المقالات

التغيير في إطار الاستمراريّة- كتب: د. جمال دملج

الذهول اللبنانيّ الذي يُحَكُّ يوميًّا بأظافرَ شيطانيّةٍ تتكاثَر تحتها الجراثيم الماكرة بات مستعصيًا على التعافي في الوقت الراهن بجرعات اليقين الوطنيّ التقليديّ وحدها، اللهمّ إلّا إذا بادرَ المؤمنون حقًّا بلبنان الواحد والموحَّد؛ وهُم القلّة النادرة من الأغلبيّة الساحقة في البلد، إلى البدء على الفور ببثِّ ما تبقّى لديهم من طاقاتٍ إيجابيّةٍ في أوساط بعضهم البعض، وفي مختلف الاتّجاهات، أملًا في أن يؤدّي ذلك إلى المساعدة على حماية الـ10452 كيلومترًا مربّعًا من مساحة هذا الشرق الأوسط المنكوب تاريخيًّا بحكّامه العبثيّين والمحكومين أصلًا بغرائز الارتهان لنوبات جنون الأجندات الخارجيّة؛ إقليميًّا ودوليًّا، التي أوصلَتنا إلى ما وصلنا إليه من ويلاتٍ وكوارثَ وخيباتٍ ومعاركَ وهزائمَ وفظائعَ وضياعٍ وحالاتٍ متناهيةٍ من التخبُّط وعدم اليقين.
هل حان الوقت يا ترى لكي نتشاركَ طاقاتنا الإيجابيّة تحت مظلّة الشعار العقلانيّ الداعي إلى “التغيير في إطار الاستمراريّة” عوضًا عن الانصياع لإبرة بوصلة الشعارات الغوغائيّة القائلة بأنّ “الشعب يريد إسقاط النظام” التي أظهرَت تجارب الدول المجاورة أنّها لم تكن أكثرَ أو أقلّ من مجرَّدِ محاولاتٍ طائشةٍ لدقِّ الأسافين ما بين الأنظمة المارقة في تاريخنا المعاصِر وما بين الشعوب الهادفة إلى استنساخِ أنظمةٍ مارقةٍ أكثرَ طيشًا في مجال قراءة الأحداث والمتغيِّرات؟
سؤالٌ موجَّهٌ إلى جميع اللبنانيّين، بمن فيهم “الثوّار” الحاليّون الذين لا تختلف ممارساتهم في هذه الأيّام عن ممارسات الحراكيّين والحراكيّات في “ثورة” 17 تشرين الأوّل (أكتوبر) عام 2019 التي ساهمَت؛ سواءٌ عن جهلٍ أم عن عدمِ درايةٍ أم عن قُصرِ نظرٍ، في تكبيدنا خسارة ومرارة وفداحة ووقاحة الانزلاق بالبلد إلى أسفل السافلين… وحسبي أنّ شعار “التغيير في إطار الاستمراريّة” يمكن أن يعطينا في هذه المرحلة طاقةً إيجابيّةً؛ على طول المساحة اللبنانيّة وعرضها، تفاديًا لكافّة إرهاصات الطاقات السلبيّة التي أوشكَت على الرمي بنا في أتون المجهول… والخير دائمًا من وراء القصد!
جمال دملج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى