس في 8/2/2007. وأكد  الاتفاق علي التالي :-
1.    تحريم الدم الفلسطيني والتأكيد علي أهمية الوحدة الوطنية كأس للصمود الوطني والتصدي للاحتلال.
2.    الاتفاق علي تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية وفق اتفاق تفضيلي معتمد بين الطرفين.
3.    تأكيد مبدأ الشراكة السياسية علي أساس القوانين المعمول بها في السلطة الفلسطينية وعلي قاعدة التعددية السياسية.

رابعاً: المبادرة اليمنية:
عقد لقاء بين حماس وفتح في العاصمة اليمينية صنعاء بتاريخ 20/3/2008 وجري توقيع المبادرة اليمنية بين الطرفين والتي تنص علي التالي :
1.    العودة بالأوضاع في غزة إلي ما كانت عليه قبل تاريخ 13/6/2007 وإجراء انتخابات مبكرة رئاسية ومجلس تشريعي.
2.  استئناف الحوار الوطني علي قاعدة اتفاق القاهرة 2005 , واتفاق مكة 2007 , علي أساس أن الشعب الفلسطيني كلٌٌٌٌٌ لا يتجزأ.
3.    احترام الدستور والقانون الفلسطيني والالتزام به من قبل الجميع .
4.    إعادة بناء الأجهزة الأمنية علي أسس وطنية.
5.    تشكيل حكومة وحدة وطنية ائتلافية تمثل فيها كل الفصائل بحسب ثقلها في المجلس التشريعي.
6.    تشكل لجنة من مصر والسعودية وسوريا والأردن واليمن علي استعداد للمشاركة مهمتها تنفيذ ما سبق.
7.    تتكون المؤسسات الفلسطينية بكل تكويناتها دون تمييز فصائلي وتخضع للسلطة العليا وحكومة الوحدة الوطنية .

خامساً: اتفاق القاهرة 2008 :
–   اجتمعت الفصائل والقوى الفلسطينية في القاهرة يوم 9/11/2008, واتفقت علي مشروعها الوطني علي النحو التالي :
1.    المصلحة الوطنية الفلسطينية تسمو وتعلو فوق المصالح الحزبية والتنظيمية.
2.    وحدة الأراضي الفلسطينية جغرافياً وسياسياً.
3.    الحوار هو الوسيلة الوحيدة لإنهاء الخلافات الداخلية.
4.    حرمة الدم الفلسطيني وتجريم الاقتتال الداخلي.
5.    الديمقراطية هي الخيار الوحيد لمبدأ تداول السلطة في إطار احترام سيادة القانون والنظام والشرعية.
6.    المقاومة حق مشروع مادام الاحتلال قائماً في إطار التوافق الوطني.
7.    الاعتماد علي المرجعيات السابقة ( اتفاق القاهرة مارس 2005 – وثيقة الوفاق الوطني مايو 2006 – اتفاق مكة فبراير 2007 – مبادرة الرئيس محمود عباس يونيو 2008 – قرارات القمة العربية المتعلقة بإنهاء حالة الانقسام ).
8.  تشكيل حكومة توافق وطني ذات مهام محددة تتمثل برفع الحصار والإعداد للانتخابات الرئاسية والتشريعية وإعادة بناء الأجهزة الأمنية.
9.    إعادة بناء الأجهزة الأمنية علي أسس مهنية ووطنية بعيداً عن الفصائلية .
10.                       إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامناً وفق قانون انتخاب متفق عليه .
11.                       تطوير وتفعيل م.ت.ف الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني طبقاً لاتفاق القاهرة مارس 2005.
12.                       الحفاظ علي التهدئة التي توافقت عليها كافة الفصائل باجتماعاتها بالقاهرة يومي 29-30/4/2008.
13.                       إنهاء أي إجراءات أو أعمال من شأنها الإضرار بالجهد المبذول لإنهاء الانقسام .
14.                       الاتفاق علي تشكيل اللجان التي تتولي مهمة بحث التفصيلات المطلوبة وآليات عملها.
15.        إدارة المفاوضات هي من صلاحيات م.ت.ف ورئيس السلطة الفلسطينية وأي اتفاق يتم التوصل له يعرض على المجلس الوطني للتصديق عليه أو إجراء استفتاء حيثما أمكن.

سادسا: اتفاقية الوفاق الوطني الفلسطيني القاهرة 2009 :-
–   ارتباطاً بالحوار الوطني الفلسطيني الشامل الذي عقد في القاهرة ابتداءً من 26/2/2009 بمشاركة مصرية فاعلة ,وما تلاها من جلسات حوار متعددة اتسمت بالشفافية والمصارحة ورغبة حقيقة في إنهاء الانقسام السياسي والجغرافي والنفسي وأهم ما ورد في هذه الاتفاقية :-
1.  منظمة التحرير الفلسطينية : تفعيل وتطوير م.ت.ف وفق أسس يتم التراضي عليها بحيث تضم جميع القوى والفصائل الفلسطينية وفقاً لاتفاق القاهرة مارس 2005م.
2.  الانتخابات : تجري الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني الفلسطيني متزامنة يوم الاثنين الموافق 28/6/2010م ,وتجري الانتخابات التشريعية علي النحو التالي 75% قوائم و 25% دوائر.
3.  الأمن : الشعب الفلسطيني يعيش مرحلة التحرر الوطني ولدى فإن عمل الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة يجب أن تحقق أمن الموطن و الوطن . ويوجد شرح لعمل الأجهزة الأمنية وآلية توحيدها في الضفة وغزة.
4.  المصالحة الوطنية : نشر ثقافة التسامح والمحبة والمصالحة والشراكة السياسية وحل  جميع الإشكاليات التي نجمت عن حالة الاحتقان والفلتان والانقسام بالطرق الشرعية والقانونية وتعويض المتضررين من الانقسام.
5.  اللجنة المشتركة لتنفيذ اتفاقية الوفاق الوطني : تتشكل من 16 عضو من حركتي فتح وحماس والفصائل المستقلين وتبدأ عملها فور توقيع اتفاقية الوفاق الوطني وينتهي عملها في أعقاب إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني وتشكيل حكومة فلسطينية جديدة.
6.  المعتقلون : تحريم الاعتقال علي خلفية الانتماء السياسي وحل مشكلة المعتقلين من خلال آليات وضعت لهذا الغرض ,ويتم الإفراج من المعتقلين فور التوقيع علي الاتفاق.

سابعاً: آليات تنفيذ اتفاق اتفاقية الوفاق الوطني الفلسطيني : –
–   عقد بالقاهرة في 20/12/2011م لبحث آليات تنفيذ اتفاقية الوفاق الوطني الفلسطيني التي وقعت عليها الفصائل بالقاهرة في 4/5/2011م , واتفق علي التالي :-
1.  منظمة التحرير الفلسطينية : يتم نقاش موضوع م.ت.ف خلال اجتماع لجنة منظمة التحرير المنصوص عليها بإعلان القاهرة 2005.
2.    الانتخابات : تم التوافق علي أسماء لجنة الانتخابات المركزية وتتشكل من 9 أسماء و4 أسماء احتياط.
3.  المصالحة المجتمعية: تم تشكيل لجنة مصالحة مجتمعية وحدد اجتماعها الاول في 27/12/2011 من 15 شخص من القوى والمستقلين.
4.    الحكومة : يتم تشكيل الحكومة بحلول 31/1/2012 بعد التشاور مع جميع الفصائل.
5.  قضايا الحريات العامة وبناء الثقة : تشكيل لجنتين واحدة في الضفة وثانية في غزة لمتابعة قضايا الحريات العامة وبناء الثقة .
6.  المجلس التشريعي : يتم التشاور لدراسة سبل استئناف عمل المجلس التشريعي , ويصدر مرسوم في الأسبوع الأول من شهر فبراير2012 لدعوة المجلس التشريعي للانعقاد وفقاً للقانون.

ثامناً: اتفاق الدوحة :
–   عقد لقاء مشترك بين الرئيس محمود عباس وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس بحضور الشيخ حمد بن خليفة أمير دولة قطر في 5/2/2012 بقطر وجري التأكيد علي الاتفاق بالتالي : –
1.    استمرار تفعيل خطوات تفعيل م.ت.ف وتطويرها.
2.  تشكيل حكومة التوافق الوطني من كفاءات مهنية مستقلة برئاسة الرئيس محمود عباس مهمتها تسهيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبدء بأعمار غزة.
3.    التأكيد علي استمرار عمل اللجان التي تم تشكيلها وخاصة لجنة الحريات.
4.    التأكيد علي ما تم الاتفاق عليه في القاهرة لبدء عمل لجنة الانتخابات المركزية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس.

تاسعاً: اتفاق حركتي فتح وحماس بشأن القضايا العالقة من وثيقة الوفاق الوطني :
–       عقد لقاء يوم 20/5/2012 برعاية مصرية ومشاركة فتح وحماس واتفقوا علي التالي:
1. بدأ عمل لجنة الانتخابات عملها في غزة يوم 27/5/2012.
2. البدء بمشاورات تشكيل الحكومة يوم 27/5/2012.
3. تختتم المفاوضات خلال 10 أيام للإعلان عن الحكومة الجديدة.
4. يتم تحديد موعد إجراء الانتخابات بالتوافق بين كافة الفصائل والقوى الفلسطينية في ضوء انجاز عمل لجنة الانتخابات المركزية.
5. عمل الحكومة لا يزيد عن 6 شهور من أجل ( إجراء الانتخابات  – البدء بأعمار غزة ).
6. في حال عدم إجراء الانتخابات يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة برئاسة شخصية مستقلة يتم التوافق عليها.
–   بالرغم من انه يوجد أكثر من 9 اتفاقيات سواء وطنية عامة بمشاركة جميع القوى والفصائل أو ثنائية بين فتح وحماس إلا انه لم يتم التوصل إلي إنهاء الانقسام ولم تمكن من الوصول إلي المصالحة الشاملة التي ينتظرها شعبنا وخاصةً بعد الحرب الأخيرة علي غزة والتوجه للأمم المتحدة.
–   رغم كل مظاهر الضعف تختزن  الحالة الفلسطينية في صفوفها ما يكفي من الطاقات السياسية والكفاحية لإحداث اختراقات وتحقيق انجازات نوعية بما يحد من قدرة العدو علي الفعل ويلحق به الخسائر المادية والسياسية , حدثان كبيران أكدا هذه الخلاصة وهما معركة الصمود في قطاع غزة والفوز في الأمم المتحدة بمقعد مراقب لدولة فلسطين بحدود ما قبل ال 1967.
–   ففي الحرب الأخيرة علي غزة كانت تحضر إسرائيل لضربة قوية بسبب زيادة عمليات المقاومة في السنتين الأخيرتين علي مناطق التماس , وعلي القصف الفلسطيني للمدن والبلدان جنوب إسرائيل رداً علي الاغتيالات والقصف الإسرائيلي . العد العكسي بدأ مع تحديد موعد الانتخابات الإسرائيلية وبالرغم من أن الحرب والدمار لم تحقق إسرائيل أهدافها واثبت الجانب الفلسطيني القدرة علي الرد علي العدوان وتهديد العمق الإسرائيلي بالنيران ونجح في عقد اتفاقية مع العدو , هي الأولي من نوعها بالتزاماتها القائمة علي قاعدة ” تهدئة مقابل تهدئة ” بديلاً لسياسة التهدئة من جانب واحد والتي كانت معتمدة سابقاً وخلال الحرب تحققت الوحدة الميدانية بخروج مئات الالآف من أبناء الضفة الغربية والشتات تنديداً بالحرب علي غزة ودعم صمود أهل غزة وما بعد الحرب الأجواء الايجابية التي سادت وخاصة تنظيم مهرجانات في كل من الضفة وغزة لحماس وفتح بذكرى انطلاقتهما ويجب استثمار الأجواء الايجابية التي سادت في الضفة وغزة ، واعتبار هذه المهرجانات بداية النهاية للانقسام البغيض والعمل على إتمام الوحدة الوطنية ، وضرورة الإسراع في عقد الاجتماع القيادي الذي يضم رئيس وأعضاء اللجنة التنفيذية ورئيس المجلس الوطني والأمناء العامين لجميع الفصائل الفلسطينية ، من اجل البدء بخطوات إنهاء الانقسام وتنفيذ اتفاقات القاهرة والدوحة ، بهذا الشأن ومن أجل بناء الوحدة الوطنية على أساس برنامج كفاحي مشترك ينطلق من هذه المستجدات الايجابية ويوظفها لإحراز المزيد من التقدم لصالح قضية شعبنا ، وكل ذلك بحاجة إلي خطوات فعلية لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية في ظل الهجمة الشرسة من الليكود واليمين الإسرائيلي علي أراضي الضفة الغربية والقدس واستمرار حصار غزة. وأيضاً وقوف 138 دولة في العالم إلي جانب حق شعب فلسطين في دولة مستقلة ليس مجرد مقعد لفلسطين في الأمم المتحدة بل بداية لمرحلة سياسية جديدة تتطلب اعتماد إستراتيجية بديلة.
–   فالمعارك الوطنية الكبرى تثبت كم هي حاجة الشعب الفلسطيني إلي توحيد قواه السياسية وتوحيد مؤسساته الوطنية, فان نتائج ما تحقق في غزة وفي نيويورك , أدخل علي الحالة الفلسطينية عناصر سياسية جديدة تبقي معها – وهنا المفارقة الصادمة – مسألة العودة إلي اتفاقيات المصالحة التي تم التوقيع عليها لإنهاء الانقسام صعبة المنال ( والتي جري استعراضها سريعاً منذ عام 2005 حتي 2012).
–   لقد أخفقت كل من فتح وحماس مجتمعتين في الالتزام ولو بنسب مختلفة بما تم الاتفاق عليه في الحوارات الوطنية الشاملة وهذا الإخفاق يدلل علي تضارب المصالح عند جهات مقررة بين الطرفين .وبدأت الاشتراطات السياسية تطل برأسها ما يوحي بأن إمكانية استئناف مسيرة المصالحة لن تكون بالسهولة التي توقعها الكثيرون في ظل التفاؤل الذي أحدثه انتصار غزة والأمم المتحدة . لكن يفترض عدم الاستسلام لواقع الجهود وان مبادرة فلسطينية مدعومة إقليميا تنطلق من الرؤية الفلسطينية للتطورات والأحداث الأخيرة بإمكانها أن تساهم بإزالة العوائق والحواجز أمام استئناف جهود المصالحة وإنهاء الانقسام , وأيضاً بقدرة القوى الديمقراطية واليسارية علي تزخيم الضغط الشعبي واستحضار عناصر الضغط الإقليمي باتجاهاتها الايجابية لوضع حد لأجواء الانقسام والعودة مرة أخري إلي مسار المصالحة الداخلية فبالإضافة إلي الضغط الشعبي والجماهيري , مقترح خطة للخروج من التباينات والصراعات السياسية وإنهاء الانقسام الداخلي وهي إستراتيجية سياسية كفاحية بديلة.

*أهم عناصر الإستراتيجية السياسية والكفاحية البديلة (الجديدة ) التالي:-
أولا : العنصر الأول : المقاومة الشعبية لمواجهة نهب الأرض:
– تشكل المقاومة الشعبية العنصر الأول في الإستراتيجية البديلة في مواجهة الاحتلال للأرض الفلسطينية ومقاومته بكل الأساليب الممكنة بما فيها الكفاح المسلح لإحداث سلسلة من التفاعلات المحلية والإقليمية والدولية وتسليط الضوء علي ممارسات الاحتلال وقمعه للشعب الفلسطيني ونزع القناع من دولة الاحتلال التي تقدم نفسها دولة ديمقراطية وإعادة تقديمها باعتبارها دولة عدوان وقتل وتدمير واحتلال استيطاني عنصري .
– والعمل علي إحداث توازن نسبي في العلاقة مع الاحتلال بحيث ترتفع ضريبة احتلاله للأرض والشعب عبر تكبيده خسائر تنعكس علي الوضع الداخلي الإسرائيلي بدءً بالمؤسسة العسكرية وصولاً إلي الشرائح الاجتماعية المتضررة من بقاء الاحتلال في مواجهة مقاومة شعبية فلسطينية فاعلة . والانتفاضة الأولى خير دليل علي ذلك.
– وإعادة العلاقة مع الوضع العربي الرسمي لتستعيد القضية موقعها المؤتمر في السياسة العربية وإعادة تقديم الحالة الإسرائيلية باعتبارها قوة احتلال استعمارية وكشف زيف ادعاءاتها الديمقراطية وحرصها المزعوم على السلام.
– وتنظيم حملة مقاطعة للمستوطنات ومنتجاتها مع توفير البدائل الكريمة للعمال وتوفير شبكة أمان مالية عربية للمؤسسة الفلسطينية حتى لا تتأثر بردود الفعل الإسرائيلية.

العنصر الثاني : دولة فلسطينية معترف بها دولياً وكاملة العضوية :
–   توسيع دائرة الاعتراف بالحقوق الفلسطينية من خلال الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة علي حدود 4 حزيران وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة . وعضواً في الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجموع الوكالات والمؤسسات والتجمعات والمنظمات الدولية والعمل علي تجسيد الدولة المستقلة عبر إجراءات تتجاوز حدود صلاحيات سلطة الإدارة الذاتية في إطار خطة وطنية متكاملة.
–   أن قبول فلسطين عضواً في الأمم المتحدة , من شأنه أن يعيد صياغة العلاقة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بحيث يصبح بين دولتين . إسرائيل التي تحتل أراضي الدولة الأخرى المستقلة والمعترف بها . هي الدولة الفلسطينية , الأمر الذي يلزم إسرائيل الانسحاب من أراضي هذه الدولة المعترف بهويتها وحدودها وعليه تصبح وظيفة المفاوضات وضع الآليات والسقف الزمني لانسحاب إسرائيل تحت إشراف دولي من أراضي الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وليس كما هو حاصل حالياً حيث يفاوض الجانب الفلسطيني منذ أكثر من 20 سنة علي أن هذه الأراضي متنازع عليها , وليس محتلة.

العنصر الثالث : نزع الشرعية عن إسرائيل الدولة المحتلة لأراضي الدولة الفلسطينية:
–   مطلوب تفعيل فتوى محكمة لاهاي الدولية بشأن ” الجدار” وأيضاً تندرج قضية جرائم الحرب ضد قطاع غزة في حرب الرصاص المصبوب والعمل علي التوجه للجمعية العامة ومجلس الأمن الدوليين لتحصين قرارات المحكمة الدولية لتصبح ملزمة لإسرائيل بحيث يزال الجدار وتعاد الأراضي إلي أصحابها . واستئناف عمل مؤتمر الأطراف السامية المتعاقدة علي اتفاقيات جنيف الرابعة بهدف إلزام إسرائيل تطبيق هذه لاتفاقيات علي جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة . بما فيها توفير الحماية للمواطنين تحت الاحتلال وعدم الاعتراف بشرعية القوانين والقواعد العنصرية الإسرائيلية وفي المقدم منها مشاريع الاستيطان في الضفة والقدس الشرقية المحتلة.

العنصر الرابع : إستراتيجية دفاعية لقطاع غزة :
–   إن ما يتعرض له قطاع غزة من حملات عدوانية بين فترة وأخري ” كحملة ” ” الرصاص المصبوب ” و ” عمود السحاب ” أن خطورة استمرار العدوان الإسرائيلي والتهديد المستمر بتوسيع نطاقه في غزة , يتطلب علي الصعيد الوطني النظر إلي مجابهة هذا الأمر بجدية من خلال خطة منظمة قادرة علي التصدي للعدوان بجميع أشكاله في إطار ” إستراتيجية دفاعية ” ولا يقلل من خطورة العدوان والتهديدات الإسرائيلية اتفاق التهدئة الأخير . فالمشروع الإسرائيلي العدواني ضد قطاع غزة وضد المقاومة مازال قائماً , ومن المتوقع أن يأخذ أشكال مختلفة.
–   أن الضرورات الوطنية تتطلب وضع إستراتيجية دفاعية متوافق عليها , وتوفير واستكمال مقوماتها , وهي إستراتيجية تعتبر في الوقت ذاته تطويراً لدور غزة في الإستراتيجية الوطنية البديلة التي تجمع بين العمل في الميدان وبين طاولة المفاوضات كما تشكل عاملاً ضاغطاً لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية.

العنصر الخامس : تطوير وتوسيع حركة اللاجئين الفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم:
–   التصدي للمشاريع البديلة ,والدفاع عن قضايا اللاجئين في البلاد المضيقة بالصلة مع البلد المضيق وقوانين وتطوير خدمات وكالة الغوث وتحييد المخيمات الفلسطينية عن أي صراع داخل يجري بالدول المضيقة , وتفعيل وتطوير خدمات مؤسسات م.ت.ف  ذات الصلة .
–   إن الدفاع عن حق العودة إلي الديار والممتلكات , والدفاع عن الحقوق اليومية الحياتية والمعيشية والإنسانية للاجئين يقع في قلب مهمات الحركة الوطنية وهي جزء لا يتجزأ من الإستراتيجية الفلسطينية البديلة.

العنصر السادس : إستراتيجية اقتصادية اجتماعية جديدة لشعبنا الفلسطيني :
–   مطلوب العمل علي معالجة مشكلتي الفقر والبطالة في الأراضي الفلسطينية ويمكن لكل من القطاعيين العام والخاص أن يلعب دوراً في هذه العملية علي قاعدة التكامل ومطلوب العمل علي وقف الالتزامات المترتبة علي الجانب الفلسطيني بموجب اتفاقي أوسلو 1993 وباريس الاقتصادي عام 1994, واعتماد خطوات اقتصادية واجتماعية لإلغاء التبعية الاقتصادية للاحتلال وتطوير الصمود والمقاومة ضده.
–   وإذا نظرنا إلي متوسط دخل المواطن الفلسطيني العربي في فلسطين المحتلة عام 1948 يُقدر بـ 9 آلاف دولار في السنة , مقابل 2000 دولار في الضفة الغربية , 1200 دولار في قطاع غزة , بينما يصل إلي 36 ألف دولار للإسرائيلي.
ويوجد خلل في ميزانية السلطة حيث يذهب 60% منها إلي الأجهزة الأمنية بينما يخصص 40% للشعب بمختلف المجالات ( الصحية – التعليمية – الاجتماعية ).
–   مطلوب التركيز علي إعادة إعمار غزة , وتوفير مقومات الصمود للمناطق التي يعزلها جدار الفصل العنصري لتمكين السكان من الثبات فوق أرضهم .
–   إن المبدأ الموحد للسياسة الاجتماعية البديلة وهدفها هو تعزيز التضامن والتكافل الاجتماعي وردم الفجوات (المادية والحضارية ) في بنية المجتمع من اجل توطيد وحدته و تماسكه في مواجهة الاحتلال وتحديات معركة الاستقلال الوطني أن هذا يفرض الأولويات التالية:-
1.    رعاية الفئات الأكثر تضرراً من الاحتلال وضمان حقهم في الحياة الكريمة.
2.    حماية مصالح العمال وصغار الموظفين وحقهم في الأجر اللائق .
3.    توحيد برامج الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية وفق قاعدة بيانات موحدة وصندوق تمويل موحد.
4.    تمكين المرأة من نيل حقها في الحرية والمساواة في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
5.  تحسين مستوي الحياة في المخيمات, بالعلاقة مع وكالة الغوث مع صون المكانة القانونية والسياسية الخاصة للمخيم تأكيداً للتمسك بحق اللاجئين في العودة.
6.    تحسين مستوي التعليم بكل مستوياته.
7.    تمكين الشباب وضمان حقوقهم الأساسية في التعليم والعمل في المشاركة السياسية.
* إن المشاركة الشعبية الواسعة في صوغ أهداف وآليات هذه الإستراتيجية تتطلب تعميق ممارسة الديمقراطية في النظام السياسي وفي حياة المجتمع واحترام الحريات العامة وحقوق الإنسان ونشر ثقافة الحوار والتسامح وقبول الرأي الآخر ونبذ التعصب والاحتكام إلى الحوار في حل الخلافات بين أبناء الشعب الواحد, وتعزيز روح الوفاق والوحدة الوطنية في مواجهة المحتل.

تعريف بالباحث :
زياد محمد عبد الله جرغون، دبلوم تجارة من معهد المعلمين رام الله ، بكالوريوس اقتصاد وعلوم سياسية من جامعة الفاتح  ليبيا، عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية، عضو نقابة الصحفيين الفلسطينيين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى