ثقافة

ندوة وتوقيع كتاب محمود زيادة الأول “الطريق إلى تل الورد” في “مركز الصفدي الثقافي”

بدعوة من “مؤسسة الصفدي” والمجلس الثقافي للبنان الشمالي

وقّع الأستاذ الجامعي الدكتور محمود زيادة كتابه “الطريق إلى تل الورد” في “مركز الصفدي الثقافي”، وذلك بدعوة من مؤسسة الصفدي” والمجلس الثقافي للبنان الشمالي. ويعود ريع هذا الكتاب الذي يشكل باكورة مؤلفات زيادة إلى نشاطات “همزة وصل وTrait d’Union”. وقد سبق التوقيع ندوة حول الكتاب، افتتحها المدير العام لمؤسسة الصفدي رياض علم الدين، وتحدث فيها إضافة إلى المؤلف، كل من: الباحث في الفلسفة ومدير عام دار الفارابي التي طبعت الكتاب الدكتور حسن خليل، رئيسة جمعية آفاق رولا المراد واختتمت مع مداخلة رئيس المجلس الثقافي للبنان الشمالي الدكتور نزيه كبارة.  الحفل الذي افتتح بالنشيد الوطني، حضره النائب محمد عبد اللطيف كبارة، القاضي طارق زيادة، أمل ووليد معن كرامي، مدير كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية د. جان جبور، رئيس همزة وصل الإعلامي مصباح العلي، أساتذة جامعيون، أصدقاء وحشد من المهتمين.  
رحب علم الدين في كلمته بالحضور في “مركز الصفدي الثقافي ، حيث تعلو راية الثقافة والحوار الراقي على كل الرايات، وحيث المساحة مفتوحة لكل نتاج فكري وإبداعي”. أضاف: “نجدد لقاءنا وإياكم لنحتفل بإصدار جديد، يضاف إلى سلسلة الإصدارات الفكرية والأدبية الكثيرة التي شهدها هذا المركز منذ نشأته، والتي ازدادت وتيرتها في الفترة الأخيرة”. واستطرد قائلاً: “ولا أخفي عليكم مدى فرحتي واعتزازي بهذا الأمر، فهو بالدرجة الأولى دليل عافية لمدينتنا طرابلس التي بدأت تفرض نفسها كما سابق عهدها، حاضنة للإبداعات الفكرية والأدبية والثقافية، ولاعباً أساسياً في الحراك الثقافي في الشمال ولبنان. وتأكيد أيضاً على متانة التعاون الثقافي القائم مع المجلس”. وقال: “نحن في “مؤسسة الصفدي” أخذنا على عاتقنا تأمين التفاعل الايجابي بين الأفراد والثقافة، سواء من خلال اللقاءات الثقافية التي ننظمها في “المركز”، أو إصدارات الكتب التي نسعى لأن تكون في متناول الجميع، وأيضاً من خلال “مكتبة المنى” التي أنشأت لتكون مكتبة عامة، تشجع على القراءة المستدامة والتعلم والتبادل الثقافي من أجل تعزيز المعرفة والمساهمة في توعية الفرد. وها هو مؤلفنا الدكتور محمود زيادة من خلال كتابه “الطريق إلى تل الورد”، يؤكد على هذه الحقائق، فهو الأستاذ الجامعي والمثقف والناشط الثقافي، يضع بين أيدينا عصارة تفكيره، في قصص من صنع خياله الواسع، مع تطعيمها بشيء من الواقع، فيتشارك معنا خواطره وأحاسيسه، التي ستشكل بعد قليل مادة للتحليل والنقاش، تصلح نتائجها ربما لأن تكون فكرة لكتاب جديد”. وختم موجهاً الشكر والتقدير للمجلس الثقافي إدارة وأعضاء على التعاون الوثيق والمستمر، والتمنيات للدكتور زيادة بالتوفيق.  
ثم توجه المؤلف في كلمته بالشكر إلى مؤسسة الصفدي والمجلس الثقافي على الرعاية، والحضور على المشاركة، والمداخلين. واجاب عن استفسارات طرحت عليه حول إصداره كتابه بالعربية وهو أستاذ الفرنسية، فقال: المهم أن يكتب الإنسان باللغة التي يريدها… وكتابي الثاني سيكون بالفرنسية. وقال أيضاً: حين بدأت بالكتابة لم أفكر بسبب الكتابة، لكنني أدرك الآن أن في الكتابة نوعاً من التنفس والراحة والطمأنينة وربما مخرجاً من بعض المشاكل”. وحول ما إذا كانت شخصيات الأقاصيص في كتابه تمثله، قال زيادة: كتابي ليس سيرة ذاتية ولكنني أعتقد ان كل كتابة تعبر عن كاتبها ولو حاول إخفاء ذلك… وكل عمل فني هو على علاقة مباشرة بالحالات النفسية اللاواعية وبتاريخ حياة الفرد من طفولته إلى العمر كله…”. وختم بالقول” إن في هذه القصص خيالات تعبر عن هواجس وأحلام وحقائق إجتماعية وسياسية، وهي تطابق الواقع تماماً وأحياناً يغلب عليها الخيال..باختصار: هذا الكتاب هو مزيج من حقائق واقعية قد وقعت ومن خيالات، وربما تكون خيالاتي أكثر تعبيراً عما تعرفونه عني”.
اما الدكتور خليل، فقال في مداخلته: الطريق إلى تل الورد هنا ليست تلك التي تفصل مدينة الكاتب عن قرية عمله، وإنما هي دروب متعددة، متعارضة ومتناقضة، دروب تتسع في مداها الجغرافي على مساحة الوطن وتراها عابرة للمسافات والمحيطات، تؤرخ، تروي، تخبر وتناقش، تمر على محطات، تتأثر بها، تحكي قصص الحياة وبتناقضاتها: بين الحب والفرح والحزن والموت…. تحكي التعارض والقضايا والسلوك وكيفية التعاطي في زمن اختلطت فيه القيم واختلّت، في زمن أصبحت فيه الهوية جواز انتقال من الحياة الدنيا إلى الآخرة… وتوجه إلى الكاتب بالقول: دروبك إلى تل الورد أيها الصديق، هي دروب كل من عاصر مرحلتي لبنان: الما- قبل و”خلال”، والكلمة الناقصة هنا هي الحرب المجنونة التي عصفت بكيان الوطن…  طريقك هي مزيج من السرد والتحليل وترك الباب مفتوحاً للتأويل… لقد رأيتك في مدارسنا الرسمية الفقيرة المتنقلة بين الأرياف في زمن، ليس ببعيد، كانت فيه الدراسة والتعلم مطلب أكثر من ثلثي سكان لبنان… رأيتك الموظف العادي، الذي لا سند له، متنقلاً بين القرى البعيدة عن أهله الحقيقيين،… رأيتك تتسكع على ضفاف نهر السين في السان ميشال تراقب عاشقين لا يرون من العالم إلا لحظتهم… رأيتك بين طبقات وقاعات الجامعات الفرنسية وضجيجها الممزوج بمائات اللغات ترطن وتحاور وتناقش بعدة لغات في الوقت نفسه… دروبك أيها الصديق مشينا بعضها معاً، وإن لم تكن بتكافؤ… إنها مسيرة حياة، البقاء فيها لمن يترك الأثر الطيب، وإيماني كبير بأن لديك الكثير في مسيرتك الطويلة.
من جهتها، اعتبرت المراد أن الطريق إلى تل الورد “كانت بالنسبة لي الطريق إلى حنين في داخلي لوطن أشعر بالغربة فيه وبالغربة عنه”، هو جسر عبور من الريف إلى المدينة إلى فرنسا ومن فرنسا إلى كل لبناني من السبعينيات حتى الآن. طريق محفوفة بالضياع والمستقبل الذي يتأرجح بين الحرب الأهلية والنزاعات الطائفية والسياسية… وقالت: في هذا الكتاب ذكريات مفقودين لم يعودوا في زمن الحرب بسبب عقائدهم السياسية، وذكريات مفقودين “كانوا رومانسيين لا يتعاطون السياسة” كما يقول الكاتب، ولكنهم دفعوا ثمن هذه الحرب… كما دفع ثمنها اطفال فقدوا آباءهم وأمهاتهم… أضافت: بين السياسة والحب نقرأ قصة وهي قصة كل لبناني يعيش كاهل الحياة اليومية البعيدة كل البعد عن احترام الإنسان… ووسط هذا الواقع المؤلم تظهر شخصيات “الهواري” و”الوهراني” و”الأصولي” الذين جسدوا الحقيق المخبأة وراء ظاهرة المتزمتين وهي حقيقة الجوع والفقر والاضطهاد والحرمان.. لتلوح فلسفة الحياة في قصة “باب الصخرة”… وختمت: شكراً دكتور محمود زيادة على كل نفحة حنين عشتها معك عبر سطور هذا الكتاب.
وقبل أن يوقع الكاتب للحضور، كانت مداخلة تحليلية للدكتور كبارة، جاء فيها: سبع عشرة قصة جمعها كتاب وضع له مؤلفها د.محمود زيادة عنواناً استلّه من إحداها، وهو الطريق الى تل الورد. وكانت هذه القصص نُشرت تباعاً في مجلة «همزة وصل». أضاف: تشغل الحرب الأهلية التي اندلعت في الثالث عشر من نيسان العام 1975، حيّزاً مهماً في تفكير الأستاذ الجامعي المتخصص باللغة الفرنسية وآدابها… فقد خصّص للحديث عن مقدماتها، وعن فواجعها ومآسيها عدداً من قصصه، مفنداً مضمون كل قصة في أسلوب تحليلي لا يخلو من النقد البناء، والمحاور التي تناولتها القصص المنشورة في الكتاب، وهي الحرب الأهلية والعدوان الاسرائيلي على لبنان وعلى المقاومة الفلسطينية فيه، والأصولية وتحليل الشخصيات النفسي، ثم قدم ملاحظاتها حول الكتاب فاعتبر “أن القصص المنشورة تتمتع بخصائص لافتة: فموضوعاتها مستوحاة من الواقع على قليل من التخيُّل، إن السرد فيها مشوّق، لولا بعض التفاصيل المملّة وبخاصة في القصص التي تدور حوادثها في فرنسا بين الكاتب وزملائه، إن الكاتب متمكّن من التعبير بسلاسة باللغة العربية، علماً ان اختصاصه هو اللغة الفرنسية وآدابها، إنه يلجأ الى الوصف حيث يقتضي المقام. وبعضه يمتاز بالجحدة، أما الأسلوب فجميل ومتوتر وجُمله قصيرة. وقال: في قصصه التي رواها – وهو في فرنسا – عن علاقته بزملائه الطلاب وأوضاع بعضهم وعن الرسائل التي تلقّاها – خصائص تجعلها صالحة لكتابة مذكرات (الدراسة في فرنسا – كلودبيشا – ثلاث رسائل في واحدة…).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى