ثقافة

من بيادر “الفسابكة”/ قراءة نقديّة في قضيّة! كتب: د. مصطفى الحلوة

قرّرنا، عبر هذه الزاوية، بوتيرة شبه يوميّة، أن نتصدّى لما ينشره بعض “الفسابكة” على صفحتهم، بشأن قضية أو موقف أو خبر أو”خبريّة” أو طُرفة الخ..فنُعمِلُ مبضعَ النقد، بشكل موضوعي، ما وسعنا الجهد، وبما توفّر لدينا من معرفة.
-في قضية “النشل” الفكري!-
طالعتنا الشاعرة د. يُسرى بيطار بِ”پوست” على صفحتها (25/10/2022)، تشتكي فيه من تعرّضها لعملية “نشل” فكري، من قِبل شاعرة كبيرة “مزعومة”، بحسب تعبير د.بيطار. وقد جاء في الپوست، الذي كُتِبَ بأحرف كبيرة(Bold):” الشاعرة، التي تزعم أنها كبيرة، لا تنشل أفكار غيرها كالنشّالين، لأنّ الفكرة المسروقة تظهر، وإنْ أُحيطت بطرق التمويه، وكلُّ شيء سيُعْلَم!”

  • لاحظوا استعمال تعبير”النشل”، وهو غالبًا ما يقوم به سارق محترف، ذو أنامل حريرية، تندسُّ في جيب أحدهم أو في عُبّه، من دون أن يُحسَّ بتعرّضه للنشل!
  • أبقت د بيطار إسم الشاعرة النشّالة طيَّ الكتمان، لأسباب، أبرزها : إمّا للحفاظ على كرامتها- وهي قد لا تستحق ذلك- وإمّا من قبيل التهديد المبطّن، فتعتذر عمّا اقترفت، وترعوي عن تكرار ما أقدمت عليه، وقطعًا لدابر عملية نشل مستقبلية!
  • ثمة اعتراف من قِبل د.بيطار أنّ الشاعرة النشّالة بارعة في عملها، فهي لم تسرق عبارة معيّنة أو بعض كلام، بل سَطَت على فكرة، وعمدَت إلى التمويه، ممّا يُصعّب عملية إثبات جرم النشل، وقد تضعه النشّالة في خانة توارد الخواطر!..
  • نحن لانُشكّكُ في قدرة د.بيطار على تبيُّن ما نُشل منها فكريًّا، فهي ذات قدم راسخة في عالم الشعر والنقد، ولا نخالُ أنّها تفتري على المتهمة لولا تيقُّنُها من حصول عملية النشل.
    علمًا أنّ هذه النشّالة لن تُسلّم بالأمر، بل ستُصرُّ على أنّ هذه الفكرة هي من بنات أفكارها، وأنّه لم يسبق لها الاطلاع على القصيدة، موضع السرقة!
  • وإذْ نذهب من التخصيص إلى عمومية المسألة، نرى أن السرقات في عالم الأدب، وفي سائر الميادين، طاعنةٌ في زمن البشرية. فَكَم من مُنجَز علمي تمّت سرقته، وكم من اختراع تعرّض للسطو، ونُسِبَ إلى غير مُبدعه، وكم، وكم!
    وفي أدبنا العربي، يأتينا د.طه حسين بالخبر اليقين، عبر كتابه المشتهر” في الأدب الجاهلي”(1926)، الذي أحدث ضجّة كبيرة حينها، إذْ خلصَ إلى أنّ الشعر الجاهلي منحولٌ، بأغلبية قصائده، وضعه محترفون، في فنّ النحل، كخلف الأحمر وحمّاد عجرد وسواهما، وقد حصل ذلك في الحقبة الاسلامية، لأسباب سياسيّة ودينيّة وقبليّة. فالنحلُ هو “تسريق” أو سرقة بالاتجاه المعاكس!
  • لا تتعبي نفسكِ، عزيزتي د.يُسرى، فالسرقة، بكل مفرداتها وأعراضها: نشلًا، وسطوًا، ونهبًا، وتسريقًا..باتت ثقافة متأصّلة في عالم السياسة، وعالم الفكر، وعالم الأدب، لا سيما الشعر..من دون حسيب أو رقيب! وهل صَدَفَ مثلًا أن رأيتِ سياسيًّا سارقًا، أو تاجرًا محتكرًا، أو..أو، في غياهب السجن؟!
    السرقة باتت على عينك يا تاجر، وعلى عينك يا شاعر، إلى أن يقضيَ الله أمرًا كان مفعولًا!
    تصبحين على خير، وعسى أن لا تستفيقي، على عملية نشل أخرى، تليها عمليات نشل لا تنتهي، وليس باليد حيلة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى