إجتماعيات

التكوين الفلسفى للأطفال

بقلم : الدكتورة فاطمة الزهراء سالم محمود مصطفى

يعد الإستعداد العقلى للطفل لدراسة الفلسفة فى مرحلة الطفولة المبكرة من أهم العوامل التى تشجع على تعليم ،وتدريس الفلسفة منذ بداية نمو الطفل أى فى الخامسة أو السادسة من عمره.

إذ منذ أن يبدأ الطفل فى النظر إلى كل من حوله من كائنات حية وغير حية، يبدأ بالدهشة التى تعد بداية السؤال الفلسفى، ويتساءل بدوره عن الكون والوجود، وكيف تسير الحياة على كوكب الأرض ؟ ولماذا لا نعيش على كواكب أخرى ؟ وكيف نحيا ؟ وكيف نموت؟ وما هى الحقيقة ؟

فالأطفال دوماً فى حالة تساؤل ذهنى مستمر سواء صامت أو مُعلن من خلال السؤال المُتكرر للأهل والأقارب والمدرسين داخل مدرسته وخارجها .

وتعويد الأطفال على روح التساؤل بفضل الدهشة والكشف المستمر عما يدور فى الحياة والكون لهو أمر فى غاية الأهمية من أجل تكوين مواطنين مُبدعين، ولديهم رؤى وأفكار فريدة من نوعها، ولكى تكتمل الصورة الذهنية التى يبحثون عنها دوماً .

ولعل الباعث على تلك الروح الفلسفية المستمرة لدى الأطفال منذ بداية وعيهم بالحياة ،وبالكائنات من حولهم هو الفطرة التى جُبل عليها الأطفال ، حيث يولدون صفحة بيضاء يبحثون دوماً عن ذواتهم، ويخوضون معارك ذهنية ،وحسية ،ووجدانية كثيرة بداخلهم دون أن يشعر من حولهم بما يدور فى أذهانهم .

لهذا يجب الإلتفات إلى التكوين الفلسفى للطفل وتنمية مهارات التساؤل والتفكير النقدى والإبداعى لديهم ، وليس شرطاً أن تكتمل الصورة للموضوعات الذهنية التى تشغل أذهان الأطفال من خلالنا ، فما علينا إلا التوجيه والإرشاد إلى طرق البحث الأصيلة عن المعرفة الدنيوية ،والعلمية ،والدينية ،والأخلاقية، وعلينا مراقبتهم فى رحلة البحث عن ذواتهم ،وتشجيعهم ،وتوفير كافة الأدوات اللوجستية ،والفنية ،والدعم النفسى والمعنوى .

كما أن على الدولة تشجيع الكتابات عن الطفل ،وللطفل ،ومن خلال الأطفال أنفسهم، إذ لا يمكن أن نجد خير من يُعبر بصدق تام عن الأفكار ،والقضايا ،والشواغل الإنسانية غير الأطفال لما يتمتعون به من صفات حميدة من مثل البراءة ،والشفافية ،والصدق وأيضاً قوة الخيال فى تلك الفترة من العمر .

كما أنه من المهم عودة مسارح الطفل من جديد، واخراج الطاقات الكامنة للأطفال فى التعبير عن قضية ما من خلال مسرحة المناهج التعليمية أوعروض تمثيلية لأهم القضايا السياسية ،والثقافية ،والإجتماعية التى تُشغل الرأى العام .

هذا مع أهمية وجود مُسلسلات كثيرة للأطفال ينتجها التلفزيون المصرى تتسم بالطابع القومى ،وتدعم ثقافة وهوية الوطن يكون أبطالها أطفال مصريين من أجل ترسيخ مبادئ ،وقيم المواطنة بداخل أبنائنا، وتعميق الإنتماء الحقيقى للبلد بطرق فعلية وليس فقط داخل المناهج التعليمية بشكل نظرى .

هذا فضلاً عن إبداع ،وإنتاج مهرجان خاص للطفل لاكتشاف مواهب الأطفال فى كافة دول العالم العلمية والفنية ،والاجتماعية ،والثقافية ،والدينية بالمثل.

ومن الأهمية بمكان إعطاء مساحة أكبر لتواجد الأطفال على الساحة لتعميق فكرة المشاركة الإجتماعية ،والسياسية ،والثقافية للطفل مواطن الغد فى كافة مجالات التنمية داخل المجتمع .

ومن ثم يكمن دور الدولة فى توسيع نطاق مشاركة الأطفال، وتدشين الروح الفلسفية لديهم فى أعمال، وابتكارات مفيدة للطفل وللمجتمع على السواء .

وهذا ما تشجع عليه فلسفة الإندماج والتكامل من خلال شد الطفل للإنغماس فى قضايا المجتمع الذى يعيش فيه، وإبداء وجهة نظره ،وأطروحاته التى مهما كانت فهى مهمة للغاية لمعرفة طرق تفكير أطفالنا التى تعكس مدى تربيتنا لهم، ومدى أهمية التكوين الفلسفى لتنشئة الطفل على
مهارات عملية تستدمج معه فى رحلة رسم وتشكيل معالم مستقبله، وعلينا دوماً أن نتذكر أن المستقبل يبدأ الآن
أستاذ أصول التربية والسياسات التعليمية

كلية التربية -جامعة عين شمس

[email protected]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى