المقالات

الإستغلال…أطاح بالإستقلال…كتب الإعلامي الدكتور باسم عساف

مسيرة إنشاء.. ومن ثمَّ قيام دولة لبنان الكبير .. ومن ثمَّ تكوين الجمهورية اللبنانيةالأولى ، بعد جلاء القوات الفرنسية المحتلة ، وتسليم السلطة الى الأعيان والأتباع والمناصرين ، ضمن سيناريو مُعَدٍ سلفاً ، قد أطلق عليه الإستقلال اللبناني عن الدولة الفرنسية التي أطلق عليها : (الأم الحنون.. )لمن أعطتهم الإمتيازات السياسية والدستورية والإدارية والوظيفية ، لتسيير أمور وشؤون السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية… وما للرئآسة الأولى من صلاحيات تكاد تكون أقرب الى قيام النظام الرئاسي أقرب منه الى البرلماني الديموقراطي…
لقد سار هذا النظام المنحاز بالإمتيازات والصلاحيات المنحرفة الى الرئآسة الأولى ، التي كانت تميل الى فرنسا حكماً بما أعطيت من أعرافٍ طائفية طبقت على الواقع اللبناني وكأنها ضمن الدستور الذي تمثل بميثاق /٤٣/…
وإستمرت هذه الحال الى أحداث السنتين التي قامت على إلغاء الإمتيازات ، والعدل بالصلاحيات ، والتساوي بين الفئآت ، وما تبعها من مستجدات ، وتدخلات ، أميركية وعربية عامة… وسورية وفلسطينية خاصة…وإسرائيلية على وجه الخصوص..
خلصت بنتيجتها الى عقد مؤتمر الطائف الذي خرج بإتفاق تجسد بتعديل الدستور والتساوي بين الطوائف والتوزيع بالمناصفة بين المسلمين والمسيحيين بمقاعد المجالس في السلطات الثلاث وفي وظائف الفئة الأولى مع إعتبار السلطة التنفيذية كمؤسسة حكومية بصلاحيات مستقلة لرئيسها مع كل وزير في وزارته وفق ما أعد لهم من صلاحيات في الدستور الجديد…
مع الإبقاء على صلاحيات عامة لرئيس الجمهورية ، على أنه راعي الدولة وأحكامها ، وحامي الدستور ، والدفاع الأعلى ، والمواثيق العامة والخارجية ،
وترؤس مجلس الوزراء بإنعقاده في القصر الجمهوري..

لسبب أو أكثر ممن لم يعجبهم هذا الإتفاق ، أو كانوا من المعارضين له عربياً أو محلياً ، فقد تم تعطيل العمل به ، أو بأكثرية بنوده حتى هذه الأيام وهذا العهد الذي يجدُّ رئيسه وفريقه على سحب التداول به ، وإعادة البلد الى الإمتيازات المنحرفة الى فئة دون الأخرى ، وإطلاق حملة شعبوية تعيد الأمجاد التي بنيت على الميليشياويات وبناء المجتمعات الطائفية والمذهبية المبنية على قياس الفئوية والحزبية التي تعيد هذا الوطن الى المعارك والأحداث الدموية…
دونما أي عبرة أو موعظة مما جرى في حرب السنتين من خراب ودمار وقتلى بمئآت الآلاف ، وجرحى بأكثر من مليون ، ومعاقين دائمين بعشرات الآلاف ، ورغم ما يقال بأن شعب لبنان العظيم ، وما يشاع عن مميزاته بالعلم والفهم والتمايز بالتقدير والتوقير والتدبير…
كل ذلك بفعل رجل واحد ، أو فئة ضالة ، تسوق البلد الى الهاوية ، أو الى جهنم ، كما لفظها رجل السلطة الأول ..وهي سبق لسان قد أسرع ليعبر عما يجيش في صدره من مكنونات دفينة وعفينة ، من أيام حرب الإلغاء ، وداحس والغبراء ، في الصف الواحد الذي يطفو على سطح التنافس الرئآسي ، في كل ست سنوات…
لتفور معها الأحقاد والضغائن لكسب السلطة والمال ..والهيمنة على كل الأحوال.. ووضع اليد بالمحاصصة والإستحلال.. لتكون قاعدتهم في الإستغلال .. خاصة للأتباع والمناصرين وكل مُوَال .. وتبقى لغيرهم حرام ولهم حلال.. وهذا يدل على نفوسهم بالإعتلال.. حين يتبعون أسلوب الإذلال.. ويخرجون عن النظام بالإخلال.. ويسيرون في طريق الضلال.. حتى يزيلهم ذو الإكرام والجلال… لئلا يتاجروا بعدها بالإستقلال…
هم أنفسهم ..من عرقل تشكيل الحكومات ..وأيضاً من عطّل الرئآسة الأولى ، (بإنتخاب الرئيس) لأول مرة بتاريخ لبنان أكثر من سنتين ، حتى تخلوا له الساحة ، ليأتي على صهوة تسوية خرقاء ، لم تدم أشهراً ، فقط لتمرير النوايا السيئة ، والخيانة على التسوية وأصحابها المغرّر بهم..
وإستقرت له الحال .. لتمكين الصهر المحتال.. ليأتي على صهوة تسوية الآمال.. ممن يسمون أنفسهم رجال الأعمال .. وهم بالحقيقة أشباه الرجال.. قد ينفعوا مع ظهور الدجال ..
ليدعموه بما سرقوا من أموال.. على حساب الشعب الذي أشبعوه من الإذلال .. وفرضوا الديون عليه بفعل الإستغلال.. وهذا أخطر عليه من الإحتلال.. فلا كان الإستقلال في ظل هذا الإستغلال…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى