المقالات

قانون الانتخاب واللوائح الهجينة د. سابا قيصر زريق المصدر: جريدة البيان

يوم الحسم يقترب فقط في ذهن غير المشككين بإجراء الانتخابات العامة في موعدها المحدد في 15 أيار 2022. وكان الطامحون يترددون في التقدم بالترشح رسمياً، قبل انتهاء المهلة المحددة لذلك، ليس بالضرورة فقط لعدم خسارة بدل الترشح في حال لم يتمكنوا من الانضمام الى لائحة معينة، بل لأن اقل ما يقال في راسمي السياسات العليا الانتخابية انهم غامضون. فبين المعتكف من هنا والمراوغ من هناك، احتار المرشحون في أمرهم وحتّمت الأحوال أن تكون المقاربة في تشكيل اللوائح عشوائية إلى حدٍ ما.

إن القانون الذي يرعى الانتخابات المقبلة، كما رعى سابقتها، يحمل مؤلفي اللوائح، ومنهم من “الأقطاب”، إلى اختيار مرشحين بوسعهم نيل حد ادنى من الأصوات يسهمون بها في استيلاد أكبر عدد ممكن من الحواصل الانتخابية للائحتهم.

ومن هؤلاء الأقطاب المحظوظين مَن بإمكانه، بعد أن يضمن مقعده، أن يغدق بأصوات غالية على مَن يختار من المرشحين المفضلين لديه، أو أولئك الذين يكون، على عادته، قد عقد صفقة ما تحت الطاولة بشأنهم.

ولما كان القانون لا يسمح إلا باللوائح المقفلة، بمعنى أنه لا يترك أي مجال للناخب ليحذف اسماء منها، أو ادخال أسماءٍ جديدة عليها، فارضاً عليه الاقتراع للائحة، وإذا شاء لمرشحٍ واحدٍ فقط فيها، نتفهم إذاً ليس فقط هَمَّ مركّبي اللوائح، بل كذلك هَمّ المرشحين الطامحين إلى الانضواء في لائحةٍ معينة ما.

أما النتيجة، فتكون تمتّع لائحةٍ ما بصوتِ مقترعٍ لها و/أو لمرشّحٍ مفضّلٍ لديه فيها، وإن كان هذا الأخير قد اقحم في لائحةٍ لم يكن ليصوّت المقترع لأي من أفرادها الآخرين. فتستند اللائحة على ذلك الصوت في احتساب حاصلها، أو حواصلها، وقد ينجح من اللائحة غير مَن يكون المقترع قد صوّت له. فكم من صوتٍ يشكّل رافعةً للحواصل، وكم من كِسْرِ حاصلٍ ينقذ مرشحاً مكسوراً.

لن أسهب، تفادياً للتكرار، في قيام القانون العجيب بسلب حريتنا في الاختيار، بل سوف أقوم هذه المرة بتناول فقط أبرز النتائج السلبية لتطبيقه.

من المفترض، عندما يتحالف مرشحون في لائحة انتخابية واحدة، أن تكون لهم أهداف محددة، تُدرج في برنامجٍ انتخابي واضح ومعلل، يتشاركون في وضعه؛ أو يوافقون على التحالف في ظل مشروع يعدّه مؤلف اللائحة، ملتزمين مضمونه. غير أن الحال هي ويا للأسف على غير هذا النحو؛ إذ بات تشكيل اللوائح مجافٍ لهذا المنطق السليم، لأن العشوائية التي ذكرت في اختيار المتحالفين تدمج أهواءً مختلفة كثيرة، وقد تكون متباينة لا بل متناقضة، في بوتقةٍ واحدة تلهث وراء الحواصل الانتخابية.

ومن مساوئ طريقة تشكيل اللوائح هذه أن عقد المتحالفين قد ينفرط ما أن تعلن النتائج حتى ولو فاز من فاز من المنفرطين. أي أن قلّةً منهم فقط، معروفة سلفاً، سوف تكوّن كتلاً نيابية يلتقي أعضاؤها على قرارٍ موحّد، غالباً ما يمليه عليهم رئيس لائحتهم. وهنا يكمن خطر ما يُسمّى بالتحالف الانتخابي، مقارنةً بالتحالف السياسي الأكثر استدامة. ناهيكم عن أن أعضاء لائحةٍ ما هم انفسهم في موقع التنافس على الصوت التفضيلي، مما يفقد اللوائح الهجينة انسجامها.

ولما كان للمستقلين المرشحين، من آباء وأبناء “الثورة”، نظرياً برنامجٌ واحد، ولو بعناوينه العريضة، مثل استقلالية القضاء ومحاربة الفساد والمساواة بين الرجل والمرأة والمطالب المعيشية الكثيرة، إلى ما هنالك، فإنهم اليوم يتخبطون في تشكيل لوائحهم. ان الخطر يكمن في تعدد هذه اللوائح لأن عملية الحصول على حواصل انتخابية التي تتيح لهم التأهل للفوز بمقعد نيابي، سوف تفشل لا محال ما دام قانون الانتخاب الحالي يفسح في المجال للقوى السياسية الحالية، أو ما يسمى بـ المنظومة” أو بـ “الطغمة الحاكمة”، بالاستمرار بالامساك بزمام الامور. وأملي ألا تستقطب تلك القوى طهارة المستقلين الجديين والشرفاء، فتغرّهم لينشقّوا ويلتحقوا بركابها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى