إجتماعيات

الكارما \ بقلم الدكتورة، :فضا الكوح

الكارما عبارة عن مُصطلَح يرجع إلى الديانتَين: البوذيّة، والهندوسيّة، ويُقصَد به القوّة التي تَنتُج من تصرُّفات الشخص، سواء كانت خيراً، أو شرّاً وتؤثِّر مُستقبلاً في حياته، كما يُنظَر إليها على أنّها الطريقة التي تتمّ من خلالها مُعاقَبة الفرد أو مُكافَأته على أعماله السابقة، السيِّئة بمِثلها والجيِّدة بمِثلها أيضاً، ويمكن القول إنّ الكارما كلمة تعود إلى اللغة السنسكريتيّة، وتُعتبَر مفهوماً رئيسيّاً ومُهمّاً في الديانات الشرقيّة، وعلى الرغم من اختلاف خصائصها من ديانة إلى أخرى، إلّا أنّ الفكرة الرئيسيّة منها واحدة. تعود فكرة الكارما إلى قاعدة السبب والنتيجة؛ بمعنى أنّ كلّ فكرة، أو كلمة، أو عَمَل ينجزه الفرد يُؤثِّر فيه في وقت غير معروف في المُستقبل، فإذا كان عَمَله جيِّداً فسيكون تأثيره مُفيداً في المُستقبل، أمّ إذا كان عمله سيِّئاً، فسوف يكون تأثيره ضارّاً، بمعنى أنّ العمل غير الأخلاقيّ نتيجته كارما سيِّئة، والعكس صحيح، والعلاقة بين العمل والعاقبة من أهمّ الأمور التي تهتمّ بها الكارما، بالإضافة إلى ذلك فهي تبحث في نوايا الشخص، والأسباب التي دفعته لهذا العمل، وهناك العديد من العبارات الغربيّة الدينيّة، وغير الدينيّة التي تُعطي معنى الكارما نفسه، مثل عبارة العُنف يُولِّد العُنف والتي تُفيد بأنّ الأفعال تدور وتعود على صاحبها. وأيضا الكارما لها ما يقابلها في ثقافتنا الإسلامية، فهي بالضبط ما يُسمى الحوبة.

بناءً على ما سبق يجب على كلّ شخص أن يتحمّلَ نتيجة أفعاله وأخطائه وِفقاً لقانون الطبيعة، وأن يحاولَ التخلُّصَ من الكارما، وهو ليس بالشيء الصعب أو المستحيل؛ فالأشخاص الذين تَحكُمهم غرائزهم، ويُعطَون الحرّية الكاملة لرغباتهم، عليهم استرشاد إرادة الخالِق وتوجيهاته، وعدم اتّباع الأهواء والرغبات السيِّئة، وبذلك تُصبح سيطرتهم على الحياة الخارجيّة أفضل، وتَقِلُّ الكارما لديهم شيئاً فشيئاً إلى أن تتلاشى في نهاية الأمر.

كيف تعمل الكارما لكلّ شيء في الحياة قانون، والكارما قانون العالَم الروحيّ، ومبدأ عَمَل الكارما يأتي من خلال القانون الذي يُحمِّل كلَّ فَرد مسؤوليّةً تجاه أعماله، وأقواله، وحتى النية من تصرُّفاته، وبما أنّ كلَّ فَرد مسؤول أمام خالِقه، فإنّ دور الكارما في جَعل الفرد يحصد نتيجة أعماله، يشكّل أهميّة كبيرة، إذ إنّه كما نحصدُ ثِمار ما زرعناه من بذور، فإنّنا نحصدُ نتائج ما قُمنا بفِعله، كما أنّ قانون الكارما يُعتبَر سُلطة عُليا، وهو يتحكَّمُ في شخصيّة وعَقْل الفَرد، كما يُحدِّد طبيعة الدروس التي يجب أن يتعلَّمها الفَرد من نتائج أعماله وتصرُّفاته، ولذا فإنّ الهدف من وجود الكارما، هو أن نتعلَّم ونكتسبَ حياة صحّية، ونبنيَ علاقة جيِّدة مع الخالِق.

ويُعتبَر قانون السبب والنتيجة أساس فلسفة الكارما وعملها، بمعنى أنّ الفرد في كلِّ مرّة يتصرَّف فيها تصرُّفاً مُعيَّناً، فإنّ ذلك يُنتِجُ قضيّة يكون لها آثارها في المُستقبل، وهذا ما يُولِّد السبب والنتيجة، وعلى المدى البعيد، فإنّ ذلك يُشكِّل شخصيّة الفَرد بصِفاتها السلبيّة، والإيجابيّة، وبما أنّ كلَّ شخصٍ مسؤول عن جميع تصرُّفاته وأقواله، فإنّ كلَّ فَرد لديه الكارما الخاصّة به. دمتم بود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى