إتفــاق الطــائــف …. احدى تجليات عروبة لبنان ووحدته – إعداد المحامي مصطفى عجــم


· لقد أقره اللقاء النيابي اللبناني ( 62 نائب) الملتئم في مدينة الطائف بالمملكة العربية السعودية بتاريخ 22/10/1989 ثم صدقه مجلس النواب في جلسته المنعقدة بمطار القليعات شمالي لبنان بتاريخ 5/11/1989 وعلى اثرها عقدت جلسة ثانية لمجلس النواب إنتخب فيها النائب رينيه معوض رئيساً للجمهورية وقد شكل هذا الاتفاق ، كما ورد في خطاب الرئيس الشهيد معوض بعد أداءه لليمين الدستورية، “عهداً من المحبة والوئام والتقدم الإجتماعي والإنصهار الوطني”.
· ثم أنه سرعان ما تم إقرار الإصلاحات السياسية الواردة في إتفاق الطائف بصورة دستورية بموجب القانون الدستوري الصادر في 21/9/1990 واصبحت في صلب الدستور عبر مقدمة شملت 10 مبادئ دستورية عامة وتعديل 31 مادة من مواد الدستور اللبناني المئة.
· ونوجز فنقول بأن ” إتفاق الطائف” قد إحتوى 4 عناوين أساسية:
أولها: مبادئ عامة وإصلاحات.
وثانيها: بسط سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية.
وثالثها: تحرير لبنان من الإحتلال الإسرائيلي .
ورابعها: تنظيم العلاقات اللبنانية السورية.
· ففي المبادئ العامة، أكد إتفاق الطائف على وحدة لبنان وعروبته ونظامه البرلماني القائم على إحترام الحريات العامة وعلى العدالة الإجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين دون تمييز، كما أدخل ضمانة جديدة لإستقرار النظام ووحدة الدولة هي أن يكون الإنماء متوازناً للمناطق على كل الصعد الإقتصادية والإجتماعية والثقافية ثم ختم في المبادئ العامة بالتأكيد على رفض التجزئة أو التقسيم أو التوطين وعدم شرعية أية سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك ( إشارة لمبدأ التعايش بين الطوائف).
· أما في الإصلاحات: فقد أحدث الإتفاق نقلة نوعية للسلطة الإجرائية فأناطها بمجلس الوزراء مجتمعاً بعد أن كانت بيد رئيس الجمهورية وهذا الأمر استتبع جملة تعديلات طالت حق إقتراح القوانين وإبرام المعاهدات الدولية وتسمية رئيس الحكومة الوزراء وإقالتهم.
– كما نص ” الإتفاق ” على إنشاء مجلس دستوري لمراقبة دستورية القوانين والبت في النزاعات والطعون الناشئة عن الإنتخابات الرئاسية والنيابية.
– وحدد الإتفاق أصولاً صعبة التحقق لحل مجلس النواب.
– ومن جهة أخرى فقد فصّل الإتفاق صلاحيات رئيس الحكومة بعد أن كان ” باشكاتب ” قبل الطائف كما حدد حصراً الحالات التي تعتبر فيها الحكومة مستقيلة.
– وختاماً أقرّ الإتفاق تشكيل المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء و ضرورة وضع آلية لعمله.
– لكن أبرز إصلاح حقيقي كان يمكن أن يحقق العدل الوطني في لبنان، لو جرى تطبيقه كاملاً، هو إلغاء قاعدة 5 و 6 مكرر في المجلس النيابي وتوزيع المقاعد بالتساوي بين المسلمين والمسيحيين وإلغاء قاعدة التمثيل الطائفي في الوظائف العامة بإستثناء الفئة الأولى ، وتشكيل هيئة وطنية لدراسة وإقتراح الطرق الكفيلة بإلغاء الطائفية السياسية وإستحداث مجلس شيوخ تتمثل فيه جميع العائلات الروحية وتنحصر صلاحياته في القضايا المصيرية .
· أما في البند الثاني من الإتفاق:
· فقد نص على وضع خطة أمنية تقضي ببسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية بعد حل جميع الميليشيات وتسليم أسلحتها للدولة وتعزيز القوات المسلحة وحل مشكلة المهجرين كل ذلك بمساعدة القوات السورية بفترة محددة بسنتين بعد إقرار الإصلاحات السياسة بصورة دستورية.
· وفيما يتعلق بالبند الثالث:
فقد أكد الإتفاق على العمل لتنفيذ القرار الدولي رقم 425 القاضي بإزالة الإحتلال الإسرائيلي إزالة شاملة والتمسك بإتفاقية الهدنة لعام 1949.
· وأما البند الرابع والأخير:
فقد أكد الإتفاق على العلاقات المميزة بين لبنان وسوريا والتي تستمد قوتها من جذور القربى والتاريخ والمصالح الأخوية المشتركة.
· أبرز الثغرات في تطبيق إتفاق الطائف:
1. تم تلزيم الأشراف على تطبيق الإتفاق لتفاهم سوري – اميركي ولاحقاً سعودي منذ أواخرعام 92 رغم أن مقررات قمة الدار البيضاء نصت على إشراف عربي لتطبيق الإتفاق.
2. عهد لأمراء الحرب والميليشيات بمهام قيادية: وزارية ونيابية وإدارية، ومعلوم أن الوحدة والعروبة والحرية والعدالة تحتاج للوحدويين وللعروبيين الأحرار وأصحاب التاريخ الوطني الناصع بينما أولئك الأمراء نشئوا على مفاهيم تقسمية وشعوبية وإستتباعية.
3. هاتين الثغرتين أديا الى تطبيق سيئ ومشوه للحل العربي ومما زاد الطين بلة ما حدث في مطلع أيار عام 2008 وأدى الى تظهير إتفاق الدوحة الذي يعتبر بشقه السياسي والإنتخابي خرق وتعدٍ صريح على مضمون إتفاق الطائف، الأمر الذي يفترض إهمال هذا الخرق وعدم التأسيس عليه في المستقبل القريب والعودة الى جوهر ” الطائف “.
أهم البنود الواردة في الإتفاق والتي لم تطبق او تنفذ بعد:
1. تحرير الأراضي المحتلة في مزارع شبعا وتلال كفر شوبا من رجس الإحتلال الإسرائيلي..
2. تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية وإستحداث مجلس للشيوخ.
3. إلغاء قاعدة التمثيل الطائفي في وظائف الدولة دون الفئة الأولى منها.
4. تفعيل العمل بالمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء.
5. سن قانون إنتخابات جديد على أساس المحافظة والنسبية بعد إعادة النظر بالتقسيم الإداري في إطار وحدة الأرض والشعب.
6. توحيد الكتاب المدرسي لمادة التاريخ.
7. سن قانون اللامركزية الإدارية وإنتخاب مجالس إدارية لكل قضاء.
8. تنفيذ خطة إنمائية موحدة للبلاد وفقاً لمبدأ الإنماء المتوازن.
9. تفعيل العمل في المجلس الإقتصادي الإجتماعي.
10. سن قانون للجنسية.
كيف ينظر العروبيون الأحرار لإتفاق الطائف حاضراً ومستقبلاً
1. إنه إتفاق للسلم الأهلي والعدل الوطني والعروبة الحضارية.
2. إن تصويب تطبيق هذا الإتفاق مسؤولية وطنية وعربية وهذا الإتفاق معترف به ومصان دولياً ويجب الإستفادة من كل ذلك.
3. لا بد بعد إنجاز التطبيق السليم لهذا الإتفاق من إعادة النظر ببنود الدستور وتبعاً له القوانين اللبنانية لتلبي روح العصر ومتطلبات الأجيال الجديدة.
4. إن ضمانة التطبيق السليم لدستور ” الطائف ” والقوانين عموماً وجود شرفاء وأصحاب أيادي بيضاء في مواقع القرار السياسي ومؤسسات الدولة وفي مقدمتهم العروبيين الاحرار فاتفاق الطائف هو إحدى تجليات عروبة لبنان ووحدته و ” لايلدغ المؤمن من جحرٍ مرتين ” .
طرابلس في 25 شباط 2011ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــالمحامي مصطفى عجــم