المقالات

هل وصل “المستقبل” إلى حالة حرجة في طرابلس؟ بقلم:حسان الحسن

يبدو أن الأجواء الإيجابية التي سادت خلال انعقاد طاولة الحوار في قصر بعبدا، انعكست هدوءاً على الساحة الطرابلسية، خصوصاً بعد تصدي الجيش اللبناني للمسلحين وملاحقتهم.

لكن لاريب أن الحوادث الأمنية في لبنان الشمالي مرتبطة بالأوضاع في سورية، وبالتالي فإن قرار التوتير ليس محلياً، فهل يستمر هذا الهدوء طويلاً، أم أنه بات أشبه بهدنة مؤقتة؟

في هذا الصدد، يؤكد مراقبون أن أسباب التوتير لاتزال قائمة، وتكمن في إيواء المسلحين الهاربين من سورية تحت ستار “إنساني”، وإثارة النعرات المذهبية تحت شعار “نصرة أهل السنة والجماعة”، واستمرار تدفق المال الخليجي للمسلحين بحجة إغاثة “النازحين”، أما الأمر المستجد والأخطر راهناً، فهو ما أعلنه الشيخ عمر بكري فستق، من أنه أصبح هناك “ضاحية شمالية مقابل ضاحية جنوبية”، أي محاولة مقايضة سلاح الاقتتال الداخلي مع سلاح المقاومة الذي حمى لبنان وهزم “إسرائيل”.

لاريب أن المحاولة المذكورة تؤكد أن حوادث طرابلس المترافقة مع تصعيد الأزمة السورية، تصب في نهاية المطاف في مشروع استهداف نهج المقاومة في المنطقة، بحسب فستق، من خلال معادلة “الضاحية الشمالية”.

أما الأمر الثاني والأكثر خطورة، والذي يندرج في مشروع تفتيت المنطقة، فهو تمزيق النسيج اللبناني، عبر تنفيذ عملية فرز مذهبي منظم في طرابلس، من خلال الاعتداءات على أبناء الطائفة العلوية وإرهابهم ودعوتهم إلى مغادرة المدينة، ما يشكل خطوة مهمة في عملية إقامة “الكونتونات” المذهبية التي بدأت في العراق، مروراً في سورية، ووصولها مؤخراً إلى لبنان.

وما يؤكد أن الاعتداءات المذكورة منظمة وفق “داتا” معلومات، وبإشراف أحد الأجهزة الأمنية، أن جيران المعتدى عليهم لا يعرفون انتماءهم المذهبي، بحسب مصادر طرابلسية واسعة الاطلاع.

وفي هذا السياق، كشفت معلومات خاصة أن الأشخاص الذين اعتدوا على أحد متاجر العلويين في مدينة الميناء كان بحوزتهم بندقية من نوع “ج3″، تم توقيفهم لدى أحد الأجهزة الأمنية ومصادرة البندقية، ثم أطلقوا بناء لأوامر أحد القادة الأمنيين.

وفي سياق متصل، حذّرت مصادر إسلامية طرابلسية من اتساع رقعة الاعتداءات لتطاول مختلف الأفرقاء الطرابلسيين المؤيدين لنهج المقاومة، مؤكدة أن مشروع إفراغ طرابلس من الأفرقاء المذكورين، هو قيد الدرس لدى التكفيريين ومن يقف خلفهم.

وتكشف المصادر أنها تلقت تحذيرات من أصدقاء مشتركين بينها وبين بعض المجموعات التكفيرية في هذا الشأن.

وتعتبر المصادر أن وجود أطراف مؤيدين لنهج المقاومة في عاصمة الشمال يعوق مشروع إقامة “الضاحية الشمالية”، مشيرة إلى أنها تتابع تحركات أدوات هذا المشروع، وملمحة إلى أنها قد تتصدى له عند الضرورة، الأمر الذي قد يدفع أدواته إلى محاولة إقصاء جميع مؤيدي المقاومة عن المدينة، لإتمامه.

وسط هذه الأجواء المأزومة، وصل تيار “المستقبل” إلى مرحلة حرجة، فإذا استمر في دعم التكفيريين مادياً ولوجستياً، وتغطيتهم سياسياً وأمنياً، فيكون قد دخل في المجهول، ووفر البيئة الحاضنة لهم من حيث يدري أو لا يدري، ما يدفع تنامي المتطرفين الإسلاميين على حساب نفوذه في الشارع، وفي حال انسحابه منه، فسيملأ الوهابيون الفراغ، ففي كلتا الحالتين لا يحصد إلا الخسارة، وما تردده في المواقف مؤخراً في شأن انتشار الجيش في طرابلس، ومشاركته الخجولة في الحوار الوطني، وانتقاد النائب وليد جنبلاط له حول مسألة تسليح “المعارضة السورية” إلا دليل على ذلك.

موقع  tayar.org

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى