المقابلات

نص الحوار الذي أجرته الإعلامية الجزائرية سهام بوصيف في مجلة “صوت الاحرار” الناطقة باسم جبهة التحرير الوطني الجزائرية مع الأستاذ معن بشور الرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي

1\تحيي الجزائر الذكرى ال62 لعيد النصر، ماذا يمثل هذا العيد للأمة العربية؟
• في التاسع عشر من مارس 1962 يوم جرى وقف اطلاق النار بعد سنوات سبع من ثورة جزائرية عظيمة استكملت ثورات متعددة على مدى 131 عاماً قدمت خلالها الجزائر عشرات الملايين من ابناءها شهداء على طريق تحرير الجزائر واستقلالها.
وهذا اليوم هو واحد من أيام ثلاثة يحتفل بها الجزائريون كما كل أبناء الامة بمحطات شهدتها الجزائر في القرن الماضي اول هذه المحطات هو الأول من نوفمبر 1954 يوم اطلق الجزائريون الرصاصة الأولى في ثورتهم ضد الاستعمار الفرنسي والتي تحولت الى ثورة ذات ابعاد عربية وإسلامية وافريقية ودولية ما زال وهجها مستمراً حتى اليوم، والمحطة الثانية البالغة الاهمية هي الخامس من يونيو 1962 حين تم عقد حل ادى اتفاق وقف اطلاق النار الى انسحاب لقوات الاستعمار الفرنسي والمستوطنين معهم وهو ما يذكرّ بما يمكن ان يحدث بإذن الله على ارض فلسطين التي تخوض ايضاً حرباً فيها من البطولات والتضحيات والوحشية الصهيونية ما يذكرنا ببطولات الجزائريين وتضحياتهم ووحشية الاستعمار.
لا شك ان ثورة الجزائر بكل عناوينها ، وبكل محطاتها ، وبكل شهدائها ، وبكل ابطالها لها مكانة كبيرة على الصعيد العربي وهي ما زالت حتى اليوم مبعث امل وتفاؤل بإمكانية الانتصار على أعداء الامة كما نرى اليوم في غزة وعموم فلسطين، والتي بالتأكيد نستمد من الثورة الجزائرية كل الامل والثقة بالانتصار على أعداء الأمة.
2/ كيف تقراون تحرك الجزائر لانهاء الحرب الجائرة على غزة؟
• مما لا شك فيه ان الجزائر تقوم بتحرك لافت على المستويات العربية والإسلامية والافريقية وطبعاً حتى على المستوى الدولي من خلال تمثيلها للمجموعة العربية في مجلس الامن، فعلى المستوى العربي تشكل الجزائر شعباً وحكومة، داعماً لغزة فكل من يتابع الحملات الشعبية التي تقوم بالجزائر من اجل ارسال امدادات غذائية وإنسانية لاهلنا في غزة وهناك ايضاً عمل مشترك بيننا في لبنان وبين اخوة من لجنة المبادرة الجزائرية لاسناد غزة التي كان قد زار وفد منها لبنان قبل أيام.
وهنا لا ننسى دور قمة الجزائر عام 2022 والتي مهدت الأجواء لاستعادة سورية موقعها في النظام الرسمي العربي بعد سنوات من غزل غير مبرر.
اما على الصعيد الإسلامي والافريقي فكلنا يلاحظ الدور النشط للديبلوماسية الجزائرية في تعبئة القوى وفي اطلاق موقف يليق بهذه البطولات التي نراها في غزة، وبهذه البطولات التي تغير الى حد كبير من معالم المشهد العربي الإقليمي وحتى الدولي . وهنا لا بد ان نذكر دور الجزائر في الاتحاد الافريقي الذي شهد قمته منذ فترة قريبة تضامناً كبيراً مع أهلنا في فلسطين عبر بيان تضمن تنديداً كبيراً بما يجري من عدوان على غزة، ومن كلمات مزلزله ابرزها كلمة رئيس البرازيل لولا دي سيلفا الذي اعتبر الصهيونية نسخة جديدة من النازية.
طبعاً لا ننسى دور الجزائر المستمر في دعم الثورة الفلسطينية واخرها مبادرة الرئيس عبد المجيد تبون من اجل انهاء الانقسام الفلسطيني ، وهي مبادرة لم تستطع حتى الان التخطي التعقيدات المعروفة في العلاقات الداخلية بين الفصائل الفلسطينية.
على المستوى الدولي علينا ان نتذكر دور مندوب الجزائر في مجلس الامن الذي يطل علينا بين اليوم والأخر بمقترح لوقف فوري للعدوان والذي تعترض عليه الإدارة الامريكية عبر الفيتو الممنوح لها بصفتها من الدول الخمس الدائمة العضوية في الأمم المتحدة.
ان مجمل هذه المواقف يؤكد ان الجزائر موجودة في قلب المساندة العربية والدولية لشعبنا في فلسطين منذ زمن وحتى اليوم وكلنا لا ينسى شعب فلسطين ذلك الشعار الذي اطلق في يوم النصر عام 1962 ” استقلال الجزائر لا يكتمل إلا باستقلال فلسطين” ولا ننسى أيضاً احتضان الجزائر للثورة الفلسطينية ممثلة بحركة (فتح) آنذاك في الجزائر في الأيام الأولى لتلك الثورة
3\ في رأيكم هل الجزائر تقوم بدور فاعل في المنطقة العربية؟
• طبعاً كلنا يعرف حقيقة المشهد العربي في هذه الأيام، وخصوصاً على المستوى الرسمي وهو مشهد لا يليق أبداً بتضحيات شعبنا العربي الفلسطيني في غزة وعموم فلسطين، ولا يليق أبداً بما يجري من اسناد شعبي شامل تجاوز فلسطين الى بعض الدول العربية لا سيما في اليمن والعراق وسورية، ومن هنا يجب ان ندرك ان أي دور يجب ان نسعى اليه عبر المستوى العربي يواجه تعقيدات وصعوبات عديدة، لكن مع ذلك فللجزائر حضور على المستوى العربي ، وخصوصاً على المستوى الشعبي، الذي اعتقد انه من المفيد جداً ان تحتضن الجزائر العديد من الملتقيات والمنتديات والمؤتمرات المرتبطة بما يجري في فلسطين سواء على المستوى العربي او الإسلامي او الافريقي او الدولي، بالتأكيد كانت هناك ملتقيات بالغة الأهمية ولكن يجب ان تتحول الجزائر ساحة للتضامن مع النضال الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية، بل ساحة من اجل التنديد بالجرائم الصهيونية.
4\ إلى مدى يمكن للمقاومة الفلسطينية ان تستلهم من الثورة الجزائرية؟
• اعتقد ان الثورة الفلسطينية المعاصرة منذ انطلاقتها في 1/1/1965، كانت تعتبر الثورة الجزائرية نموذجاً يقتدى به، وقد كان لقيادات حركة (فتح) منذ تأسيسها دور كبير منذ انطلاق تلك الثورة عبر احتضان الجزائر لها، فلقد احتضنت الثورة الفلسطينية منذ ذلك اليوم دولتان هما الجزائر وسورية بالدرجة الأولى، وأذكر ان أول مكتب (لفتح) تم افتتحه في العاصمة الجزائرية باشراف القائد الشهيد أبو جهاد، واعتقد ان فكرة حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) التي حرصت ان تجمع كل الشرفاء من أبناء الشعب الفلسطيني بغض النظر عن خلفياتهم الحزبية والفكرية والعقائدية كانت مستوحاة من فكرة تأسيس جبهة التحرير الوطني الجزائرية، والتي كانت ايضاً تضم جزائريين من منابت فكرية وسياسية وحزبية متعددة، وبقيت الثورة الجزائرية ملهمة للثورة الفلسطينية وحاضنة لها ودافعة لها في كل المراحل الصعبة التي مرت بها هذه الثورة، وهذا يؤكد على العلاقة المتينة بين الثورة الجزائرية والثورة الفلسطينية ، وانا لا أنسى كيف اننا عام 2010 استطعنا في المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن ان نعقد ملتقى دولياً كبيراً داعماً للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال وكيف ضمت الجزائر يومها المئات من الاسرى المحررين ومن ذوي الاسرى تأكيداً على ان الجزائر تعرف تماماً معنى الاسرى ومعنى التضحيات، ومعنى النضال، ونحن نطمح الى ان تستضيف الجزائر أيضاً منتديات عربية ودولية لعل ابرزها “المنتدى العربي الدولي من اجل العدالة لفلسطين” والذي لعب أعضاؤه من خارج الوطن العربي دوراً في هذا الحراك الشعبي على المستوى الدولي.
5\ في نظركم ماهي المكاسب التي حققتها المقاومة الفلسطينية في هذه الحرب؟
• اعتقد ان العالم كله قد أدرك حجم التحولات التي جرت على المستويات العربية والإسلامية والإقليمية والدولية، بفعل هذه المقاومة التي شهدنا فصولاً رائعة منها منذ عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر عام 2023 حتى اليوم، والتي هي بحد ذاتها عملية نوعية حاولوا تشويهها وشيطنتها، ولكن أكدت قدرات الشعب الفلسطيني على تحقيق هذا النوع من العمليات النوعية. ثم كانت هذه البطولات على ما يقارب الأشهر الستة رغم الالام والاف الشهداء، وعشرات الالاف من الجرحى والمفقودين، وقد استطاعت المقاومة الفلسطينية ان تصل الى كل العالم، وان تبدد الرواية الصهيونية عن القضية الفلسطينية لتحل محلها الرواية الفلسطينية الحقيقية لشعب تم اغتصاب ارضه واحتلالها وابعاده عنها ، وها هو اليوم يحاول ان يستعيد حقوقه ويحرر أرضه من البحر الى النهر.
انا لا اعتقد ان مكاسب هذه الثورة محصورة فقط ما حققته لقضية فلسطين التي عادت الى قلب العالم كما لم تكن في أي وقت مضى وأخرجت تلك القضية من محاولات تهميشها والالتفاف عليها وطعنها بالتطبيع ، لكنني أعتقد ان جماعة التطبيع اليوم في مأزق سواء من وقعّ هذه الاتفاقات من حكوماتنا العربية او ممن كان سيوقعّ بفضل ما جرى في فلسطين من مقاومة باسلة، واعتقد ان هذه المقاومة تلعب دوراً كبيراً في اجراء تحولات في موازين القوى سواء على المستوى الإقليمي او على المستوى الدولي مما يجعلنا نأمل بقيام نظام جديد قائم على العدالة وعلى احترام القانون الدولي في كل مكان بعيداً عن أي هيمنة قطبية لهذه الدولة او تلك.
6\ كيف تحللون تمادي الاحتلال الصهيوني في غطرسته؟
• من يدرس الفكر الصهيوني ويدرس تاريخ الحركة الصهيونية لا يفاجأ في التمادي بهذا الاجرام وهذه الوحشية وفي إقامة المجازر اليومية وفي هذه الحرب التي باتت موصوفة في كل العالم بأنها حرب إبادة جماعية مخالفة للقانون الدولي، وللقانون الدولي الإنساني، والتي تعتبر بالمقاييس القانونية جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بكل المقاييس.
لا شك ان الفكر الصهيوني القائم على العنصرية وعلى الاقصاء والالغاء والاجتثاث قد تجلى بكل اشكاله في هذه الملحمة التي تشهدها غزة منذ السابع من أكتوبر عام 2024، وأظهر ان هذا العقل العنصري المتحكم بالكيان الصهيوني، غير أبه لا بالرأي العالم الدولي ولا بالقانون الدولي، ولا بكل القرارات الدولية، بل هو مستمر في تماديه ولكنه كما تقول الآية القرآنية ” يمدهم في طغيانهم يعمهون” .
واعتقد ان هذا التمادي المستمر والمتصاعد في العدوان ورفض أي شكل واي دعوة لوقف هذا العدوان سيكون بمثابة الغاء صورة الكيان الصهيوني كما رسمها لنفسه منذ 74 وليؤكد ان هذا الكيان في طريقه الى العزلة التي دعونا في المؤتمر القومي العربي منذ اشهر وقبل عملية ” طوفان الأقصى” وذلك من اجل ان نطلق حملة عالمية من اجل عزل الكيان الصهيوني كما جرى مع النظام العنصري في جنوب افريقيا والذي أدى الى سقوط هذا النظام.
وانا اعتقد ان الجزائر من موقعها الدولي الحالي يمكن ان تلعب دوراً هاماً في حشد دولي كبير لعزل هذا الكيان الصهيوني دولياً تمهيداً لاسقاطه على ارض فلسطين.
7\في رايكم ماهو الحل الأسرع لإنهاء الحرب الجائرة في غزة؟
• الحل الأسرع هو في الوقف الفوري والدائم لهذا العدوان على غزة، ثم في خروج الاحتلال من كل أراضي غزة تمهيدا لخروجه من كل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ثم تمرير مساعدات إنسانية فورية لأبناء غزة الذي يعانون من المجاعة لشكل لم يعرفه تاريخ البشرية منذ قرون، ثم العمل من اجل اطلاق الاسرى كل الاسرى ، مقابل الاسرى الصهاينة المحتجزين لدى المقاومة، وايضاً المباشرة فوراً بإعمار غزة التي دمر العدو اكثر من 75% من مساكن أبنائها، ودمر بنيتها التحتية من مدارس ومستشفيات ناهيك بالمساجد والكنائس وبيوت العبادة، وكذلك الامر الحل يكمن بموقف عربي واسلامي واضح من هذا الكيان بإسقاط كل اشكال التطبيع والتنسيق الأمني، وأيضا يتطلب الحل انهاءً للانقسام الفلسطيني وسعياً لعمل فلسطيني مشترك، بل موحد، من اجل مواجهة هذا العدوان بعيداً عن اثارة الخلافات الداخلية التي لا يستفيد منها الا العدو.
كذلك الموقف العربي المطلوب ايضاً هو احتضان أهلنا في فلسطين وتقديم كل الدعم الإنساني والاجتماعي والاقتصادي لمجابهة اثار هذا العدوان ولن نطلب اكثر من ذلك من تلك الدول، خصوصاً تلك الدول التي تقيم علاقات مع الكيان الصهيوني، والتي في نظر امتها ما زالت متمسكة بعار لا يمكن محيه بسهولة وهو عار التعامل مع كيان يقتل دون حساب أبناء أمتنا وأبناء شعبنا.
المطلوب أيضاً تحرك عربي ضاغط داخل هذه المنطقة وعلى المستوى الدولي من اجل وقف فوري للحرب ، ناهيك عن استمرار التحرك الشعبي الرائع دعماً لفلسطين وضغطه على أصحاب القرار في الحكومات الداعمة للكيان الصهيوني وفي مقدمها الولايات المتحدة الأميركية من اجل تغيير موقفها ، والضغط على هذا الكيان لوقف هذا العدوان على شعب فلسطين وعلى الامة جمعاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى