المقالات

اللاجئ العلمي \ د. محمد أمين الميداني

يتم التطرق إلى مفهوم اللجوء واللاجئين منذ عدة عقود. ونقرأ عن اللاجئ السياسي، واللاجئ الاقتصادي، واللاجئ المناخي. ونشهد اليوم نقاشاً عن «اللاجئ العلمي» وبخاصة بعد التوجهات الأخيرة للإدارة الأميركية الجديدة بخصوص الجامعات الأميركية العريقة ومراكز البحوث والدراسات التي أصبحت هدفاً لتقليص الدعم المالي الفدرالي والقيود المفروضة على العلماء والباحثين ومن بينها حرية التعبير واتخاذ المواقف بخصوص عدد من المفاهيم والحريات والأوضاع الاجتماعية. وتنتهز بعض البلدان الأوروبية الفرصة لجذب العلماء والباحثين ومن الولايات المتحدة الأميركية بالذات بقصد توفير المناخ المناسب لهم لمتابعة أبحاثهم وأعمالهم ومشاريعهم في القارة العجوز. وتأتي فرنسا في مقدمة هذه البلدان الأوروبية من خلال الدعوة التي وجهها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وبحسب ما جاء في صحيفة اللوموند الفرنسية الصادرة في 18 أبريل، للعلماء في العالم بقصد «اختيار» فرنسا وأوروبا، واقترح أيضاً موعداً للقاء بباريس في 5 مايو بقصد جذب الباحثين الأميركيين المهددة مشاريعهم في الولايات المتحدة الأميركية. كما تم إحداث منصة باسم «اختار فرنسا للعلم» كخطوة أولى استعداداً «لاستقبال العلماء الدوليين»، مع التركيز على مواضيع بحثية مهمة وحيوية مثل: الصحة، والمناخ، والتنوع البيولوجي، والرقمي، والذكاء الاصطناعي، والفضاء، والزراعة. وقامت بعض الجامعات الفرنسية بمبادرات علمية وعملية في هذا الخصوص، حيث وجهت على سبيل المثال جامعة مرسيليا بجنوب فرنسا الدعوة في شهر مارس المنصرم لعدد من العلماء والباحثين الأميركيين الذين من المتوقع وصول عدد منهم لفرنسا في يونيو المقبل في نطاق برنامجها «احجز مكاناً للعلم» وخصصت له ميزانية ما بين 600 إلى 800 ألف يورو لكل باحث ولمدة ثلاث سنوات. وبادر، من طرفه، الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند، الذي أعيد انتخابه نائباً في الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان)، بتقديم مشروع قانون لهذه الجمعية بقصد تأسيس وضع خاص لما سيُعرف باسم «اللاجئ العلمي» يسمح بجذب الباحثين الأميركيين المهددة أعمالهم ومشاريعهم في الولايات المتحدة الأميركية. والسؤال المطروح الآن: هل ستسعى الدول العربية وبخاصة الدول الخليجية بالإمكانات الاقتصادية والمالية والتقنية المتوافرة في جامعاتها ومراكزها البحثية لجذب هؤلاء العلماء والباحثين من القارة الأميركية وحتى من غيرها من القارات، وتوفر لهم الإمكانات والفرص للعمل فيها والاستثمار في جامعاتها ومشاريعها ومستقبل شبابها؟ ونرى بأنه يجب أن يرافق هذا السعي، سعي آخر لا يقل أهمية وهو التمهيد لعودة العقول المهاجرة إلى أوطانها ومتابعة العمل والبحث والانتاج في جامعاتها ومراكزها. لقد توقف العالم الجديد، ولو مؤقتا، عن جذب أصحاب الطموح والآمال العريضة والأحلام الكبيرة، ولم تعد أميركا في المخيلة أيامنا هذه كما كانت في النصف الثاني من القرن العشرين، ولعل الفرصة متاحة الآن للاستثمار والعمل والبناء في بلدانا العربية. * أكاديمي وكاتب سوري مقيم بفرنسا الأكثر قراءة غرفة الأخبار يوم الاسبوع الشهر 1 «الجهاز المركزي»: لا يوجد ما يُسمى بـ «البدون» 07-05-2025 | 17:03 2 ترامب يتجه لاعتماد تسمية «الخليج العربي» 08-05-2025 3 تقرير أقتصادي: الخطوط الكويتية… نسيت أم تناست هويتها؟ 08-05-2025 4 نقص في 6 مواد يمنح المُعلمين الكويتيين والخليجيين بدل «التخصص النادر» 07-05-2025 | 18:49 5 75 % من الدعاوى القضائية أقل من ألفي دينار 08-05-2025 6 فاطمة القلاف مديراً للجمارك «بالتكليف» 07-05-2025 | 15:11 7 مرافعة: دوائر الجنح وإرهاق القضاء 08-05-2025 دواء صيني فعّال لعلاج السرطان قد يفتح الاسواق العربية للصناعات الطبية الصينية تانغ لي print email whatsapp X facebook decrease increase نشر في 08 مايو 2025 في الثالث والعشرين من أبريل 2025، أحرز عقار إيفونيسيماب Ivonescimab، المعروف باسم AK11، وهو عقار صيني مضاد لسرطان الرئة، تقدمًا بارزًا، متفوقا على عقار تيسليليزوماب Tislelizumab المُطوّر من قبل شركة «Bei Gene»، وذلك في نتائج المرحلة الثالثة من التجارب السريرية لعلاج سرطان الرئة، حيث أثبت فعالية أعلى في مكافحة المرض.وقد سبق هذا الإنجاز معلمٌ لافتٌ آخر، حيث أُعلن خلال المؤتمر العالمي لسرطان الرئة أن «إيفونيسيماب» أصبح أول عقار يتفوق من حيث الفعالية الدوائية على عقار بيمبروليزوماب Pembrolizumab، المعروف تجاريا باسم كيترودا Keytruda وذلك في المرحلة الثالثة من التجارب السريرية. وفي مقال لها، وصفت صحيفة «وارتس تايمز» هذا الإنجاز بأنه «لحظة تماثل بزوغ ديبسيك، ولكن في قطاع التكنولوجيا الحيوية». وتقف وراء هذه الإنجازات المذهلة شركة آكيسوبيو (AkesoBio) الصينية للصناعات الدوائية الحيوية.روح «كسر الجليد» لدى شركة أدوية صينيةمنذ تأسيسها في عام 2012، حققت شركة آكيسوبيو نجاحات كبيرة تحت قيادة شيا يوي، الحاصلة على شهادة الدكتوراه في علم الأحياء الجزيئي والأحياء الدقيقة من جامعة نيوكاسل البريطانية، والتي سبق لها العمل في مجموعة بايير BAYER وشركة آبفي Abbvie. وقد ساهمت الشركة بقيادتها في ابتكار وتطوير أكثر من 30 علاجا جديدا، من أبرزها عقار كادونيليماب Cadonilimab (الجسم المضاد المزدوج لـ PD-1/CTLA-4)، واالذي حصل على موافقة الإدارة الوطنية للمنتجات الطبية في يونيو 2022 كعلاج لسرطان عنق الرحم في مراحله المتقدمة.وأظهرت نتائج المرحلة الثانية من التجارب السريرية أن عقار كادونيليباب (AK104) لعلاج سرطان عنق الرحم حقق معدل استجابة موضوعي (ORR) بنسبة 33.3 في المائة، مع متوسط بقاء على قيد الحياة (MOS)بلغ 17.3 شهرا، أي بزيادة قدرها 100 في المائة مقارنة بالعلاج الإشعاعي التقليدي. كما يتميز العقار بدرجة أمان عالية، حيث انخفصت الآثار الجانبية الخطيرة (من الدرجة الثالثة فما فوق) بنسبة 40 في المائة. ويُعزى ذلك إلى دقة تقنية Tetrabody في استهداف CTLA-4. أما من الناحية الاقتصادية، فقد انخفصت تكلفة العلاج بالعقار إلى 150 ألف يوان (اليوان الواحد يساوي 7.25 دولار أميركي)، أي ما يعادل 60 في المائة فقط من تكلفة العلاج باستخدام نظيره المستورد.ويعد هذا التطور الخارق ابتكارا تاريخيا قدمته شركة دوائية صينية في مجال علاج السرطانات المناعية. فقد استطاعت شركة آكيسوبيو من خلال تقنيتها المتميزة Tetrabody تجاوز الحاجز التقني الذي أقامته الشركات الدوائية الدولية الكبرى في مجال الأجسام المضادة ثنائية التخصص (Bispecific Antibodies). وبحلول نهاية عام 2023، كانت سبعة من منتجات شركة آكيسوبيو قد بلغت المرحلة الثالثة من الاختبارات السريرية، ومنها PD-1/VEGF AK112، وهو الأول من نوعه الذي يدخل هذه المرحلة من التجارب السريرية في العالم، وقد أظهر فعالية مبهرة بتحقيقه نسبة تخفيف واقعي بلغت 60 في المائة في علاج سرطان الرئة ذي الخلايا غير الصغيرة.أهمية إستراتيجية ثلاثية لنجاح آكيسوبيوأجمع المتخصصون على أن هناك أهمية إستراتيجية لنجاح شركة آكيسوبيو للصناعات الدوائية الحيوية بالنسبة لدول الجنوب العالمي، وتتمثل هذه الأهمية في النقاط الثلاث التالية:أولا، الفعالية الدوائية القوية تزيد الأمل في إطالة البقاء على قيد الحياة. فالإحصاءات تشير إلى أن 85 في المائة من وفيات سرطان عنق الرحم حدثت في الدول النامية. وقد ساعد طرح عقار AK104 في الأسواق على زيادة معدلات بقاء مريضات سرطان عنق الرحم على قيد الحياة من أقل من 20 في المائة إلى 35 في المائة، وهذا ما يعد أمرا بالغ الأهمية بالنسبة للمناطق التي تفتقر إلى الموارد الطبية.وقد أظهرت دراسة محاكاة أجرتها زيمبابوي مؤخرا أنه إذا تم تعميم العلاج بالعقار AK104، فسوف يتم إنقاذ حياة أكثر من 12 ألف امرأة سنويا.ثانيا، الصناعة الجديدة النمط تُسهم في تقليل تكلفة العلاج. فمن خلال «برنامج الصحة العالمي»، طرحت شركة آكيسوبيو مشروعا لمساعدة المرضى في منطقة جنوب شرق آسيا على خفض تكلفة العلاج السنوي إلى حوالي خمسة آلاف دولار، أي بانخفاض يصل إلى 70 في المائة مقارنة بنظيره غير الصيني. وتم تحقيق هذه التكلفة المنخفضة بفضل الابتكار في السلسلة الصناعية الكاملة، بدءا من زيادة فعالية بناء خطوط الخلايا بنسبة 30 في المائة، مرورا بزيادة إنتاج لوحدة باستخدام تقنية التربية الخاصة بمقدار خمسة أضعاف، وصولا إلى خفض الاستثمار في الممتلكات الثابتة من خلال تركيب ورش نموذجية بنسبة 40 في المائة.ثالثاً، المسعى الحثيث إلى التكنولوجيا. فمن خلال نمط تفويض التكنولوجيا والإنتاج المحلي، تعاونت شركة آكيسوبيو مع مؤسسة بحوث بوتانتان البرازيلية في تأسيس قاعدة إنتاج في ساو باولو خلال 18 شهرا لتنخفض بذلك تكلفة إنتاج العقار (AK105) إلى 150 دولارا للجرام، أي بانخفاض نسبته 80 في المائة مقارنة بنظيره غير الصيني. ويجري تطبيق هذه النموذج حاليا في أكثر من عشر دول أخرى.في هذا السياق، أشارت ماريا نيرا، الخبيرة في السرطانات الخبيثة بمنظمة الصحة العالمية، إلى أن «الشركات الدوائية الصينية تحدث تحولا في معادلة الوصول للأدوية المضادة للسرطانات الخبيثة في العالم. ففي عام 2022، ارتفعت حصة الأدوية الصينية في سوق الأدوية المضادة للسرطان في الدول النامية من 3 في المائة قبل خمس سنوات إلى 22 في المائة».أفق جديد للتعاون الصحي بين دول الجنوبمع مضي مبادرة الحزام والطريق قدما، أصبح التعاون في المجال الصحي بين الصين والدول العربية ودول الجنوب الأخرى يُشكّل ركيزتين إستراتيجيتين رئيستين:أولا، تطوير شبكة ابتكار تنسيقية. حتى الآن، أطلق المختبر الصيني الإماراتي المشترك في مجال الصيدلة والعلوم الطبية الحيوية سبعة مشاريع بحثية مشتركة، من أبرزها تطوير عقار (AK119) المضاد لسرطان الكبد المنتشر في منطقة الشرق الأوسط، والذي وصل إلى مرحلة الدراسات ما قبل السريرية. كما أفاد موقع chinairn.com المتخصص في أبحاث السوق بأن شركة آكيسوبيو تعاونت مع الشركة السعودية للصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية (سبيماكو) في إنشاء قاعدة لإنتاج الأدوية المعتمدة على الأجسام المضادة ثنائية التخصص، وطُرحت هذه الأدوية بأسعار أقل بنسبة 50 في المائة من نظيراتها الغربية، محققة إيرادات بلغت 230 مليون دولار.ثانيا، بناء منظومة رقمية للرعاية الصحية. من خلال التعاون مع شركة صينية تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي، يجري تنفيذ برنامج للكشف الذكي المبكر عن السرطان في مقاطعة البنجاب الباكستانية، مما أدى إلى خفض تكلفة فرز وتشخيص سرطان عنق الرحم من خمسين دولارا إلى خمسة دولارات، وزيادة نسبة التغطية من 12 في المائة إلى 68 في المائة. ويجري حاليا الترويج لنمط الحل المتكامل المتمثل في «الدواء المبدع + العلاج الذكي» في أكثر من ثلاثين دولة على طول الحزام والطريق.وبينما ستستفيد أعداد متزايدة من مريضات سرطان عنق الرحم في قرى الدول النامية مستقبلا من الأدوية التي طوّرتها شركة آكيسوبيو، من المتوقع أن يشهد نظام الرعاية الصحية في العالم تحولا جذريا؛ إذ إن التقدم في مجال الصيدلة الحيوية الصينية لا يسهم فقط في توفير خيارات علاجية جديدة، بل يُجسّد أيضا تطبيقا عمليا للمبدأ القائل إن «الحق في الصحة هو حق أساسي».ومع صعود عدد متزايد من الشركات الدوائية الصينية إلى الساحة الدولية خلال العقد المقبل، يلوح في الأفق نمط واعد من التعاون بين دول الجنوب، يقوم على الابتكار ويهدف إلى تحقيق التنمية المشترك لبناء مجتمع صحي ذي مصير مشترك للبشرية. وقد يشكّل نجاح شركة آسيكوبيو بداية لهذه الملحمة العظيمة. إقــرأ الـمــزيـد مرافعة: دوائر الجنح وإرهاق القضاء حسين العبدالله print

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

iPublish Development - Top Development Company in Lebanon
زر الذهاب إلى الأعلى