المقالات

الهجرة والبعد الآخر تجدد وثبات – بقلم سالم فتحي يكن

قبل الدخول في معاني الهجرة وإسقاطاتها على الواقع الحالي ، الذي تعيشه الأمة على مستوى الأفراد والجماعات ، على اختلاف الأوطان والمشارب، لابد لي بداية من أن أتوجه إلى الله تعالى ، أن يجعل هذا العام الهجري عام خير وبركة واستقرار، على الأمة جمعاء على اختلاف لغاتها وألوانها .
إنه ليعزعلي افتقاد والدي ومعلمي الداعية فتحي يكن رحمه الله تعالى ، الذي علمنا أن هم الأمة هم واحد ، افراحها واحدة وأحزانها كذلك  .
لقد حملت الهجرة المباركة من المعاني ، والقيم الإنسانية ما حملت في طياتها الخير والبركة للبشرية جمعاء ، واعلنت ميلاد أعظم أمم الأرض رحمة وخيرا وهداية ، بتكليف الهي من رب العالمين لهذه الأمة (كنتم خير امة أخرجت للناس ) وعلى هذا نهج رسول الرحمة المهداة صاحب الهجرة إذ يقول ( الخير بي وبأمتي الى يوم القيامة ) .
إن المتأمل في سير الأنبياء والصالحين ، يرى أنه ما من أحد منهم إلا وهاجر في رحلته الايمانية الطويلة ، حيث أنه من معاني الدعوة الأخذ بالأسباب ، وإيصال الرسالة الى بر الإيمان والأمان ، حتى ذلك الإيمان الذي في الصدر، لابد له من حماية ، والانتقال به من ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة،  ومن عبادة الناس إلى عبادة رب الناس حيث يقول عليه الصلاة والسلام: (والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه ) وللنية والجهد دور في ذلك ( فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله ومن كانت إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر اليه ).
ونحن هنا في لبنان هذا الوطن المقاوم دائما الذي تترصده الفتن ، وتعبث به الأهواء والتيارات ، حبذا لو يعتمد فيه كل الأفرقاء منهج الهجرة بمفهومها الواسع والشامل ، الهجرة من المصالح الضيقة الى الوحدة الجامعة، والهجرة من الشخصانية الى الاجتماع ، ومن العداوة الى المحبة ، ومن البغضاء الى التسامح ، ومن الجهل الذي يهجر صفوة عقول أبنائنا الى العلم وتقدم الأوطان، ومن الارتهان إلى القوى الخارجية الى الرهان على الوطن .
وكلمة أخيرة هي من ميراث الداعية الوالد رحمه الله أهمسها للدعاة أبناء الصف الإسلامي  إذ يقول 🙁 الخطاب الإسلامي لا بد وأن يتطور حتى يلامس الحياة والإنسان ككل، فلا يجوز أن يكون متطوراً من الجانب السياسي ومتخلفاً من الجانب التربوي، أو العكس، أو أن يكون متطوراً من الجانب الاقتصادي ومتخلفاً من الجانب الروحي.
وتطور الخطاب الاسلامي يفرض تطور العلوم الشرعية والمفاهيم  الإسلامية والأدبيات الحركية ، فضلا عن تطور المؤسسات والحركات الإسلامية  في ميادين عملها المختلفة..  إن تطور الخطاب حتمية شرعية وضرورة دعوية ).
وأختم بان اتوجه الى الله تعالى أن يجعل هذا العام الهجري، عام بركة للجميع، وأن يثمركل الجهود التي تبذل للخروج بهذا الوطن الحبيب من محنته،  من مسعى سوري سعودي وهمة تركية ، و ليبارك الله في إخواننا في فلسطين أرض الإسراء والمعراج ، وأن يفك الحصار عن أحبتنا في غزة العزة ويخزي الصهاينة المحتلين ، وأن يرفع الظلم عن المظلومين في مشارق الأرض ومغاربها ، وان ينصر المقاومة في طول بلاد المسلمين وعرضها إنه سميع مجيب وكـل عـام والأمـة بـخـيـر .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى