المقالات

السياحة مباحة … إلا في طرابلس المستباحة…

*كتب الإعلامي د. باسم عساف

    *كل الأنظار تتجه إلى إستغلال موسم الصيف اللبناني ، وتنهمك أكثر من وزارة في حكومتنا العتيدة ، ومعظم مؤسسات القطاع العام والقطاع الخاص ، لإستقطاب السيَّاح والمغتربين عامةً ، الآتين من شتى بلاد العالم ، وعلى الأخص من الدول العربية والخليجية بالذات ، لتتكامل فرحة الإنفتاح والتلاقي على الأمن والسلام وإعطاء نفحات نتائج مؤتمر القمة العربي ، الذي قادته ورعته المملكة العربية السعودية بمفاهيم جديدة ، تسدي إلى التفاهم والتضامن والمهادنة لتنعكس على الأجواء اللبنانية ، المتشنجة بأزمات متراكمة على الصعيد السياسي والمالي والإقتصادي ، المعكوس على الدولة وسلطاتها ومؤسساتها، وبالتالي تضغط على رؤوس المواطنين وتزيدهم من الهموم والآلام ، وهم بأشد الحاجة إلى المخرج اللائق والحل اللازم لها ...*
    إرتسمت الصورة على تحريك أهم قطاع في لبنان ، يحرُِك العجلة الإقتصادية والحركة التجارية ، ويدرِّ الأموال على صناديق القطاع العام والقطاع الخاص سوياً ، وما يعود بمداخيل كبيرة من خلال إستغلال مميزات لبنان الطبيعية والسياحية والفنية التي تستقطب الوافدين من كل الفئآت ، مع لزوم تأمين الأجواء المناسبة من الأمن والطمأنينة والسلام لتؤكد راحة السياح والمصطافين وأيضاً المغتربين مع عائلاتهم ، وهذا ما يشد العضد والعزيمة بالتعويض ولو بالنذر اليسير ، لأزمات ليس لها تفسير ....
  *المشهد الذي يتجسد على الساحة اللبنانية ، بأنه يسير بالإتجاه الصحيح في هذا المضمار ، حيث نجد أن مؤسسات القطاع السياحي من فنادق ومطاعم ومسابح ومقاهي وغيرها ، تكاد تكون مفوَّلة بالحجوزات ، وأيضاً نسمع عن المهرجانات والحفلات والأنشطة الفولكلورية تنتشر بمعظم المدن والبلدات والمناطق اللبنانية ، وهي تتنافس بالأبهى والأعظم تنظيماً وتدعيماً وتعميماً ، والأكثر جلبةً للمرتادين بالأكثر إثارةً وريادة بالفنانين ، والبرامج الغنية بفعالياتها الجذابة للحضور والمتابعة ، مع إستخدام أحدث وسائل التسويق والترفيه لها ...*
      تتنعم مناطق لبنان بهذا الحدث الكبير بأنه صيفٌ واعدٌ للبنان واللبنانيين ، وأن نشرات الأخبار والإعلانات المتلفزة والمقروءة تساهم في نشرها ومتابعتها ، ولكن يأسف المتتبع لهذه المشاهد في مناطق أخرى : كعكار وطرابلس بالذات ، بأنه لا توجد حركة سياحية ، ولا إستقطاب للحفلات والمهرجانات ، ولا تحريك للعجلة الإقتصادية والتجارية والسياحية ، وهي التي تملك منها ما لا تملكه مناطق أخرى كأسواقها الشعبية المتعددة الحرفيات المميزة ، وآثارها وتراثها وسياحتها الدينية المتنوعة ، ولا شك من روعة شواطئها والجزر المقابلة لها ، ومن طبيعتها الخلابة ، والتي تبدأ بوادي قاديشا حتى البحر عند برج رأس نهر أبوعلي ، ومن مرفئها الطبيعي إلى معرضها الدولي الفريد في المنطقة العربية ، إلى مطارها المؤهل بالتوسع، والمهمل بالتقوقع ، إلى مصايفها بأعلى الجبال والقمم في لبنان ومنها القرنة السوداء التي إفتعلوا حادثتها لتوتير الأجواء ، وتنفير الأحباء....
    *فمع كل المميزات ، ومع كل عوامل الجذب السياحي والإقتصادي والتجاري ، والإستمتاع بطبيعتها الخلابة ، فلا تسمع وترى وتلمس إلا الإهمال والإستلشاق والتربص ، فتجد مقابل أخبار المهرجانات والحفلات ببقية المناطق ، أخبار طرابلس بالخطط الأمنية ، وقتيل هنا وجرحى هناك ، ومشاكل متعددة بين الأحياء والمناطق أو بين العائلات والمجموعات ، وأيضا أنباء النشل والسرقات تتصدر نشرات الأخبار ، والأنكى من ذلك تأتيك التقارير من المراسلين عن فضائح إجتماعية ، وحرائق كاوتشوك لإفساد البيئة والأجواء ، أو حرائق للإساءة إلى المشاريع كسوق الخضار وإلى جزيرة النخيل ، وكم حدث ذلك للبلدية والسراي والبنوك قبلها ، إضافة إلى العبث والفوضى بالعديد من المرافق والمشاريع الواعدة للمدينة ، والمعطلة جميعها بحجج واهية أو بتعديات في غير محلها من العابثين والمدفوعين ، وبعض المتنفذين المأجورين من قبل المتربصين شراً بها...*
  الأمل والأماني ببعض المخلصين من بعض المسؤولين الرسميين والهيئآت الإجتماعية ، التي هالها أن تكون العاصمة الثانية بهكذا حال ، وأن تستديم ساحتها على هذا المنوال ، وتبقى شاهدة على عصر الإنحلال ، وتسير على خط التجاوزات ، لتخسر السياح والحجوزات ، فكان لها التحرك وإعلان النفير ، للتعويض بإقامة المهرجانات والإحتفالات ...
  *وقد تحركت مؤخراً جمعية طرابلس السياحية ، المتخصصة بإقامة المهرجانات فيما سبق ، وجالت وفودها على رئيس الحكومة ، ووزراء السياحة والإعلام والإقتصاد وغيرهم ، وهم يتابعون المسيرة مع باقي الهيئآت ، لوضع طرابلس على خارطة المهرجانات ، بعد سنوات عجاف من المعاناة ، ولوضعها على سكة النهوض والتوازنات ، فتخرج من سجن الساحة المستباحة ، إلى فضاء السياحة المباحة ...*

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى