المقالات

اللعبة الدولية وراء مايحدث في العالم وآخرها حرب غزة \ أسامة إسماعيل

 اللعبة الدولية منذ البداية، وتحديداً منذ أكثر من قرن قسمت العالم مثل رقع الشطرنج، كل رقعة تمثل جماعة معينة طائفية أو قومية أو حزبية أوشعبية، وتمثل البيادق الزعامات والأحزاب والدول والكيانات، فلا مكان ولاقيمة في هذه اللعبة للفرد النخبوي الحر المستقل الناقد.وفي الحرب الإسرائيلية على غزة يلاحظ أن العدو الإسرائيلي أو الصهيوني لايميز بين المدنيين كبارا"أو أطفالاً و" حماس"في حربه المدمرة والقاتلة غير المبررة . فاللعبة الدولية قسمت العالم على هذا الأساس مايتناقض مع شعارات" الحرية والمساواة والإخاء والعلمانية "التي رفعتها" الثورتان الفرنسية والأميركية"و"الحركة الإصلاحية"في بريطانيا وألمانيا منذ القرن السابع عشر.

اللعبة الدولية أوجدت الأنظمة السياسية والأحزاب الطائفية والإيديولوجية َوالقومية والعنصرية الشعبوية وكذلك شجعت الإيديولوجيات والمعتقدات والنظريات والعادات التي لاتعترف بقيمة الفرد النخبوي الحر المستقل والعقل والإرادة الفرديين وتجعل العاطفة َوالغريزة والمصلحة المادية أموراً جماعية بدلا”من أن تكون أموراً فردية وشخصية تحت إشراف العقل وإلارادة الفرديين وتوجيههما، وتغلّب مايسمى” العقل الجمعي والإرادة الجماعية Collectif mind”والعواطف والغرائز والمصالح المادية الجماعية على العقل والإرادة الفرديين،ما يؤثر سلباً في الحرية الفردية والفكرية والمهنية والإستقلال والكرامة والعدالة والراحة والأمان. وتعود بدايات اللعبة الدولية أو لعبة الأمم إلى مابعد مايسمى “عصر النهضة الأوروبية وحركة الإصلاح في بريطانيا وألمانيا”في القرنين السادس عشر والسابع عشر و”الثورتين الفرنسية والأميركية” في أواخر القرن الثامن عشر (1789و1798). فهذه الحركات والثورات التي رفعت شعارات “حرية، إخاء، مساواة” وفصل الدين عن الدولة لم يحركها عقل وإرادة فرديان. بل حركتها جماعة. وبعض المصادر الأجنبية والعربية تقول إن هذه الجماعة هي الماسونية(Macons) وهي منظمة أو حركة أو جماعة ذات جانبين سري وعلني. وتقول هذه المصادر إن الجانب السري للماسونية ذات أهداف مسيسة واستعمارية أبعد من شعار “حرية، إخاء، مساواة”، تعبر عن نزعة الغرب إلى استعمار الشرق، وسميت بعض المحافل الماسونية “الشرق الأكبر” و”الشرق الكبير” Le grand orient). وسواء كان الجانب السري للماسونية هو ورإء هذه الحركات والثورات أم لا. فالمؤكد أن الممارسات التي تلت “الثورة الفرنسية” لم تدل على تطابق كلي مع شعار الحرية والعدالة والإستقلال والكرامة وفصل الدين عن السياسة والدولة، وبعد عدة سنوات من هذه الثورة بدأت الحملات الإستعمارية تجاه الشرق مع نابليون بونابرت، وكذلك مايسمى “الثورة الأميركية” لم تتطابق شعاراتها مع الممارسات التي تلتها. فالأنظمة والدول والسياسيون الذين خرجوا من رحم هذه الثورات والحركات وإيديولوجيتها أطلقوا لعبة الأمم أو اللعبة الدولية التي لاتخدم قيمة الفرد والحرية والإستقلال والسيادة الوطنية والعدالة والتنمية الشاملة المتوازنة والراحة والأمان بل تخدم أهداف هذه الدول ونفوذها ومصالحها. وإن هذه الدول رعت ودعمت تأسيس المنظمة الصهيونية التي احتلت فلسطين وأنشأت كيانها المسمى “إسرائيل” سنة 1948.وهذه المنظمة قامت على أساس إيديولوجي وطائفي وعنصري واستعملت الدين أو المذهب الديني بتحريفاته وشوائبه وتشويهاته لأجل أهدافها، ما يتعارض مع شعارات الثورتين الفرنسية والأميركية وإعلان الإستقلال الأميركي.مايحدث في غزة اليوم وماحدث سابقا”ليس مرتبطاً حصرا” بإنقاذ مستقبل نتنياهو ولا مصادر الغاز والنفط مقابل شواطئ غزة والتفاصيل الأخرى كما يروج لها في وسائل الإعلام السياسية والإخبارية وقيل مايشبهها في أحداث سابقة. بل هو مرتبط باللعبة الدولية التي تسبب الفعل وردة الفعل. وصنعت الكيان الإسرائيلي الذي قام على الإحتلال وأعمال التدمير والقتل منذ اللحظة الأولى بغض النظر عن الأحزاب الحاكمة والتي تقوم بهذه الأعمال من اليمين إلى اليسار والمتطرف الديني. وسببت اللعبة الدولية ردة الفعل ضد هذا الكيان تحت عنوان المقاومة. ولم تستطع “المقاومة” أن تكون عاملاً كافياً لردع الكيان وللتحرير الحاسم والسريع. ودخلت بعض أحزاب المقاومة في لعبة الصراع السياسي والزعامة والنفوذ ومحاباة أشخاص على آخرين بالمناصب والوظائف وفرص العمل والمال والمكانة عدا حملها الصبغة المذهبية والطائفية.
اللعبة الدولية منذ البداية أغفلت قيمة الفرد وخاصة النخبوي الحر المستقل الناقد والعقل والإرادة الفرديين وغلبت عليهما مايسمى “العقل الجمعي” والإيديولوجيات والجماعات الطائفية والعنصرية والقومية والحزبية والعشائرية والشعبية والعواطف والمصالح المادية الجماعية الفئوية، وألغت خصوصية الفرد التي يتمايز بها عن غيره في مسرحيات صراعاتها وأزماتها وحروبها لأجل الإستعمار والإحتلال والسيطرة والنفوذ والثروات ومصالحها الإقتصادية. وتستعمل في سبيل ذلك وسائل الإعلام والتواصل والدعاية والتكنولوجيا والمال والإقتصاد. فالحرب الإسرائيلية غير المبررة على غزة وغيرها من الأحداث في العالم بما فيها الأزمة المالية والنقدية والإقتصادية في لبنان هي نتيجة اللعبة الدولية التي بدأت منذ أكثر من قرن.
أسامة إسماعيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى