المقالات

{اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي}القرآن والتوحيد الخالص

الأمين العام للمجمع القرآني الدولي.
كتب:د.رعدهادي جبارة☆

{قالُوا أَ إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90) قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ (91) قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92)اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93)} [سورة يوسف]
[الوسيلة،البركة،الدعاء، الزيارة،الشفاء،التوحيد الخالص]هذه الأمور تبادرت إلى ذهني وأنا أجلس مقابل ضريح الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع في النجف الاشرف، وأتلو كتاب الله عز وجل ضمن الختمة القرآنية الرمضانية المباركة.
فعندما علم النبي يوسف ع أن أباه يعقوب ع فقد عينيه من كثرة البكاء و شدة الحزن على فراقه {وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ} (يوسف/84) ماذا كان رد فعله؟؟
أ لم يكن بإمكان يوسف وهو نبيٌّ من أنبياء الله تعالى،مستجاب الدعوة أن يخلو بربه ويرفع يديه نحو السماء ليدعو الله الرحيم بأن يعيد بصر أبيه و يشفيه من العمى الذي حل بعينيه؟
أ لم يكن بإمكان يوسف وهو الوزير الأعلى لملك مصر آنذاك أن يختار لجنة من خيرة أطباءالدولة فيرسلهم رفقة إخوانه لمعالجة أبيه؟؟
قطعا كان يمكنه الدعاء، أو انتداب خيرة الاطباء، لكنه اختار أسلوباً آخر وهو (قميصه) المبارك ليرسله لأبيه فيشمّه فيشفى.
إذن؛البركة والشفاء الكامن في القميص كانا هما الوسيلة التي اختارها يوسف ع.
وهكذا فالزائر الذي يتمسك لدقائق بالضريح المطهر المعطر فإنما يراه مجرد وسيلة للتبرك و الاستشفاء والتقرب إلى الله رب العالمين،لا أكثر.
ولهذا نجد في الدعاء الذي نقرؤه أثناء زيارة مرقد الإمام ع:
[اَللّـهُمَّ اِنّي بِكَ وَمِنْكَ اَطْلُبُ حاجَتي، وَمَنْ طَلَبَ حاجَةً اِلى النّاسِ فَاِنّي لا اَطْلُبُ حاجَتي إلاّ مِنْكَ وَحْدَكَ لا شَريكَ لَكَ، وَ اَساَلُكَ بِفَضْلِكَ وَرِضْوانِكَ اَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد وأهْلِ بَيْتِهِ، وَاَنْ تَجْعَلَ لي كذا وكذا ….]
فالزيارة وسيلة،
والضريح وسيلة،
والتوسل إلى الله بجاه الأئمة والأضرحة وسيلة.
وعلى من ينتقد هذه الأمور أن يستشكل على عمل يوسف وأبيه يعقوب (عليهما السلام) وكلاهما نبي مرسل من الله تعالى.
لا يوسف ع أشرك بالله بإرسال قميصه،ولا أبوه يعقوب ع أشرك بربه عندما فرح بقميص ابنه و شمّه وارتدّ بصيراً ببركة قميصه.فهذه كلها وسائل مشروعة ورسائل موجّهة لنا بأن لا نتعصّب ضدشيء او ضد شخص ولا ننغلق على الوسائل المختلفة.
ولو قرأنا النص الذي يقرأه الزائر عند زيارة مرقد أميرالمؤمنين ع في زيارة[أمين الله]نجد أن المدعو الأصلي هو الله سبحانه،والفاعل الأصلي هو الله تعالى،والحاجات كلها مأمولة منه وموفرة عنده[اللّهُمَّ إن قُلُوبَ المُخْبِتِينَ إِلَيْكَ والِهَةٌ .. وَ أَصْواتَ الدَّاعِينَ إِلَيْكَ صاعِدَةٌ، وَ أَبْوابَ الإجابَةِ لَهُمْ مُفَتَّحَةٌ، وَ دَعْوَةَ مَنْ ناجاكَ مُسْتَجابَهٌ، وَ تَوْبَةَ مَنْ أَنابَ إِلَيْكَ مَقْبُولَةٌ ، وَ عَبْرَةَ مَنْ بَكى مِنْ خَوْفِكَ مَرْحُومَةٌ ، وَالاِغاثَةَ لِمَنْ اسْتَغاثَ بِكَ مَوْجُودَةٌ ، وَالإعانَةَ لِمَنْ اسْتَعانَ بِكَ مَبْذُولَةٌ ،وَ عِداتِكَ لِعِبادِكَ مُنْجَزَة، وَزَلَلَ مَنِ اسْتَقالَكَ مُقالَةٌ ،وَأَعْمالَ العامِلِينَ لَدَيْكَ مَحْفُوظَةٌ، وَ أَرْزاقَكَ إِلى الخَلائِقِ مِنْ لَدُنْكَ نازِلَةٌ .. وَحَوائِجَ خَلْقِكَ عِنْدَكَ مَقْضِيَّةٌ، وَجَوائِزَ السَّائِلِينَ عِنْدَكَ مَوْفَّرَةٌ، اللّهُمَّ فَاسْتَجِبْ دُعائِي وَاقْبَلْ ثَنائِي إِنَّكَ وَلِيُّ نَعْمائِي وَمُنْتَهى مُنايَ وَغايَةُ رَجائِي فِي مُنْقَلَبِي وَمَثْوايَ».
ضمائر المخاطَب كلها موجهة لله،والتوحيد الخالص يتجلى في كل هذه النصوص التي يقرأها الزائر،وأما صاحب المرقد و ضريحه فليس سوى وسيلة فقط؛وسيلة للحصول من الله على البركة والصحة والرزق و السعادة الأبدية في الدنيا والآخرة.
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}
(37/سورة ق~)
✏️✏️✏️✏️✏️
☆الأمين العام
للمجمع القرآني الدولي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى