ثقافة

ندوة للمكتب التربوي في المــَــرده بعنوان التربية من اجل المقاومة

نظم المكتب التربوي في تيار المرده بالتعاون مع لجنة التثقيف السياسي ندوة بعنوان “التربية من اجل المقاومة” تحدث خلالها النائب الدكتور علي فياض وعضو المكتب السياسي في تيار المرده وذلك في حضور حشد من الفعاليات السياسية والهيئات التربوية والاجتماعية  .
في بداية الندوة وقفة مع النشيد الوطني اللبناني ثم كلمة ترحيب وتعريف من مسؤول المكتب التربوي في المرده الاستاذ سايد الجعيتاني الذي لفت الى ان اللقاء اتى نتيجة التعاون المشترك بين التعبئة التربوية في حزب الله والمكتب التربوي في المرده، مجسداً التواصل الفكري والامتداد الجغرافي بين الجنوب والشمال، هاتين المنطقتين اللتين رفدتا الوطن بالشهداء وبالرجال الرجال الذين ان وعدوا وفوا وان قالوا صدقوا وان التزموا فعلوا، تربية من اجل المقاومة عنوان لقاء اليوم في زمن نحتاج به الى ارادات قوية وقويمة،الى طلاب واساتذة يعرفون الواقع والمرتجى،الى طلاب وشباب يعون احتياجات الوطن والمواطن الى شباب يلتزمون بقضيته بالارض وبمستقبل اهلها، تربية من اجل المقاومة هي الدافع للانتماء الى جيل يقف ضد الظلم ويدحر الظالمين كائنا من كانوا، ينتفض من اجل احقاق الحق مهما كان الثمن وينصر المضطهدين.
ثم تحدث النائب علي فياض الذي اشار في بداية كلمته الى ان المرده كان دائما في الموقع السياسي الصحيح الداعم للمقاومة والحريص على الانتماء العروبي للبنان وعلى المسيحية المشرقية التي نحرص عليها جميعا.
ولفت الى انه ليست المقاومة فعل تحريري ودفاعي فقط بل هي ايضا فعل استنهاض، مشيرا الى ان ما حققته المقاومة من نتائج وانتصارات من شأنه ان يبث الوعي في الشارع العربي ويكسر حاجز الخوف ويثير الشجاعة ويعيد الثقة في الارادة الشعبية.
واكد ان ثمة سؤال يطرح حول صلة المقاومة بالتطورات الحاصلة اليوم في العالم العربي وعما اذا كانت الاحداث معزولة عن بعضها ام ان تراكما غير منظور اسهم في ايصال الامور الى نقطة الانفجار التي قامت بالدرجة الاولى على تجاوز الشارع العربي عتبة الخوف ، لافتا الى ان اهم حدثين حصلا في العالم العربي خلال العقد الماضي هما تحرير الجنوب عام 2000 وخسارة الاسرائيليين في حرب تموز 2006، كما يمكن ادراج صمود المقاومة الفلسطينية في غزة ضمن الاحداث الكبرى التي شهدها ذلك العقد.
واوضح ان المقاومة مرت بمراحل عدة حيث تركزت المرحلة الاولى على التأسيس لمواجهة العدو انطلاقا من الواجب الوطني والتكليف الديني والاخلاقي في التصدي للاحتلالات بغض النظر عن توافر ظروف الانتصار، اما المرحلة الثانية فكانت امتلاك شروط الانتصار حيث تمكنت من بناء قوة احترافية مقاتلة، وجعلت المجتمع يلتف حولها، واجتذبت السلطة الى معادلتها وبنت تحالفات سياسية تحمي ظهرها، ووفرت الظهير الاقليمي لدعم استراتيجيتها، ما سمح بتحقيق انتصارات كبرى ، فيما كانت المرحلة الثالثة للدفاع والردع او مرحلة ما بعد التحرير حيث تخطت الوسائل التقليدية في العمل نحو القدرة على خوض حروب كلاسيكية انتصرت فيها كما حرب تموز 2006 ، وصولا الى المرحلة الرابعة وهي المرحلة الراهنة التي تتوجت بالانتقال من الدفاع الى التوازن والردع  حيث دشن الامين العام لحزب الله هذه المرحلة بخطابه الذي اعلن فيه ان العام الماضي معادلة عاصمة مقابل عاصمة، مطار مقابل مطار… والتي اكملها في خطابه الاخير ناقلاً معادلة المواجهة الى مستوى استراتيجي نوعي رداً على تهديدات باراك بدعوة الجيش الاسرائيلي كي يكون جاهزا للدخول الى الاراضي اللبنانية وهي معادلة السيطرة على الجليل في حال اجتياح الاراضي اللبنانية.
واعتبر ان موقف السيد نصرالله الاخيرلا يندرج ضمن الحرب النفسية بل يستند الى تحولات جديدة يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار اولها اهلية المقاومة وحجم تسلحها كماً ونوعاً ، وثانيها الاخفاقات الاميركية في ملفات المنطقة كافة ، واخفاق اسرائيل في تحقيق انتصارات بالاضافة الى التحولات التي عصفت بالسلطة في لبنان .
ولفت الى ان ما حصل في مصر قلّص قدرة اسرائيل على القيام بمغامرات عسكرية وان تقوم بعدوان على غزة لان الساحة المصرية ستتجه نحو التشدد ما يفقد السلطة المصرية امكانية الضغط وتكون اكثر تشددا في احداث تغيير في استراتيجيات الدولة، اما بالنسبة للبنان فلن تكون الساحة المصرية بمنأى عن هذه التداعيات.
ورأى ان ثورة 25 كانون الثاني في مصر ما قبلها ليس كما بعدها وهي ستفرض على جميع اللاعبين الاقليمين القيام بمراجعة عميقة.
واكد اننا  في مرحلة اعادة اعتبار لدور الشعوب وعلى الانظمة ان تتحسس رأسها في كل حين
لافتا الى ان المجتمعات العربية لن تتساهل مع سياسات الفساد للانظمة لاسيما حين يقترن مع التبعية
واعتبر ان هناك صلة ما بين الاحداث في تونس ومصر ولبنان والمعادلة تكشف عن سقوط حلفاء اميركا وصعود القوى المناوئة لها،  لافتا الى ان اميركا تحاول ركوب موجة التغييرالشعبي بهدف تركيب معادلات اقل جذرية كي تحول دون ان تأخذ الحركات الشعبية مداها في التغيير وبما يطال القضايا التي تتصل بمصالح اميركا والصراع مع اسرائيل والقضية الفلسطينية، الا ان ذلك لا يلغي وجود المأزق التاريخي الذي يعاني منه النفوذ الاميركي في الشرق الاوسط.
واوضح ان سياق التطورات في هذه البلدان يظهر ان الحركات الاسلامية لا تسعى الى الاستئثار بالسلطة واقامة انظمة سياسية دينية، كما لا تسعى الى الغلبة بل تحرص على الشراكة واقامة ائتلافات موسعة مع الحفاظ على علاقة طيبة مع القوى المسلحة في اطار معادلة وطنية مشتركة يلعب فيها الجيش دورا رئيسيا في حماية خيارات الشعب.
واشار الى ان اللبنانيين سجلوا نجاحات باهرة في مواجهة الاحتلال وهم يقطعون الان شوطا متقدما في اجهاض سياسات التبعية والارتهان للخارج ، ولكن تبقى معركة مواجهة الفساد الذي لا يزال قويا وعصيا على الاستئصال ، ولن يكون مقبولا ابدا من قبل الرأي العام اللبناني ان تتهاون الحكومة المقبلة في مواجهة الفساد المستشري في بنية المؤسسات والادارة والنظام  .
وختم بالاشارة الى ان استقرار لبنان يرتبط بالمقاومة وحماية صيغة العيش المشترك والعلاقات المميزة مع سوريا ، وان اي تهديد لاي من هذه المرتكزات الثلاث انما يشكل مساً وتهديداً للاستقرار في لبنان.
من جهتها عضو المكتب السياسي لتيار المرده السيدة فيرا يمين لفتت الى ان  “التربية من أجل المقاومة” هو عنوان يختصر مسألة جوهرية في صلب التنشئة نحو المواطنة السليمة،وتساءلت    هل نحن فعلاً ندرك معنى الانتماء إلى المقاومة من أجل الوطن؟ أم أننا نعيش أزمة وطن لكي ندرك ماهية الانتماء إلى المقاومة من أجل الوطن؟أم أننا نعيش أزمة وطن منذ زمن بعيد من غير أن ندري لأننا شعوب موزعة على الطوائف والمذاهب والمناطق كي لا نقول القبائل والعشائر متمترسين بالوطن شعاراً وانتماء.
واوضحت ان كل مسألة مطروحة على البحث تبدأ من التربية على أساس السيبة التربوية المعروفة من البيت إلى المدرسة إلى المجتمع، فهل المقاومة فعل إيمان في البيت اللبناني المنقسم أساساً على تحديد العداء وتصنيف العدو وإلا لبقي ليس الاختلاف بل الخلاف وتعذرت علينا التربية من أجل المقاومة؟. المقاومة بالأساس هي مفهوم تربوي بل هي مكون أساسي من مكونات التربية الفردية والعامة، وبالتالي فأية مقاومة لا يمكن أن تأتي من فراغ، فهي ذات جذور ضاربة في عمق التربية العامة للمجتمع، وكلما انتمى مجتمع إلى المقاومة كلما تحددت درجة الوعي بالانتماء والوعي بالمصلحة ومدى تجذر المفاهيم الوطنية في العملية التربوية.
وهنا الفارق شاسع بيننا وبين العدو فالعدو فهم أهمية التربية وجدواها ونجح إلى حد بعيد في تحقيق غاياته والمآرب فاستطاع تصوير نفسه ضحية وبتنا نحن في موقع الجلاد وتكرّس هذا الأمر بشكل واضح وسافر منذ مؤتمر بال 1897 م. فيما نحن لا نزال نفتش عن مفهوم موحد لكتاب التاريخ أو عن صياغة موحدة لكتاب التربية تسير بين الطوائف ولا تخدش أياً من العواطف بشكل مثير للشفقة معظم الأحيان.
واستشهدت بقول للدكتور حسن جابر أستاذ التاريخ في الجامعة اللبنانية وعضو لجنة صياغة كتب التاريخ جاء فيه : “ما زلنا لا نجرؤ على مقاربة العناوين الحادة في النقاشات، ما يجعل التاريخ وجهة نظر تنتفي معها الحقيقة التاريخية”.ولفتت الى ان جابر ابدى قلقه من أن يكون الهدف من عملنا انجاز كتب تاريخ تمرر مادة باردة وتبني طالباً محايداً بلا مشاعر.
وقالت :”ان كلمة محايد في قضية الانتماء هي الأخطر فهي تجعلك الأكثر ابتعاداً عن استحقاق لقب المواطن وتسقط عنك هذه الشرعية. ومنذ قررت لجنة الصياغة إدراج درس “المقاومة والتحرير” في صف “البريفيه” لم تجتمع على ما أعتقد وفي حال أدرجت فمن حق الأستاذ أن يلغي الدرس اذا لم يعجبه، واذا أدرج بأي سياق سيدرج، سيدرج على طريقة البرقية كدرس يوسف بك كرم صورة التمثال ولقبه بما يشبه الأغنية الفولكلورية من غير التعرف إلى جوهر الانسان ومضمون إنجازاته ما يسقط أهمية الدرس ويحوله إلى محطة عابرة، فيما المطلوب درس يرسم الخط البياني للمقاومة لكي يشعر الطالب بأهمية العمل المقاوم فينتمي إليه ثقافياً وتربوياً وسلوكياً ليفتخر أكثر بهويته وبالتالي إلى هوى الأستاذ ومزاجه الذي قد يخضع له التلميذ لأن الأستاذ غير محكوم بضوابط تربوية واضحة فيقول الدكتور عصام خليفة “ان المعلم غالباً ما يقرأ المنهج على طريقته مشدداً على ضرورة تدريبه في كلية التربية في الجامعة اللبنانية”.
ولكن السؤال هل التدريب وحده يكفي وهل المدربون أساساً مؤمنون بفعل المقاومة ومجمعون على تحديد العدو؟ لذا هنا تكمن أهمية الدولة ونحن كنا ولا نزال ولا أدري إلى متى نعيش أزمة دولة؟”.
واعتبرت ان لبنان الموزّع طائفياً ليس أسوأ حالاً من الوضع العربي المأزوم والمتخلف عن كل قضايا الانتماء والتربية المقاومة، لان لبنان وأزماته اجترح مقاومة لقنت العرب درساً نظرياً في العمل المقاوم قبل أن تلقنه عملياً للعدو وتحدث التغيير، مؤكدة انه من لبنان بدأ التغيير الذي نشهده اليوم والذي أصاب الكيان الصهيوني إصابات مباشرة فدب الذعر والقلق.
ولفتت الى ان وزراء التربية العرب قد أقرّوا في اجتماعات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في مطلع الثمانينات اعتماد ثلاثة كتب مدرسية تعرّف بالقضية الفلسطينية يطبق كل منها في نهاية كل مرحلة من مراحل التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي في المدارس في كافة الدول العربية وقد أنجزت الكتب الثلاثة. إلا أن هذه الكتب ما زالت في مستودعات المنظمة في حين ان مراكز منظمة اليونيسكو العربية ترفض التعاطي بهذا الموضوع باعتباره موضوعاً في السياسة الممنوعة على موظفي منظمات الأمم المتحدة.
وتساءلت عن وجود كتب للمطالعة منذ الصغر مغرية بلغة الضاد أو باللغات الأجنبية تروي لطلابنا تاريخ أرضنا والمعاناة، تعرفهم إلى فلسطين إلى أسماء الضيع والقرى والبلدات، إلى شجرها وأنهرها والينابيع، إلى سهولها، جبالها والوديان فيما هناك عشرات الكتب تروي للأطفال اليهود خبرية أرض الميعاد بالصور والألوان والحكايات المدهشة. طفل يهودي حضاري مقابل طفل عربي إرهابي فيتحول الغاصب إلى غاضب والمغتصب إلى متعصب، ما يؤدي مع  تراكم السنوات الى انطباع الصورة الخاطئة ، كل ذلك بمواجهة إعلام موجه شرقاً وغرباً صحفاً وشاشات واذاعات ومواقع الكترونية، مسلسلات، أفلاماً توثيقية، تسجيلية وصناعة يهودية هوليوودية ونحن جمهور مندهش مصفق مرة لها ومرة على حالنا.
واعتبرت أن لا اعلام يسوّق للمقاومة وكل الإعلام داعم هو اعلام المقاومة وليس إعلاماً للمقاومة، والفرق بينها شاسع فإعلام المقاومة منتسب وملتزم يصل إلى جمهور المقاومة فيما المطلوب نشر المقاومة وفكرها وبالتالي لا يشكل هذا الاعلام اضافة إلا اذا غزا بلاد الانتشار وهذا أمر غير متيسر لأن “الديمقراطية العالمية” تعطّل وتمنع أضف إلى أن هكذا إعلام على رغم أهمية مضمونه لا يملك مقومات الإعلام الجاذب بما ينسجم مع خبث الإعلام الغربي الذي غزا عقل الرأي العام العالمي في ظل انعدام وجود أي خطة إعلامية مواجهة والإعلام العربي إعلام سلطات والخاص منه نتاج تركيبات تجارية الا اذا استثينا منه “الجزيرة” التي خاضت معركتي تونس ومصر. قد تقولون أننا خرجنا عن السياق ولكن الإعلام بات جزءاً من التربية الحديثة خصوصاً وأن المناهج في المدارس ذات الصلة الأوروبية تخصص حصصاً للأفلام الوثائقية والنقاش حولها ومعظمها تتضمن أفكاراً مسمومة تبعاً لسلطات الأنظمة من دون حسيب أو رقيب كوننا نظاماً “ديمقراطياً”.
ويبقى أن هناك عاملاً يجب التوقف عنده له صلة وطيدة بين التربية والمقاومة وهو اللغة، أين نحن من لغتنا العربية، فمن لا يرتبط بلغته الأم فانه يفك ارتباطه من دون أن يدري_ وان كان يدري فالمصيبة أعظم_ بأمه وبأرضه وهذا هو المطلوب كما ورد في كتاب أميركا والإبادات الثقافية للدكتور منير العكش فاللغة سلاح نتسلح به تربوياً لننتمي به وطنياً ونقاوم به ثقافياً فكيف بنا نمتلك لغة غنية وعصية؟
وقالت:”نتحدث الدكتور علي وانا والاثنان من منطق مقاوم من شمالٍ وأد 17 أيار إلى جنوب حقق التحرير في 25 أيار من شمالٍ أنجز الديمقراطية الحقة في 17 آب إلى جنوب حقق النصر المبين في 14 آب، المقاومة متجذرة في الأرض اللبنانية وفي وعي اللبنانيين لكن المطلوب أن تتكرس فعل إيمان ولا تعود مسألة نقاش، النقاش مشروع حول كيفية ربما تعزيزها، تطويرها، تعميمها، تعديلها وفق الظروف أو أمور مشابهة ولكن ليس حول جدواها أو مشروعيتها، ولكن الأمر يبقى أننا جميعاً نبحث عن الدولة، الدولة القادرة الدولة الحاضنة الدولة المقاومة لنتحصن جميعاً ونرتاح في كنفها والا سنبقى منذورين للنضال في هذا الوطن- الرسالة وربما هذا قدرنا. قدّرنا الله على أن نوفّق ونصبر”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

iPublish Development - Top Development Company in Lebanon
زر الذهاب إلى الأعلى