الأخبار اللبنانية

الحراك العربي خلفياته وأهدافه”

بابتي:” ما يجري هو انتفاضة شعبية بكل معانيها وتفسير واضح لشعار الموت ولا المذلة حيث أصبح التغيير مطلوباً واسقاط كل نظام جائر استبد سنين طويلة قاعدة أساسية لهذا الحراك فلا مؤامرة ولا انصياع الا  لإرادة الشعب المكلوم الذي تاق الى الحرية والحياة الكريمة”

بدعوة من الرابطة الثقافية في طرابلس وجمعية الوفاق الثقافية والمنتدى الحر ألقى المهندس عبدالله بابتي القيادي والمؤسس للجماعة الإسلامية في لبنان محاضرة بعنوان:” الحراك العربي خلفياته وأهدافه” بمشاركة حشد من الفعاليات الحقوقية والسياسية والإجتماعية والإختيارية والثقافية والإقتصادية ومن أبرزها نائب رئيس المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى الدكتور عمر مسقاوي، فضيلة الشيخ حسام سباط ممثلاً سماحة مفتي طرابلس والشمال الدكتور مالك الشعار، الدكتور عبدالإلله ميقاتي ممثلاً دولة الرئيس نجيب ميقاتي رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى حلوة ممثلاً معالي الوزير محمد الصفدي، النائب سمير الجسر، الأستاذ سعد الدين فاخوري ممثلاً النائب روبير فاضل، النائب السابق زهير العبيدي، النائب السابق محمود طبو، ممثل عن النائب بدر ونوس، الأستاذ ايلي عبيد ممثلاً النائب السابق جان عبيد ،الرائد شهاب سيف ممثلاً مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، رئيس اتحاد بلديات الفيحاء الدكتور ناهد غزال، نقيب المحامين الأستاذ بسام الداية ممثلاً بالأستاذ سمير الحسن،نقيب المهندسين بشير ذوق، الدكتور طارق زيادة عضو المجلس الدستوري، مسؤول الجماعة الإسلامية في الشمال الدكتور صفوان المسدس، مسؤول الجماعة الإسلامية في طرابلس الدكتور ناهد غزال، المسؤول السياسي للجماعة الإسلامية في طرابلس الأستاذ حسن خيال بالإضافة الى لفيف من العلماء وحشد من حضور.

استهل اللقاء بتلاوة مباركة من القرآن الكريم فكلمة ترحيبية من الأستاذ محمد صبلوح، بعدها ألقى المهندس عبدالله بابتي محاضرته ونلخص اليكم أبرز ما جاء فيها:

” ما زال الحراك العربي الذي شهدنا فصوله وحلقاته المستمرة يتابع مسيرته ما بين تونس الى مصر ثم ليبيا واليمن وأخيراً في سوريا دون أن نغفل معالمه في المغرب العربي والأردن القريب حيث اتخذا منحى آخر في محاولة لإجراء اصلاحات مطلوبة تلبي تطلعات الشعب الى مزيد من الإستقرار كي لا يجنح الى غير ذلك، والذي يهمنا أن نتوقف عنده هو مواجهة ادعاء المؤامرة حين انطلقت شرارة هذا الحراك والإسراع في اتهام خلفياته الى أنه يسير على ريمونت كنترول تمسك به امريكا تحديداً وسواها عموماً…

وهنا نقول ان هذا الإدعاء باطل لا يستند الى أي مرتكز مقنع اذ أن الدوافع أكثر من أن تحصى لثورة شعبنا في أي بلد عربي حيث يقدم شبابه حياتهم رخيصة من أجل التغيير وما فعله محمد بو عزيزي خير شاهد على ذلك، ان أجواء الكبت والإضطهاد والفساد التي تفشت في العالم العربي على أوسع مداها بل قل إن الخيانة وضياع المصير على أيدي الأنظمة المستبدة رغم أن العرب يتنامون عدداً وامكانات بشرية وثروات طائلة لم يعد لهم من أثر ولا تأثير في عالم السياسة والتغيير ويكفي ضياع فلسطين كل فلسطين واعلان اسرائيل يهودية الدولة كتحد صارخ لهم جميعاً.

ان ما حصل من حراك جاء طبيعياً بل  مطلوباً بالحاح حيث بلغ الإستبداد أشده حين حاصرت الأنظمة القائمة الناس في أرزاقهم وحرياتهم فلا مكان للعدالة ولا وجود للحرية بل اذلال وبطش بلغ حد العبودية…

ويكفي أن تسقط شعارات الوحدة والحرية بشكل خاص على أيدي احزابها الذين ادعوا الإنقاذ ومارسوا أبشع الحروب ضد شعوبهم وفيما بينهم، مع استفحال الظلم والإضطهاد لكل معارض حتى انتفت الحياة السياسية وتمت السيطرة على كل موارد الدولة لصالح الحاكم وأقربائه وأتباعه وبلغ الطغيان منتهاه فكانت الثورات والإنتفاضات والتضحيات وهنا سارعت أمريكا وكل الخارج للتفتيش والتركيز على مصالحهم عبر تغيير أصبح منتظراً ولابد من استقباله بالتخلي عن الذين أصبحوا عالة وعجزة.

وبكلمة مختصرة ما يجري هو انتفاضة شعبية بكل معانيها وتفسير واضح لشعار الموت ولا المذلة حيث أصبح التغيير مطلوباً واسقاط كل نظام جائر استبد سنين طويلة قاعدة أساسية لهذا الحراك فلا مؤامرة ولا انصياع الا  لإرادة الشعب المكلوم الذي تاق الى الحرية والحياة الكريمة والا فما معنى غياب الخوف وتحدي بطش الآلة العسكرية والتهليل لسقوط قوافل الشهداء بكل اباء وعزة…ونقطة أخرى نثيرها مع هذا الحراك بعد انجاز أولى خطواته في تونس حيث أجريت انتخابات برلمانية ورئاسية بكل شفافية وحرية لمجلس تأسيسي يضع دستوراً جديداً للبلاد يلبي طموحات الشعب في التغيير والإصلاح…

مثل ذلك يسير ببطء في مصر ومع ظهور غلبة التيار الإسلامي وتحديداً الإخوان المسلمين برزت التعليقات المتباينة ويهمنا هنا أن نرد ما أثير من مخاوف لدى الأقليات وسواها وعلى الصيحات لأكثر من جهة رفضاً للتزمت والتعصب وتعطيل كثير من مرافق الحياة كما يظن البعض انه قادم مع هؤلاء…

ان الذي نشير اليه هو فكر هذه المدرسة للإخوان المسلمين وتاريخها الطويل منذ نشأتها وكما حدد أطرها الإمام الشهيد حسن البنا مؤسس هذه الحركة فهي ليست جمعية خيرية ولا حركة صوفية ولا حزباً سياسياً وانما هي روح هذه الأمة التي تتعالى مع القيم الإنسانية والمثل العليا وتحترم الآخر بغض النظر عن دينه وطائفته وتعتمد على المبادئ السامية في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة كما في الإجتهاد والحكمة من أي وعاء خرجت من أجل اقامة الحياة الكريمة للناس جميعاً من دون تمييز وعلى احترام قناعاتهم في ممارستهم للدعوة الى الله ودخولهم مشاريع السياسة ومختلف نشاطات الحياة فلا جنحوا يوماً للتقاتل أو الإضطهاد وما دعوا اليه ويكفي ما تعرضوا اليه في كل الأقطار التي تواجدوا فيها من سوء المعاملة واستخدام القهر والتعذيب فاعدم منهم المئات وسجن الآلاف وتعرضوا لكل أنواع الإضطهاد فما دفعهم ذلك للجوء الى تغيير قناعاتهم واستبدال وسائلهم السلمية.

وها هم اليوم في كل قطر انتفضت جماهيره يلتحمون مع الناس ويتحالفون مع الأحزاب من أجل تغيير فاعل واصلاح شامل حتى يستقيم أمر الدولة ويسلم المجتمع وكل المواطنين فيه من أكثر الآفات المدمرة…

وما حاول البعض الصاقه بهم هو مجرد تهم لا تستند الى واقع ولا حجة…بل هو من أجل الإنقضاض عليهم كأكبر حركة اسلامية تعطل خططه وتحد من طغيانه في الداخل الذي يريد أن يتفرد بحكمه، أما القوى العظمى في الغرب والشرق معاً فهي تتحامل عليهم لتناقض في النظرة حول الإسلام الذي تصطنع في كل مناسبة تهم الإرهاب له من أجل  التمكين لمصالحهم في الشرق العربي والعالم الإسلامي ليس الا كما هم يمكرون حين يخدعون الناس بأنهم يتعاونون معهم وأحياناً يشيدون بسلوكهم والوقت الذي شهدت الساحات الإنتخابات دعماً ملحوظاً منهم لأعداء الإخوان تحديداً.

وتبقى الحروب الصليبية في التاريخ القديم خير شاهد على ذلك، أما ما هو منتظر من هذا الحراك العربي وما هو أهدافه فتلك ما أرادته الشعوب من ثوراتها وهو كثير على صعيد قيام الدولة المدنية العادلة التي تحفظ حقوق كل المواطنين ضمن القانون العام وفي ظل الحريات ليمارس كل حياته وفكره ومعارضته من أجل الإستقرار والإرتقاء دون استخدام العنف بكل أنواعه…

ان العالم العربي يتوق الى طي صفحات الماضي البغيض ليلحق بركب الحداثة القائمة على أسس من العدالة الإجتماعية التي تحقق متطلبات العيش الكريم لكل مواطن باستخدام الإمكانات البشرية والثروات الطائلة من قبل الدولة بشكل عام والتعاون المثمر بين العالمين العربي والإسلامي والتبادل المنتج كأي صيغة يمكن أن يقوم على قواعد راسخة من الديمقراطية والحرية والمساواة…

انه مطلوب من الأنظمة القائمة منع أي معسكر من السيطرة على المجتمع الدولي مستعيناً بقواه العسكرية والإقتصادية عبر وسائل مدمرة وحروب عبثية لتوسيع نفوذه وضمان هيمنته، من هنا يجب وقف استخدام الأسلحة الفتاكة وخاصة النووية منها وحصرها في الإحتياجات المدنية والإنسانية…

ان حكام العرب القادمين من رحم المعاناة والإنتفاضات الشعبية وفي مقدمتهم الإسلاميين عليهم أن يدركوا أنهم وكلاء عن هذا الشعب وأمناء على مطالبه، فهو كما كان وفياً بايصالهم الى سدة الحكم عبر قوافل الشهداء ودمار البلاد… هم ملزمون بالوفاء لتحقيق ما يصبوا اليه من عيش كريم ومجتمع فاضل ودولة عادلة اسوة بكل الدول الراقية ووفقاً لما رفعوه من شعارات وما التزموا به من نهج يحقق التعددية ويحدد الولاية ويشيع الحرية والقيم الإنسانية وليعلموا ان في طليعة مهماتهم تحرير الأرض والإنسان من كل ظالم ومغتصب والعدو الصهيوني المحتل يأتي في رأس القائمة…

اننا ننتظر من هذا الحراك أن يحقق الآمال والطموحات لدى الأقليات وكل الأكثرية بل ان يعيش الناس كل الناس في أمن وأمان وليعلم الإسلامييون بالتحديد وهم يتقدمون لقيادة السفينة انهم أمام أصعب امتحان وهم على المحك في ظل المخاطر من أنفسهم قبل اعدائهم ليكونوا النموذج الصالح والحكم العادل ويعيدوا قول الله تعالى منذ ألف وأربعماية سنة الى الحاضر والمستقبل :” كنتم خير أمة أخرجت للناس”

ولابد من كلمة أخيرة فلبنان يحتاج الى أن يلتحق بهذا الحراك العربي عبر اسقاط الفساد المستشري في مؤسساته الخاصة والعامة والخلاص من نظامه الطائفي والغاء كل الأنظمة التي تحمي الإقطاع السياسي والتوريث غير المشروع والعمل جميعاً على الإنخراط في دولة موحدة لكل المواطنينن ومستقلة بالفعل من أي وصاية أو تدخل عدائي كي تتمكن أجيالنا الصاعدة من أخذ دورها المنتظر ولن يكون ذلك ببعيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى